تنطلق اليوم الثلاثاء 13 ماي 2025، فعاليات الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، لتستمر حتى الرابع والعشرين من الشهر نفسه.
وقد حج إلى مدينة كان الفرنسية نخبة من ألمع نجوم وصناع السينما في العالم، الذين قدموا للمشاركة في فعاليات هذا الحدث السينمائي السنوي الذي يعد من أبرز وأعرق المحافل الدولية في عالم الفن السابع.
ويترقب الجمهور عودة النجم توم كروز إلى البساط الأحمر بعد غياب دام ثلاث سنوات منذ عرض فيلمه «Top Gun: Maverick». وسيُعرض فيلمه الجديد «Mission: Impossible – The Final Reckoning» ضمن فعاليات المهرجان ولكن خارج إطار المنافسة الرسمية، وسط آمال واسعة بتكرار النجاح التجاري الهائل الذي حققه الجزء السابق.
كما سيشهد المهرجان تكريما خاصا للأسطورة روبرت دي نيرو، حيث سيمنح السعفة الفخرية الذهبية تقديرا لمسيرته الفنية المضيئة، وذلك قبل عام من الاحتفال بالذكرى الخمسين لفوز فيلمه الشهير «Taxi Driver» بجائزة السعفة الذهبية.
ويعود المخرج سبايك لي بفيلمه الجديد الذي سيعرض أيضا خارج المنافسة، ويحمل بطولة النجم دنزل واشنطن.
وتتميز هذه الدورة بحضور نسائي قوي في المنافسة على جائزة السعفة الذهبية، حيث تتنافس سبع مخرجات على الجائزة الكبرى.
في المقابل، يغيب المغرب بشكل رسمي عن قائمة الأفلام المشاركة في المهرجان، سواء في المسابقة الرسمية أو الأقسام الموازية.
هذا الغياب اللافت، الذي يأتي بعد سنوات من الحضور المغربي الذي وصف بالمتألق على السجادة الحمراء، أثار موجة من الاستياء والتساؤلات العميقة في الأوساط الفنية والثقافية المغربية.
وقد اعتبر فنانون ونقاد هذا الغياب بمثابة ضربة قوية لمسار السينما المغربية، خاصة بعد النجاحات التي حققتها بعض الأعمال المغربية في السنوات الأخيرة على المستوى الدولي.
وقد رأى الناقد السينمائي إدريس القري أن حجم الدعم العمومي المخصص للسينما في المغرب «أسطوري» مقارنة بدول الجوار وحتى بعض الدول الأوروبية.
ورغم ذلك، أكد القري أن هذا الدعم وحده لا يكفي لبناء صناعة سينمائية قادرة على المنافسة والولوج المنتظم إلى أكبر المحافل الدولية كمهرجان كان، مشيرا في تصريحات صحفية إلى غياب إرادة سياسية مماثلة لتلك التي أثمرت نتائج إيجابية في قطاعات أخرى.
من جهته، يرى الناقد أحمد السجلماسي أن الإنتاج السينمائي المغربي شهد طفرة كمية ملحوظة، حيث أنتج المغرب 40 فيلما طويلا في عام 2024، لكن دون أن يواكب ذلك تطور نوعي ملموس.
وأوضح السجلماسي أن التركيز على الأعمال الكوميدية ذات النجاح التجاري السريع قد يكون عائقا أمام التنوع الإبداعي المطلوب للمنافسة على الجوائز في المهرجانات الكبرى.
ويتفق العديد من النقاد على أن السينما المغربية بحاجة ماسة إلى دعم منظم ومستدام، وإلى رؤية إستراتيجية واضحة تضع القيمة الإبداعية في صلب أولوياتها، بدل الاكتفاء بالأنماط التي تحقق أرباحا على شباك التذاكر.
ويثير هذا الغياب المتكرر عن مهرجان «كان» تساؤلات حول ما إذا كانت هذه اللحظة ستكون فرصة حقيقية لإعادة النظر في سياسة الدعم السينمائي وإطلاق رؤية جديدة تعيد للسينما المغربية بريقها وتمكنها من المنافسة بقوة في المحافل الدولية.
وأعلن المهرجان أنه سيترأس لجنة تحكيم الدورة الحالية النجمة الفرنسية جولييت بينوش، التي تتمتع بمكانة مرموقة على الساحة السينمائية العالمية وتعرف بمواقفها السياسية الواضحة،وتضم اللجنة في عضويتها نخبة من الفنانين العالميين، من بينهم الممثلة الأميركية هالي بيري، والروائية الفرنسية المغربية ليلى سليماني، والمخرج المكسيكي كارلوس ريغاداس، وغيرهم.
وتشهد المسابقة الرسمية للمهرجان تنافس 21 فيلما على جائزة السعفة الذهبية، من بينها فيلم «Jeunes meres» للأخوين البلجيكيين جان بيار ولوك داردين، وفيلم «Alpha» للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو، وفيلم «The Phoenician Scheme» للمخرج الأميركي ويس أندرسون الذي يضم كوكبة من النجوم مثل بينيسيو ديل تورو وميا ثريبلتون.
كما تشهد المسابقة مشاركة مخرجين يقدمون أفلامهم للمرة الأولى في المهرجان، مثل الأميركي آري أستر بفيلم «Eddington» والفرنسية من أصل تونسي حفصية حرزي بفيلم «La Petite Derniere».
لا يقتصر مهرجان «كان» على الجانب الفني فحسب، إذ من المتوقع أن تلقي الأحداث الجيوسياسية العالمية بظلالها على فعالياته. كما يترقب صناع السينما بقلق إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية على الأفلام «المنتجة في الخارج»، وما قد يحمله هذا القرار من تأثيرات على مستقبل الإنتاجات السينمائية العالمية وتوزيعها. مهرجان كان السينمائي محطة سنوية حاسمة لالتقاء صناع السينما والجمهور من مختلف أنحاء العالم، ومنصة لاستكشاف أحدث الإبداعات السينمائية ومناقشة القضايا التي تشغل عالمنا المعاصر، بما في ذلك التحديات التي تواجه صناعات السينما الوطنية مثل السينما المغربية.