عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنَ الْفَرَاغِ الْهَنْدَسِيِّ
زَرَعَ هَشَاشَتَهُ وَانْسَحَبَ،
حَسِيرًا كَانَ يَمْشِي
لَمَّا جَانَفَهُ هَدِيلُ الْغِيَاب ..
فَتَرَكَ هُنَاكَ ظِلَّهُ مُتَنَاثِرًا
خَلْفَ أَسْوَارٍ قُزَحِيَّةٍ،
بُقْعَةُ ضَوْءٍ فِي كَفِّهِ امْتَقَعَتْ
فَنَبَسَ كَالطَّيْفِ بِأَدْنَى أَلْوَانِهِ
ثُمَّ رَدَّدَ بَعْدَ أَنْ شَجَّهُ الاحْتِمَال:
«ذَلِكَ الإمْكَان … أَ تُرَاب أَمْ سَحَاب؟»
«هُمَا صِنْوَان!»
قَالَتْ شَظَايَا طُحْلُبٍ
نَاءَ بِهِ طِلاءُ نَافِذَتَيْنِ.
بَعِيدًا فِي حُقُولِ الْمُفَارَقَةِ
أَلْفَى فَاكِهَةَ الشُّغُورِ ذَاوِيَةً
بَعْدَ أَنْ دَاسَتْ حَمَأً وَسْنَان،
فَأَرْجَأَ بِفُتُورٍ بَشَاشَتَهُ
إِلَى مَا بَعْدَ آخِرِ السُّفُور
إِذْ حَيْثُمَا تَرَجَّلَ بِمَعِيَّةِ صَمْتِهِ
زَلَفَ جَزُوعًا إِلَى شَفَا الشُّهُود،
كَاللامُبَالاة بَيْنَ رَغْبَتَيْنِ
مَا فَتِئَ يَتَبَاعَدُ زُمَرًا
بَيْنَ أَكِنَّةِ التَّيْهِ الذَّرِيِّ،
يُدَانِي سَدِيمَ الأَشْيَاء
ويَصْبُو وَهُوَ كَظِيم
إِلَى ثُقْبٍ نَسِيَهُ الْوُجُود،
لَكِنَّهُ دُونَ حُسْبَان تَبَدَّدَ زُبَرًا
ثُمَّ انْكَتَمَ
مِثْلَ غَيْمَةٍ تَمْرُقُ مِنَ الظُّنُون،
كَانَتْ وَحْشَةُ التَّشَابُهِ قَدْ أَعْيَتْهُ
فَتَدَحْرَجَتْ هَوْنًا
فِي غَفْلَةٍ مِنْهُ سَحْنَتُهُ
صَوْبَ تَبَاشِيرِ الانْكِشَاف،
إلا أَنَّهُ كَفَّ عَنْهَا التَّرَائِي
فانْكَفَأَتْ عَنِ الْيَقِينِ شَزَرًا
إِلَى أَنْ تَصَلَّبَ الْخَوَاءُ الافْتِرَاضِيُّ
فَتَخَضَّبَ عُرْيُهُ بِالسُّكُون،
أَمْدَاءُهُ نُكْرًا تَفَلَّتَتْ
مِنْ مَرَايَا الإدْرَاكِ الْمُدَجَّجِ بِالْغُرُوب
ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَرَاكَبْ ضَجَرًا
الزَّوَالُ الْمُنَضَّدُ صُدْفَةً
عَلَى احْتِجَابِهِ الثُّنَائِيِّ
لَصَارَ مَسْلُوبَ الْجُمُود،
مِنْ فَيْضِ الْخَفَاءِ الْمُزْمِنِ
هَسْهَسَتْ فِي نَفْسِهِ نَوَاقِضُ الْوُقُوب
لَعَلَّهُ يَنْجُو مِن اِنْتِقَابِ تَدَفُّقِهِ
لَكِنَّ انْتِصَابَ تَمَحُّقِهِ غَمَرَ لا شَيْئَهُ
حَتَّى إِذَا تَلَوَّنَتْ ظِلالُهُ
أَفْرَغَ طُولَ تَمَوُّجِهِ هَدَرًا
فِي ثَنَايَا الْهَبَاءِ الْمَصْفُوف،
وَعِنْدَمَا جَلَسَ كُلُّهُ بِلا تَرَدُّد
يَسَارَ فُوَّهَةِ الارْتِيَاب
ضَجَّتْ سَكَنَاتُهُ عَلَى التَّوَالِي
ثُمَّ انْحَلَّتْ فِي رَجِيفِ الانْهِيَارِ،
مَا مَنَعَهُ حِينَئِذٍ مِنَ التَّجَسُّد
سِوَى انْبِثَاقِ الانْتِظَارِ بَطَرًا
فِي أَبْعَاضِ الْخُلُوِّ الْمُتَرَهِّل،
بَصِيصًا مِنَ الْمَغِيبِ تَوَسَّد
إِثْرَ انْجِلاءِ ثُمَالَةِ التَّوَاجُدِ
عَنْ مَا تَبَقَّى مِنْ فُتَاتِ مَاهِيَتِهِ
كَأَنَّهَا غَوَاشٍ تُنَاوِشُ الانْفِطَار،
نَادَى زَمَنَهُ الْمُتَشَابِكَ كَدَرًا:
«لِمَ الْوَجْدُ أَيُّهَا الْفَقْدُ
وَقَدْ آنَ نَفِيرُ الْمَحَاق؟
وَعَلامَ التَّرَدُّدُ والْخَلاءُ يَتَرَصَّدُ
فَجَوَاتٍ تَمُورُ فَوْقَ الْبَنَفْسَجِ؟
لا انْفِكَاكَ إِذَنْ …
سَأَخْلَعُ عَنِّي وَجَعَ التَّجَلِّي
وَأَنْقَعُ قَلْبِي فِي مَوْجَةٍ مُتَوَارِيَة
وَمَعَهُ ثَوْبِي الْمُنْطَفِئَ حَذَرًا
مِثْلَ لَوْنِ السَّمَاءِ الْعَارِيَة».
مِيكَانِيكَا الْعَدَم

الكاتب : خالد أمزال
بتاريخ : 26/09/2025