ناقشت الوظيفة العقابية ودور المحاكم المالية في تدبير المال العام .. الرقابة والعقاب في زمن الشفافية محور ندوة مهمة بكلية الحقوق بالمحمدية

في إطار انفتاح الجامعة على القضايا الوطنية ذات الراهنية، نظم مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، درسًا أكاديميًا حول موضوع «الوظيفة العقابية للمحاكم المالية»، وذلك يوم الجمعة 20 يونيو، بحضور ثلة من الأساتذة، الطلبة، وممثلي الهيئات القضائية والرقابية.

 

كانت كلية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية على موعد فكري وقانوني متميز، افتُتحت أشغاله بكلمتين ترحيبيتين لكل من الدكتور عمر الشرقاوي أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بنفس الكلية ومسير اللجنة، والدكتور سعيد خمري مدير مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بهذا الصرح الجامعي، عبّرا من خلالهما عن أهمية هذا اللقاء العلمي في تعزيز النقاش حول الحكامة المالية وتطوير فهم الطلبة والباحثين لوظائف المحاكم المالية. وعلى نفس المنوال سار الأستاذ إبراهيم بن به، وكيل الملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، في كلمته الذي نوه بمبادرة الانفتاح الأكاديمي وأشاد بدور الجامعة في إشاعة ثقافة الرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
المحاكم المالية
كجهاز قضائي ورقابي

انصبت أشغال الندوة حول تحليل الوظيفة العقابية للمحاكم المالية ودورها في تحسين التدبير المالي العمومي، حيث أبرز المحاضر بأن هذه المؤسسات وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، لا تقتصر في عملها على الدور الرقابي فقط، بل هي تمارس وظيفة قضائية تهدف إلى زجر المخالفات المرتبطة بتدبير الأموال العمومية، من خلال آلية التأديب المرتبط بالميزانية والشؤون المالية.
وقدم المتحدث خلال النقاش شرحا متعلقا بنظام المسؤولية المالية أمام المحاكم المالية، باعتباره نظاما خاصا ومتميزا عن باقي أنواع المسؤوليات (الجنائية أو الإدارية أو المدنية)، نظرا لطبيعته التأديبية وللأطراف التي يطالها، والتي تشمل أساس المحاسبين العموميين وبعض المسؤولين الإداريين.
تعزيز الاستقلالية والردع العام

وشهدت الندوة كذلك التطرق إلى التطورات الدستورية التي عرفها المغرب في هذا المجال، حيث أكد المتدخلون أن دستور 2011 جاء ليعزز استقلالية المحاكم المالية، من خلال دسترتها باعتبارها مؤسسات دستورية مستقلة مكلفة بحماية المال العام. كما تم التأكيد على ثنائية الاختصاصات التي تميز هذه المحاكم، التي تتوزع ما بين اختصاصات قضائية (كإصدار الأحكام في مجال التأديب المالي) وأخرى غير قضائية (كالرقابة البعدية على تنفيذ الميزانيات)، مما يجعلها جهازا مركزيا في منظومة الرقابة العمومية.
وشدد الحاضرون في نقاشهم لهذا الشقّ على أن نشر المقررات القضائية للمحاكم المالية يُعتبر أحد الآليات المهمة في تعزيز الردع العام، وترسيخ مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما أنه يساهم في توعية الرأي العام بحدود ومخاطر سوء تدبير المال العام.
انفتاح على الجامعة

هذا ومن أبرز ما تم التوقف عنده خلال اللقاء، هو سعي المجلس الأعلى للحسابات للانفتاح على الجامعة المغربية، من خلال المشاركة في اللقاءات العلمية، وتشجيع البحث الأكاديمي في مجالات الحكامة المالية، بما يسهم في تكوين جيل جديد من الباحثين والخبراء في مراقبة المال العام.
ويأتي هذا اللقاء الأكاديمي في سياق وطني يتميز بتنامي الوعي المجتمعي بأهمية حماية المال العام، وبضرورة تعزيز فعالية الأجهزة الرقابية والقضائية. وشكل الحدث مناسبة علمية متميزة أغنت النقاش القانوني حول المحاكم المالية، وأكدت على ضرورة استمرار التعاون بين الجامعة ومؤسسات الدولة من أجل مغرب تسوده الشفافية والمحاسبة.


الكاتب : لمياء الرايسي

  

بتاريخ : 24/06/2025