ندوة الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي بالحسيمة تناقش العدالة الاجتماعية بالمغرب في ظل ارتفاع الأسعار

في ظل الارتفاع المستمر للأسعار وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين، نظمت الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالحسيمة، يوم السبت 22 مارس 2025، ندوة تحت عنوان “العدالة الاجتماعية بالمغرب في ظل ارتفاع الأسعار: بين المسؤولية العمومية والمبادرات التضامنية”، بمشاركة مجموعة من الفاعلين السياسيين، الاقتصاديين، وممثلي المجتمع المدني.
أطر أشغال الندوة سعيد الخطابي، الكاتب الإقليمي للحزب، والحسين العياشي، المحامي ونائب رئيس جمعية حماية المستهلك بإقليم الحسيمة، فيما أدار النقاش الدكتور طارق أبيدار. وقد شكل اللقاء فرصة لمناقشة تداعيات ارتفاع الأسعار، والمسؤولية المشتركة بين الدولة والمجتمع في تحقيق العدالة الاجتماعية، كما خلص إلى مجموعة من التوصيات الرامية إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
استهل المشاركون النقاش بتشخيص أسباب غلاء الأسعار، حيث تم التطرق إلى العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي ساهمت في هذا الوضع، ومنها:
التضخم العالمي الناجم عن تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، ما أثر على سلاسل التوريد وأسعار المواد الأساسية.
تحرير الأسعار، خاصة في قطاع المحروقات، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل وانعكس على مختلف المنتجات الاستهلاكية.
ضعف الإنتاج الفلاحي بسبب الجفاف، مما زاد من أسعار المواد الغذائية نتيجة قلة المعروض في الأسواق.
الاحتكار والمضاربات، حيث يستغل بعض الفاعلين الاقتصاديين ضعف الرقابة لتحقيق أرباح على حساب المستهلكين.
وأشار المشاركون إلى أن هذه العوامل ساهمت في تراجع القدرة الشرائية للأسر المغربية، وارتفاع معدلات الفقر، وتهديد استقرار الطبقة المتوسطة، ما يستوجب تدخلاً عاجلاً للحد من تداعيات الأزمة.
كما استعرضت الندوة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، والتي شملت:
دعم بعض المواد الأساسية مثل الدقيق، السكر، وغاز البوتان.
زيادة الحد الأدنى للأجور وتحسين الأجور في بعض القطاعات لتخفيف الضغط عن الطبقة العاملة.
إطلاق برامج الحماية الاجتماعية عبر “السجل الاجتماعي الموحد” لتقديم الدعم المباشر للفئات الهشة.
تشديد مراقبة الأسواق لمحاربة الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
ورغم أهمية هذه التدابير، إلا أن النقاش كشف عن تحديات تعيق فعاليتها، أبرزها:
ضعف استهداف الدعم الاجتماعي، حيث لا تصل المساعدات إلى جميع الفئات المستحقة.
غياب إصلاحات جبائية عادلة، حيث لا تزال الطبقة المتوسطة تتحمل عبئا ضريبيًا ثقيلًا دون مقابل اجتماعي مناسب.
البيروقراطية وتأخر تنفيذ القرارات، مما يجعل بعض الإجراءات الحكومية أقل تأثيرًا في مواجهة الأزمة.
وأكد المشاركون أن المجتمع المدني يلعب دورًا أساسيًا في التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية، عبر مبادرات تضامنية تشمل: توزيع المساعدات الغذائية، خاصة في فترات الأزمات. تقديم خدمات صحية مجانية من خلال قوافل طبية متنقلة تخدم المناطق النائية. تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كآلية لخلق فرص الشغل ودعم الفئات الهشة.
لكن رغم أهمية هذه الجهود، فقد أشار المتدخلون إلى أن المبادرات التضامنية تبقى حلولًا مؤقتة لا يمكن الاعتماد عليها على المدى البعيد، مما يستوجب إصلاحات اقتصادية وهيكلية أكثر استدامة لضمان العدالة الاجتماعية.
كما ناقشت الندوة أيضًا أهمية تفعيل الأطر القانونية وتعزيز دور المؤسسات المعنية بحماية المستهلك، ومن أبرزها: المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي يصدر تقارير دورية حول الوضع الاجتماعي ويقترح حلولًا لتحسين مستوى عيش المواطنين.
مجلس المنافسة، المسؤول عن ضبط السوق ومحاربة الاحتكار، حيث طالب المشاركون بتوسيع صلاحياته لفرض رقابة أكثر صرامة على الأسعار. قوانين حماية المستهلك، والتي تحتاج إلى تطبيق أكثر صرامة لضمان شفافية الأسعار وحماية المواطنين من الممارسات التجارية غير العادلة. كما تمت الدعوة إلى ضرورة تعزيز الشفافية والمحاسبة في الأسواق، وتوفير آليات تمكن المواطنين من التبليغ عن التجاوزات المتعلقة بالأسعار أو الجودة.
خلص المشاركون إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص تداعيات ارتفاع الأسعار، ومن أبرزها:
1. إصلاح السياسات الاقتصادية لضبط الأسعار وتعزيز الإنتاج المحلي لتقليل التبعية للأسواق الخارجية.
2. تحسين استهداف برامج الحماية الاجتماعية، لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر حاجة.
3. تعزيز دور مجلس المنافسة في محاربة الاحتكار، وفرض رقابة صارمة على الفاعلين الاقتصاديين.
4. تشجيع الاقتصاد التضامني والتعاوني كبديل اقتصادي مستدام للفئات الهشة.
5. إصلاح النظام الضريبي، لضمان توزيع أكثر عدالة للثروات، بما يخفف العبء عن الطبقة المتوسطة.
وفي ختام الندوة أكد المشاركون أن تحقيق العدالة الاجتماعية في المغرب يتطلب تكامل الجهود بين الدولة، المجتمع المدني، والفاعلين الاقتصاديين، من خلال سياسات أكثر جرأة وفعالية لضبط الأسواق، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
كما شددوا على ضرورة التفعيل الصارم للقوانين المنظمة لحماية المستهلك ومحاربة الاحتكار، لضمان اقتصاد أكثر شفافية وعدالة، حيث يظل الإصلاح الهيكلي هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار اقتصادي يضمن العيش الكريم لجميع المواطنين.


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 25/03/2025