ندوة بالرشيدية تفضح الانتهاكات الصارخة لحقوق الأطفال بمخيمات تندوف

في مشهد يجمع بين الفكر والصرخة الإنسانية، احتضنت مدينة الرشيدية يوم الخميس 12 يونيو 2025 ندوة فكرية تحت عنوان «الطفولة المحتجزة بمخيمات تندوف: أية حماية في ظل القوانين الدولية؟»، بمناسبة اليوم العالمي للطفولة المغتصبة، الذي يصادف الرابع من يونيو من كل سنة.
الندوة نظمتها كل من جمعية أحلام الطفولة والشباب للتنشيط والمسرح، ومنظمة الشروق الوطنية – المكتب الجهوي درعة تافيلالت، والمنسقية الجهوية للتعاون الوطني، بمشاركة ثلة من الفاعلين الأكاديميين والتربويين من الرشيدية وبوجدور، الذين سلطوا الضوء على معاناة أطفال المخيمات جنوب غرب الجزائر، في واحدة من أكثر الملفات الإنسانية إثارة للقلق على الصعيد المغاربي والدولي.
ومن بوجدور، تفاعل عن بعد الدكتور سعيد بوشاكوك، الخبير في الشؤون الصحراوية، مقدما مداخلة جريئة وصف فيها ما يتعرض له الأطفال في مخيمات تندوف بـ «الاغتصاب الممنهج لطفولة بريئة»، مشددا على أن جبهة البوليساريو تواصل تجنيد القاصرين واستغلالهم في نزاعات مسلحة، في انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات الدولية، على رأسها اتفاقية حقوق الطفل.
أما الإعلامي والفاعل التربوي سعيد وعشى، فقد ركز على الجانب التعليمي في المخيمات، واصفا النظام التربوي هناك بـ «الرديء والمُسيس»، قائلا إنه لا يروم سوى إنتاج أجيال مؤدلجة ومعزولة عن قيم الانفتاح والتسامح، في ظل غياب شبه تام لأي بنية مدرسية تحترم المعايير التربوية الدولية، بالرغم من تمويل العديد من المبادرات الدولية.
من جهته، سلط الدكتور أهادي ع. الضوء على المقتضيات الدولية التي تؤطر الضمانات الحقوقية للأطفال الذين سيقوا قسرا في مخيمات العار بتندوف، خاصة وأن هناك مجموعة من المنطلقات التي تتعلق بالمقتضيات الدولية العامة ، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي شكل الخطوة الأولى والشرارة التي تضمنت أهمية ايلاء الحماية اللازمة لحقوق الطفل بشكل عام، ومنها الطفولة المحتجزة بشكل خاص.
وتوافق المتدخلون على توصيف الوضع في مخيمات تندوف بأنه كارثة إنسانية تستوجب تحركا عاجلا من المجتمع الدولي، مشددين على أن الأطفال هناك ليسوا فقط ضحايا الحرمان والجوع، بل أيضا ضحايا التجنيد والوصاية الأيديولوجية القسرية، حيث تتحول المخيمات إلى معسكرات عسكرية صامتة تُغتال فيها براءة الطفولة في وضح النهار. وطالبت الندوة بضرورة فتح تحقيق دولي شفاف حول وضعية الطفولة في تندوف، ومساءلة الدولة الجزائرية عن مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، في هذا الوضع.
كما دعا المشاركون إلى تمكين الأطفال من ولوج المدارس التي تدعمها منظمة اليونيسف والمنظمات الدولية غير الحكومية، بعيدا عن منطق العسكرة والتلقين العدائي، الذي يرتهن مستقبل الأجيال في المخيمات ويغذي بؤر التوتر والتطرف. وأبرزت هذه الندوة أن قضية الطفولة في تندوف لم تعد فقط ملفا سياسيا ضمن نزاع إقليمي، بل قضية حقوقية كونية، تمس الضمير العالمي، وتختبر صدقية المنتظم الدولي في حماية أبسط حقوق الإنسان. وتقاطعت شهادات المتدخلين مع تقارير عدة صادرة عن منظمات حقوقية مستقلة، والتي وثقت ممارسات لتجنيد الأطفال، واستغلالهم في نشاطات مشبوهة، وتعرضهم لانتهاكات جسيمة، في ظل تعتيم إعلامي وحصار إنساني ممنهج.


الكاتب : فجر مبارك

  

بتاريخ : 23/06/2025