فجر الملاكم الأيرلندي كونور ماكجريجور مفاجأة من العيار الثقيل تهمّ نزاله للملاكم الأمريكي فلويد مايويذر فيما يعرف بـ»نزال المليار دولار» حين صرح بأن النزال سخر من المنتمين لعالم الملاكمة، واصفا ما حدث خلال المواجهة بأنه سيرك، وبأن مايويذر شارك فيها أيضا، ووصف نفسه بإنسان الغابة
الذي التزم بقواعد السيرك، وزادت ثروته بعدها، وأن خصمه كان بإمكانه إنهاء النزال في جولاته الأولى
دون الانتظار إلى الجولة العاشرة، وبذلك شارك بدوره في الالتزام بما خطط له قبل المواجهة.
ةيرى العديد من المتتبعين لعالم الملاكمة الاحترافية، بأن اللجنة الرياضية بنيفادا تتحمل المسؤولية أيضا في ما حدث بعد سماحها بإقامة النزال، على الرغم من رفض جميع المنتمين لعالم الملاكمة، التورط رسميا في هذه «الخديعة».
وتعالت العديد من الأصوات داخل عالم اللاكمة والرياضة الاحترافية في الولايات المتحدة بفتح تحقيق على أعلى المستويات حول أداء اللجنة في هذا الأمر.
تصريح الملاكم الأيرلندي كونور ماكجريجور المفاجئ وبعد مدة من انتهاء المواجهة، يعيد سؤال من يسيطر على عالم الملاكمة الاحترافية، وأي دور لمنظمي النزالات الذين يسيطرون علي كل شيء، بدءا من حلبات النزالات، ومروراً باستغلال الملاكمين بعد ربطهم بعقود طويلة الأمد ،وصولا إلي مكاتب المراهنات وبيع حقوق نقل النزالات ثم مطاردة الملاكمين الذين يرفضون الرضوخ لمطالب هذه المافيات وتصفيتهم ان اقتضي الامر.
حكاية العجوز جورج فورمان والشاب ذو 27 عاما
لعل من أغرب ما سجلته الملاكمة العالمية من « فضائح « هو النزال الذي أقيم في لاس فيغاس على حلبة فندق مترو غولدن ماير حيث فاز جورج فورمان الملاكم الذي بلغ عتبة آنذاك السادسة والاربعين من عمره، على بطل العالم مايكل مورر 27 عاماً . وفجر الانتصار مفاجأة بعد أن استعاد جورج فورمان، بعد عشرين سنة، لقبه العالمي الذي خسره امام محمد علي في كينشاسا.
فحتى الجولة العاشرة من النزال، كانت كل الدلائل تشير إلى أن بطل العالم في طريقه إلى الاحتفاظ بلقبه بعدما سيطر على مجريات اللعب وبدت عينا فورمان شبه مغمضتين. وكان مورر يتقدم بالنقاط 88/83 و88/83 و86/85 وذلك باجماع الحكام الثلاثة، وفجأة قلب فورمان حقق المعجزة وسط ذهول المشاهدين.
واعتبر المتتبعون أن الشبهة كانت حاضرة في النزال، خاصة وأن فورمان خسر بالنقاط قبل ثلاث سنوات امام ايفاندر هوليفيلد، وخرج من مباراته امام اليكس ستيوارث شبه مشوه واضاع ما كان يعتبره فرصته الاخيرة امام طومي موريسون. كما اعتبروا أنه ماكان لفورمان أن يصعد أصلا الحلبة وأن انتصاره يرسم اكثر من علامة استفهام حول مستقبل الملاكمة الرياضة التي غلبت عليها الفضائح والصفقات.
إن ما جرى على حلبة متروغولدين ماير في لاس فيغاس لا يعدو كونه عينة من الفضائح التي تشهدها حلبات الملاكمة لبطولة العالم في الوزن الثقيل وليس ايقاف الحكم مباراة لينوكس لويس واوليفير ماكويل التي جرت على ملعب ويمبلي في اواخر ايلول سبتمبر الماضي عندما سقط لويس في الجولة الثانية بلكمة سددها اليه ماكويل قبل ان ينهي العد القانوني، ودون مبرر مقنع سوى غيض من فيض، وهي تقدم الدليل القاطع على ان المافيا تتحكم ببطولات الملاكمة وانها ترفع من تشاء وتسقط من تشاء، وان الضحية الحقيقية هي هذه الرياضة التي سقطت بالضربة القاضية.
