زعيم المعارضة الإسرائيلية: وقف إطلاق النار في لبنان وعودة إلى الحديث عن حل الدولتين!
زعيم المعارضة الإسرائيلية يقدم التزاما إسرائيليا يحدد مستقبل الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار حل الدولتين، وفي قلب خطته سيناقش مؤتمر إقليمي تعميق العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول اتفاقات التطبيع
التعهدات الأمريكية في رسالة اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان متعلقة بضمان حرية العمل الإسرائيلي بحال عدم تنفيذ الاتفاق في لبنان، وضمان حق إسرائيل في استئناف القتال في حالة حدوث انتهاك
شدد الكاتب في صحيفة «واشنطن بوست» ديفيد إغناطيوس، على أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي «يمثل نجاحا مهما للدبلوماسية الأمريكية بعد أشهر من المحاولات غير المثمرة»، مشيرا إلى أنه قد يفتح الطريق أمام مكاسب دبلوماسية أوسع في المنطقة التي وصفها بأنها «ساحة حرب».
وأوضح الكاتب أن الاتفاق الذي توصل إليه بعد مفاوضات معقدة قادها المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، يعد أول خطوة للبنان نحو استعادة سيادته الحقيقية منذ عقود.
وأشار الكاتب إلى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصف الاتفاق بأنه «انتصار لإسرائيل» في بيان له مساء الثلاثاء الماضي، زاعما أن الحرب على لبنان أعادت حزب الله «عقودا إلى الوراء».
من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الصفقة من البيت الأبيض، معتبرا إياها نجاحا كبيرا للدبلوماسية الأمريكية في منطقة مليئة بالتحديات.
وأوضح بايدن أن الجهود لا تزال مستمرة للتوصل إلى هدنة في غزة، مشيرا إلى أن فريقه يعمل أيضا على تحقيق تقدم في تطبيع العلاقات بين الاحتلال والسعودية، الأمر الذي سيكون في حال تحقق «جوهرة التاج الدبلوماسية» لنتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حسب الكاتب.
وأضاف بايدن أن تطبيع العلاقات بين «إسرائيل» والسعودية قد يتضمن «مسارا موثوقا به» نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو مطلب لطالما تسبب في تعثر الاتفاقات السابقة، حسب الكاتب.
ومع ذلك لا تزال الحرب في غزة طاحنة، حيث تعهد نتنياهو بإكمال مهمة «محو حماس»، لكنه يواجه هناك مشكلة كبيرة، نظرا لغياب خطة اليوم التالي بعد توقف القتال في غزة.
وعلى صعيد لبنان، أشار إغناطيوس إلى أن الصفقة تنص على نشر الجيش اللبناني في مناطق جنوب البلاد التي كانت خاضعة لسيطرة حزب الله خلال الستين يوما المقبلة، على أن ينسحب جيش الاحتلال من تلك المناطق.
وأضاف الكاتب أن «الجيش اللبناني يعتبر إحدى المؤسسات الوطنية القليلة التي لا تزال تحافظ على تماسكها في بلد يعاني من انقسامات طائفية عميقة».
ونقل الكاتب عن مسؤول أمريكي وصفه بالكبير، قوله إن «هذه هي اللحظة المناسبة للبنان لاستعادة سيادته على أراضيه». ومع ذلك، رفض المسؤول الإجابة على أسئلة تتعلق بدور سوريا في الحد من تهريب الأسلحة إلى حزب الله مستقبلا، قائلا إن هذا الأمر “سيُناقش في وقت لاحق”.
وأوضح الكاتب أن الاتفاق يتضمن بندا يمنح كلا الطرفين الحق في الدفاع عن النفس حال انتهاك الشروط. وإذا عادت عناصر حزب الله إلى جنوب لبنان وبدأت التحضير لهجوم، فسيتم إحالة المسألة أولًا إلى لجنة مراقبة برئاسة الولايات المتحدة. وفي حال فشل الجيش اللبناني في السيطرة على الوضع، سيكون لـ»إسرائيل» الحق في التدخل.
ورغم أن إيران لم تكن طرفًا مباشرًا في المفاوضات، إلا أن الكاتب نقل عن مسؤول خليجي، قوله: «بالطبع كانت هناك بعض الاتصالات الخلفية مع إيران».
وأضاف مسؤول أمريكي آخر أن الولايات المتحدة وإيران تبادلتا رسائل غير رسمية بانتظام، موضحًا أنه «لو كانت إيران تعارض هذه الصفقة، لما حدثت».
وفي مقابل الحديث عن النجاح، حذر إغناطيوس من التحديات المستقبلية، خاصة أن لبنان يواجه تحديات ضخمة لإعادة بناء مؤسساته والحفاظ على وحدة جيشه. ونقل عن الصحافي اللبناني مايكل يونغ قوله: «الاتفاق بعيد عن الكمال، لكن البدائل أخطر بكثير، وقد يصمد الاتفاق لأنه يخدم مصلحة الطرفين».
