ندوة وطنية بخنيفرة حول الذاكرة الحية لأجلموس ومجالها

 

على خلفية «النقاش الذي كثر بشغف كبير، خلال السنوات الأخيرة، بين سكان وزوار منطقة أكلموس، إقليم خنيفرة، في الأماكن العامة، ومواقع التواصل الاجتماعي، حول العديد من القضايا، وما تمت ملامسته لديهم من شغف كبير لمعرفة المزيد حول المنطقة، بادر «مركز فازاز للدراسات والأبحاث» إلى التفكير في تنظيم ندوة علمية لقي موضوعها قبولا واستحسانا من طرف القائمين على تدبير الشأن المحلي، وتم اقتراح تنظيمها، في العاشر من دجنبر 2022، تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان واليوم العالمي للجبال، وذلك بعنوان: «أكلموس: المجال، والتاريخ، والمجتمع»، بشراكة مع المجلس الجماعي وتنسيق مع مجلس دار الشباب وملتقى الطفولة والشباب بأكلموس.
وفي ذات السياق، عمم المنظمون ورقة حول أهداف الندوة: منها أساسا فتح مجال أكلموس للنقاش العلمي، وتجاوز النظرة الضيقة لمفهوم التنمية بمجال الدراسة، فتح آفاق لتمتين أواصر تواصل ممتد بين الباحثين من أبناء المنطقة وخارجها، من مختلف التخصصات، ثم المساهمة في تدوين جزء من تاريخ وتراث المنطقة للتنمية المحلية، وجعلها مصدر فخر واعتزاز، مع فتح آفاق جديدة للجيل الصاعد من الباحثين ، بوضع: منطلق للطلبة الذين ينجزون بحوثهم الأولى، والحفز على التعمق في مجموعة من النقاط، قبل تقديم توصيات وإضاءات للفاعل السياسي والاقتصادي والحقوقي من أجل السير قدما بالمنطقة نحو التقدم المنشود.
وصلة بموضوع الندوة، أنجز «مركز فازاز للدراسات والأبحاث» ورقة تعريفية شاملة حول سيرة منطقة أكلموس، الجغرافية منها والتاريخية والثقافية والاجتماعية والطبيعية والتنموية، انطلاقا من «موقع أكلموس بقلب أزغار زيان )في الهضبة الوسطى)، والذي يتسم مجاله الريفي بشساعة الأراضي الزراعية وأهمية النشاط الرعوي، ومن ثمة شكل النشاط الرعي – زراعي الركيزة الأساسية لتنظيم واستغلال المجال المحلي، ويعد هذا المجال، تاريخيا، موطن استقرار مجموعة أيت حركات أكلموس من زيان العليا (إنافلاتن)، وتضم قبائل: إهبارن، آيت حدو حمو، وآيت بومزوغ أزاغار، وإمحزان (دوار الباشا + دوار أمهروق).
ولم يفت المركز المنظم للندوة، في ذات الورقة/التوطئة، إبراز الظروف التي ظل فيها نظام استغلال المجال لدى المجموعات القبلية المذكورة «معتمدا على نظام الانتجاع بين الجبل (أدرار) وأزغار (الهضبة)، من خلال التنقل بين المراعي الصيفية في الأطلس المتوسط والمراعي الشتوية في الهضبة الوسطى، غير أن الاختلالات العميقة التي أفرزها التدخل الاستعماري أجبرت المجموعات القبلية على الاستقرار في مجالها الحالي، إذ شكلت بلاد زيان نقطة محورية للتحكم في وسط المغرب في السياسية الاستعارية، لما كانت تتمتع به اتحادية قبائل زيان من قوة وهيبة وسط قبائل الأطلس المتوسط والهضبة الوسطى».
وبينما تم شرح لفظة أكلموس (Aguelmous)، التي تحيل، في اللغة الأمازيغية، إلى «غطاء الرأس»، كما تستعمل للدلالة على «قب الجلباب أو السلهام»، لم يفت منظمي الندوة الإشارة، ضمن ورقة التوطئة، إلى مساحة جماعة أكلموس التي «تعد إحدى أكبر الجماعات الترابية مساحة على مستوى جهة بني ملال خنيفرة، كما أن موقعها الجغرافي في قلب «أزغار» أتاح لساكنتها ظروفا ملائمة لممارسة الزراعة البورية وتربية الماشية على مجالات ذات مؤهلات رعوية مهمة»، وقد أضفى هذا المعطى الجغرافي الاقتصادي، تضيف الورقة، إشعاعا وطنيا على السوق الأسبوعي الذي يحتضنه مركز أكلموس».
