نحو كورنيش يليق بالبيضاويين : الدار البيضاء تطلق حملة كبرى لإنهاء فوضى كورنيش عين الذئاب

 

تسابق الدار البيضاء الزمن للقطع مع حالة الفوضى العمرانية واحتلال الملك العمومي التي عانى منها كورنيش الدار البيضاء لسنوات طوال.
ففي إطار مشروع يهدف إلى إعادة الاعتبار للواجهة البحرية للمدينة وتحويلها إلى فضاء حضري متكامل يليق بمكانتها كعاصمة اقتصادية وسياحية للمملكة ، بدأت السلطات المحلية وبتنسيق مع فرق الأمن ومصالح الجماعة الحضرية وشركة «الدار البيضاء للتهيئة» حملة هدم منشآت عديدة منذ بداية شهر أكتوبر من بينها منتجع “بارادايز” الشهير، بالإضافة إلى فضاءات ترفيهية ومقاه كانت تحتل أجزاء من الملك العمومي البحري وأخرى لم تحترم التصاميم الأساسية.
ورغم أن هدم مقاه ومسابح ارتبط بها عدد من البيضاويين لأنها شكلت جزءا من ذكرياتهم الجماعية، كما أن أصحابها لم يستسيغوا هدم منشآتهم ومقاهيهم معتبرين أن قرارات الهدم غير قانونية في حين تساءل العمال عن مآلهم بعد أن أصبحوا بين ليلة وضحاها عاطلين عن العمل، إلا أن السلطات بالدار البيضاء رأت فيها خطوة ضرورية لإعادة تأهيل هذا الفضاء وتحديث بنيته التحتية، في إطار مشروع يهدف إلى تحسين جمالية المدينة وتنظيم مجالها الحضري بما يواكب تطورها المتسارع والقطع مع مظاهر احتلال الملك البحري دون سند قانوني.
ووصلت عجلة الهدم، أول أمس الاثنين 27 أكتوبر 2025، إلى مطعم «لا فيراندا» على الكورنيش، حيث باشرت الجرافات عملية الهدم بحضور عناصر الأمن والقوات المساعدة وأعوان السلطة. الهدم جاء تنفيذا لقرار السلطات المتعلقة بخروقات التعمير واحتلال الملك البحري، بعد معاينة سابقة في يونيو 2025 أشارت إلى وجود مطعم ومقهى جاهزين على طابق تحت أرضي ومساحة خضراء، تقع في منطقة محرمة للبناء حسب تصميم تهيئة مقاطعة أنفا. لكن مصادر من مالكي المطعم أوضحت أن المشروع كان قائما قبل 2018 باسم آخر، وأن ما تم بعد كرائه هو تحسينات داخلية فقط، دون أي إنشاء بنائي جديد أو توسع غير مرخص.
كورنيش الدار البيضاء الذي يعد نقطة جذب كبيرة للبيضاويين وزوار المدينة خصوصا في نهايات الأسبوع والعطل لكونه كان منذ القديم فضاء مفتوحا للتنزه والاستجمام قرب البحر، والاستمتاع بنسيم المحيط الأطلسي، وكذا الاستفادة مما يوفره من فضاءات ترفيهية متنوعة تجمع بين المقاهي ومسارات المشي وألعاب الأطفال، لم يسلم من مظاهر الفوضى والاختلالات العمرانية التي أدت إلى بروز منشآت وبنايات شوهت جماليته، وغيرت ملامحه الأصلية التي كانت تشكل رمزا من رموز المدينة الساحلية.
هذا ويندرج برنامج تهيئة كورنيش الدار البيضاء ضمن رؤية حضرية شاملة تروم جعل الواجهة البحرية للدار البيضاء نموذجا في الجمال والنظافة والتنظيم، بما يتماشى مع مشاريع المدينة الكبرى في النقل، والبنيات التحتية، والتحضير للمواعيد الدولية المقبلة، وعلى رأسها تنظيم كأس العالم 2030 الذي سيجعل من العاصمة الاقتصادية إحدى أبرز الواجهات السياحية للمغرب.
هذه العملية رافقها وضع تصور جديد للكورنيش يشمل إنشاء ممرات للمشاة ومسارات خاصة بالدراجات الهوائية، ومناطق خضراء، ومرافق للراحة والترفيه، فضلا عن تحسين البنية التحتية المتعلقة بالصرف الصحي ومعالجة المياه الرمادية التي كانت تتسرب إلى البحر في بعض النقاط. ويعتبر مهتمون بالشأن البيضاوي أن هذا المشروع الطموح يرتبط نجاحه بإنجازه في الوقت المحدد مع الحرص على جودة الأشغال واستدامة صيانتها .
كما أن مسألة تسيير الفضاء بعد التهيئة تعد أحد أبرز التحديات، حيث يشدد العديد من المراقبين على ضرورة وضع آلية واضحة لإدارة الكورنيش وصيانته، وحمايته من أي عودة للاحتلالات العشوائية.
الساكنة البيضاوية تطمح إلى أن يتحول كورنيش عين الذياب الذي يحتل مكانة هامة في ذاكرتهم الجماعية إلى ملاذ متميز ووجهة مضيئة تزيد من إشعاع المدينة، وتروي حكاية تجددها المستمر والمتواصل رغم كل التحديات، حتى تظل الدار البيضاء مخلصة دائما لنبضها الحضاري وروحها البحرية التي كانت وستبقى سر تميزها وفرادتها.


الكاتب :   خديجة مشتري /   تصوير : هيثم رغيب

  

بتاريخ : 29/10/2025