وأشار الكاتب إلى أن إسرائيل قد تكون مستفيدة من نجاح الجيش اللبناني في فرض سيطرته على جنوب البلاد، رغم أن بعض القادة الإسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو، قد لا يدركون ذلك. واعتبر أن «السيادة اللبنانية كانت عرضة للتآكل لعقود بسبب السماح للميليشيات باستخدام أراضيه»، على حد قوله.
واختتم إغناطيوس مقاله بالإشارة إلى أن الشرق الأوسط لا يزال «مسرحا للحروب»، لكن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يمثل بصيص أمل لإنهاء كابوس الصراع المستمر. وأضاف أن الدور الأمريكي في إتمام هذا الاتفاق قد يعزز مكانة واشنطن كوسيط دبلوماسي في المنطقة، وسط تحديات لا تزال قائمة على أكثر من جبهة.
عودة إسرائيلية مفاجئة للحديث عن حل الدولتين
لأول مرة منذ اندلاع الحرب العدوانية على غزة، يتجرأ زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس الحكومة السابق يائير لابيد على العودة إلى حل الدولتين كجزء من خطة شاملة لإنهاء الحرب، وتحقيق استقرار إقليمي طويل الأمد، مع بقاء السؤال عما إذا كان لا يزال هناك مشترون في صفوف الاحتلال لهذا الأفق السياسي الذي يقدمه.
تال شنايدر مراسلة موقع «زمن إسرائيل» العبري، قالت إنه «للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، يطرح لابيد على شفاهه المصطلح الذي يكرهه الإسرائيليون حل الدولتين، لإنقاذ إسرائيل من المستنقع السياسي العميق الذي تجد نفسها فيه، وقد وصل حدّ التسونامي السياسي، الذي سخر منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كثير من الأحيان لسنوات، لكنه اليوم يهدد بإغراق الدولة».
وأضافت ، أن «دعوة لابيد المفاجئة حول حل الدولتين جاءت في خطاب ألقاه قبل أيام بمؤتمر لمعهد ميتافيم للدراسات الإقليمية، بالتزامن مع خشية نتنياهو ووزير حربه المقال يوآف غالانت من زيارة 124 دولة بسبب مذكرات الاعتقال الصادرة بحقهم من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وتخشى النخبة السياسية أن تمتد المذكرات قريبا لوزراء وجنرالات آخرين، فيما ألغى وزير الخارجية غدعون ساعر زيارة وزير الخارجية الهولندي لإسرائيل بسبب تأييد القرار القضائي الدولي».
وأشارت إلى أن «لابيد يعتقد أنه حتى إدارة دونالد ترامب الجديدة، التي ستدخل البيت الأبيض بعد شهرين، لن تستطيع إنقاذ إسرائيل من كل هذه المشاكل، مع العلم أن علاقاتها مع الدول الأوروبية مهمة للغاية، ومع ذلك فهي تتعرض لخطر الانتكاسة بسبب سياسة الحكومة الحالية».
وأوضحت أنه «رغم أن لابيد خدم نحو عام فقط وزيراً للخارجية وعام ونصف رئيساً للوزراء، لكن اليوم باعتباره يمثل أكبر كتلة من الناخبين المعارضين لنتنياهو، فهو قادر على مراقبة الأمور من الخارج، ومحاولة إنقاذ الدولة انطلاقا من خطته السياسية، لأنه ينظر لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، والافتراض السائد للجميع بأن السعودية لن توافق على أن تكون جزءا من ترتيب إقليمي دون أن تبدي إسرائيل استعدادا للمضي قدما نحو حل الدولتين، مع أن المملكة لا تطالب بنتيجة سياسية محددة، بل تطلب فقط من الاحتلال أفقا سياسيا؛ لكن اليمين الإسرائيلي غير مستعد للتخلي حتى عن الجزء الأخير منه».
وأكدت أن «لابيد قطع شوطا طويلا في خطته، فهو يقدم التزاما إسرائيليا بعدم ضمّ الأراضي المحتلة، بل وينشر بيانا يحدد فيه مستقبل الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار حل الدولتين، وفي قلب خطته سيناقش مؤتمر إقليمي تعميق العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول اتفاقات التطبيع، بما فيها السعودية، وصولا إلى نموذج قمة النقب التي جمعت تلك الدول المطبّعة، من خلال لجان مهنية ستقود الاستثمارات والتنمية المشتركة، لتهيئة الظروف للفصل المستقبلي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفقا لمبدأ الدولتين، مع مراعاة إصلاح كبير في السلطة الفلسطينية وحماية المصالح الأمنية الإسرائيلية، مع تعهد إسرائيلي بعدم ضم الضفة الغربية، والتزام فلسطيني بمكافحة العنف والتحريض عليه».