وعن «سوق أكلموس» أوضحت الورقة التعريفية كيف أن هذا المرفق «يصنف ضمن أكبر الأسواق الأسبوعية الوطنية في مجال تجارة الماشية، بفضل جودة الأصناف المحلية المعروضة، وجاذبية السوق الذي يستقطب التجار والوسطاء من مختلف مدن وأرياف المغرب»، وعلى الرغم من «تجذر أشكال التدبير التقليدي للموارد الزراعية والرعوية في الظهير الريفي لمركز أكلموس، من خلال سيادة الزراعة البورية والرعي الواسع، شكل توالي سنوات الجفاف وتراجع قدرة المراعي عن تلبية حاجيات النشاط الرعوي عوامل محفزة لظهور أنشطة اقتصادية بديلة».
كما تم استعراض الظروف التي رفعت من «توجه المنطقة نحو أنشطة أخرى كتربية الدواجن، وممارسة الزراعية المسقية، في إطار محاولات الساكنة المحلية التكيف مع إكراهات تدهور الموارد التقليدية»، غير أن «تفاقم الاختلالات المجالية وضعف البنيات التحتية ـ في ظل تزايد الضغط الديموغرافي ـ ساهم في بلوره عوامل طاردة لساكنة الأرياف التي ما فتئت تفضل الهجرة القروية نحو المراكز المجاورة والمدن الصناعية والفلاحية الكبرى (أكادير، طنجة، مكناس…) بحثا عن ظروف عيش أفضل».
ومن خلال هذا المنظور، وأمام تنامي تيارات الهجرة القروية، تؤكد ورقة الندوة، شهد مركز أكلموس نموا ديموغرافيا سريعا، مما جعله «يحتل المرتبة الأولى من حيث الوزن الديموغرافي مادام أكبر مراكز أزغار زبان، وإذ كان هذا المعطى يعزز جاذبية المركز وإشعاعه، فإنه يفرض في الوقت نفسه تحديات كبيرة في مجال تطوير البنيات التحتية والخدمات الأساسية وتحسين المشهد الحضري استجابة لتطلعات الساكنة المحلية من جهة، وتعزيزا للمكانة التاريخية والجغرافية لأكلموس باعتباره صلة وصل بين الأطلس المتوسط والهضبة الوسطى».
وأعلن المنظمون للندوة الوطنية عن فتح الباب أمام الراغبين في المساهمة في الندوة عبر مقاربة محاور: المجال الجغرافي لأكلموس: التعريف، التشخيص، وسبل النهوض به، جينيالوجيا القبيلة والتنوع الاثني بمجموعة آيت حركات أكلموس (آيت معي، وإهبارن، وآيت بومزوغ، وايت حدو احمو، وإمحزان (دواري الباشا وأمهروق)، ثم أكلموس والمقاومة في الكتابات الأجنبية والوطنية، التراث الطبيعي والثقافي لأكلموس: التشخيص، التهيئة، التحولات المشهدية ورهانات التنمية المستدامة، اللغة والفنون والآداب بين التداول اليومي والإبداع الثقافي المحلي.
ذلك إلى جانب محاور أخرى من قبيل: الثقافة الشفهية وطقوس التدين والاحتفال عند ساكنة أكلموس، نماذج من الذاكرة الحية لقبائل المنطقة ومركزها، تدبير المجالات الرعوية بالمنطقة: مقاربة التاريخ والعلوم الاجتماعية الموارد المائية في المنطقة بين الفرص والتحديات»، وبعد استعراضها لأسماء أعضاء اللجنة العلمية المعنية بالتحضير للندوة، أعلنت ورقة المنظمين أن آخر أجل للتوصل بمقترحات وملخصات المشاركات (مرفقة بالسيرة الذاتية) هو الخامس من يوليوز المقبل على أن يتم تحديد لائحة المشاركين يوم 12 من نفس الشهر بعد آخر أجل للتوصل بمداخلات المشاركين كاملة يوم 15 شتنبر المقبل.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 13/06/2022