وأضافت أن «المناخ السائد اليوم لدى الجمهور الإسرائيلي، يشير إلى أن أي حديث عن حل الدولتين يتطلب بالتأكيد الشجاعة، ويدرك لابيد أنه من الآن فصاعدا سيكون عرضة لوابل من اللعنات والافتراء من اليمين بكل تياراته، مع العلم أن نقطة البداية لديه يجب أن تكون الاتفاق على إنقاذ المختطفين، ومن هناك يتم بناء استراتيجية دائرية تتمثل بإنقاذ وإعادة تأهيل غزة من خلال لجنة دولية تشكلها السلطة الفلسطينية، مفترضاً أن اتفاق وقف إطلاق النار سيكون ساري المفعول».
ويصل لابيد في خطته إلى الحديث عن «عقد مؤتمر دولي، وصولا لتشكيل كتلة من الدول التي ستدعم إسرائيل ضد إيران، تمهيدا لإنقاذها من التسونامي السياسي الحالي، والتعامل مع المطالبات بشأن ارتكابها جرائم حرب في المؤسسات الدولية، إذا شرعت في طريق المبادرات والعلاقات الإقليمية، وخرجت عن طريق العزلة والضم، معتبرا أن الحروب الطويلة تؤذيها، وهي سيئة لاقتصادها، وتتسبب بإصابات خطيرة لجنود الاحتياط، والمختطفون يموتون في أنفاق غزة، ومعهم يموت الضمان المتبادل والتضامن الإسرائيلي».
وختمت بالقول إنه «حان الوقت للتحرك الدبلوماسي، لأنه لا يوجد نصر عسكري دون تحرك سياسي، وبدلا من النصر المطلق، يمكن الحديث عن نصر استراتيجي، لأن فوز دونالد ترامب فرصة لإسرائيل، صحيح أن اتجاهه في العمل غير واضح، رغم أن كبار موظفيه متحمسون للضمّ، لكن لابيد يفترض أنه سيحاول العودة، إلى حد ما، إلى صفقة القرن، وهي نفس الخطة التي سيقام عند اكتمالها حل الدولتين».
صحيفة: «الرسالة الأمريكية» ستبقى سرية
أكدت صحيفة إسرائيلية، أول أمس الأربعاء، أن «الرسالة الجانبية الأمريكية المرتبطة باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ستبقى سرية، ولن يتم نشرها إلى العلن»، وفق ما نقلته عن مسؤول سياسي بعد اجتماع مجلس الوزراء.
وأوضحت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «الرسالة متعلقة بضمان حقوق إسرائيل في حال انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أنه تم عرض مضمون الرسالة على الوزراء في الاجتماع الأخيرة، قبل المصادقة على «الهدنة» مع حزب الله.
وتابعت: «التعهدات الأمريكية متعلقة بضمان حرية العمل الإسرائيلي بحال عدم تنفيذ الاتفاق في لبنان»، مبينة أنه «تم الحصول على الخطاب في محادثات طويلة بين وزير الخارجية والإدارة الأمريكية، واعتبره مسؤولون ورئيس الحكومة إنجازا مهما، وضمانا لحق إسرائيل في استئناف القتال في حالة حدوث انتهاك».
وذكرت أنه «تم عرض محتوى الخطاب على الوزراء في جلسة الكابينت الأخيرة، وأفادوا بأنه مفصل ويغطي مختلف الحالات التي قد يتوقف فيها تنفيذ الاتفاق. ومع ذلك، يشير المسؤولون في إسرائيل الآن إلى أن الخطاب الذي تم التوصل إليه في نهاية ولاية بايدن سيظل سريًا، وبالتالي فلا تعرف ما هي قيمته».
وأشارت الصحيفة إلى أنه «في الماضي، تنصلت الإدارات الأمريكية الجديدة من التزامات سابقة لأسلافها، كما حدث مع رسالة الرئيس بوش التي رافقت الانسحاب من غزة عام 2005».
وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال في الساعة الرابعة من فجر يوم الأربعاء الماضي بالتوقيت المحلي للبنان. ودعا جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان جنوب لبنان إلى عدم التحرك صوب القرى المخلاة.
وقالت هيئة البث العبرية، إن الجيش سيخطر سكان جنوب لبنان بالموعد الآمن لعودتهم.
من جانبه، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانييل هاغاري، إنه مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ سيبقى الجيش منتشرا في مواقعه داخل جنوب لبنان.
بدوره، أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أن «اتفاق وقف إطلاق النار مفيد لإسرائيل ولبنان وأمن المنطقة، وهو لحظة تاريخية»، مضيفا أن «الاتفاق سيمكن عشرات آلاف المدنيين بلبنان وإسرائيل من العودة لمنازلهم ووقف العنف والدمار».
وقال: «دعمنا قوي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران»، وأضاف: «سنتشاور مع شركائنا الدوليين لدعم تنفيذ وقف إطلاق النار».