شبه لكمة من محمد علي تسقط سوني ليستون
من الفضائح المدوية التي مازال يتذكرها عشاق الملاكمة العالمية رغم مرور أكثر من 50 ، هي المواجهة التي جمعت محمد علي كلاي وسوني ليستون، ففي أقلّ من دقيقتين في الجولة الأولى، أرسل علي لكمة ضعيفة لم تمسّ رأس ليستون ليسقط على الأرض ورفض إتمام النزال. كان حكَم الحلبة مذهولا في الوقت الذي ظل فيه محمد علي يطالب خصمه بمواصلة المواجهة.
كان واضحا أن النزال قد بيع مسبقا، ولكن طريقة التنفيذ كانت مكشوفة.
سمّيت اللكمة المزيّفة التي تلقّاها ليستون من علي «The Phantom Punch» أي «ضربة الشبح»، ولا يزال السرّ إذا ما كانت الضربة قد أصابت ليستون، وإذا ما كان لمافيا النزالات دور في ما حدث، خاصة وأن التقارير كانت تشير إلى أن المافيا قررت تبديل ليستون المرهق بعلي الحيوي والشاب، وأن ليستون قرر المغامرة بصعود الحلبة أمام علي لتراكم ديونه لدى عصابات واستغل ضربة كلاي ليرفض مواصلة النزال.
بطل العالم يرغم على عدم منازلة خصمه لزيادة مداخيل المافيا
حين فاز ريديك بووي على هوليفيلد في مباراة من اعظم المباريات التي شهدها تاريخ الملاكمة، كان عليه أن ينازل لينوكس لويس لا سيما ان بينهما ثأراً قديماً يعود الى سنة 1988 عندما هزم لينوكس لويس ريديك بووي في المباراة النهائية لدورة سيول الاولمبية، وعرض روك نيومان مدير اعمال بووي مبلغ ثلاثة ملايين دولار على لويس للقاء البطل الجديد وهو مبلغ زهيد اعتبره فرانك مالوني مدير اعمال لويس اهانة، في حين اعرب هذا الاخير عن استعداده لخوض مباراة ضد بووي يعود ريعها الى مساعدة الاطفال في القارة الافريقية. ولكن بووي رفض هذا العرض على اساس انه البطل ومن حقه ان يملي شروطه…
وكان يتوجب على بووي ان يسعى الى مقابلة لويس لا ان يفرض شروطاً تعجيزية، ولكن عالم الملاكمة تحكمه المافيا، ولا نستغرب اطلاقاً ان تكون المافيا وراء قرار بووي وهكذا يتاح له ان يخوض مباريات عدة دفاعاً عن لقبه امام ابطال لا يشكلون خطراً عليه، فيجني وتجني معه المافيا ارباحاً طائلة، وخلال هذه الفترة يكون لويس خاض بدوره اكثر من مباراة وكسب وكسبت معه مافيا الملاكمة مبالغ لا يستهان بها، وعندئذ تنطلق دعوة الى اقامة مباراة فاصلة بين البطلين على الالقاب العالمية الثلاثة وتنشط اجهزة الاعلام في الترويج للمباراة بحيث تحقق ارقاماً قياسية وتدر حصصاً خيالية على الجميع…
لا خيار أمام الملاكم إلى أن يحين وقت إبعاده
القضية الكبرى في عالم الملاكمة الاحترافية، أن اعتزال الملاكم الذي لا يمكن أن يكون اختياريا لأنه يستمر إلى أن يسقطه بطل آخر، لأن عالم الملاكمة مثل السينما، فنجم الشباك إذا استمر على الدوام يملّ الناس منه، وهذا يحقق الخسارة لأباطرة المراهنات. فإذا لم يستطع أحد أن يسقط ملاكماً، عملوا على ازاحته بأي شكل وبأي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة، مثلما يرجح أنه حدث مع الملاكم مايك تايسون.
لقد كان النجم الأوحد لشباك ملاكمة الاحتراف، فكان أمراً طبيعياً عندما تذهب إلى مباراة تايسون مع أي ملاكم آخر أن تكون جاهزاً لمغادرة الصالة لأن المباراة تنتهي بالضربة القاضية لصالح تايسون بعد دقائق قليلة. وقد تأقلم المتفرجون مع هذا الوضع، وكل من يذهب لمشاهدة تايسون يراهن على فوزه بالقاضية لأنه الحصان الرابح، وفعلا يحدث هذا مما سبب خسائر طائلة لمكاتب المراهنات التي تديرها مافيا المراهنات. لم تستطع المافيا إزاحته إلا بعد أن دبرت له «مؤامرة» مفادها أنه قام بمحاولة اغتصاب ملكة جمال السود في أمريكا، ويرجح أن الموضوع كان فخاً وقع فيه بحماقة.
وهناك أيضا، مباريات نتيجتها تكون معروفة سلفا،ً كما حدث بين الملاكم الإنجليزي وبطل العالم السابق كريس يوبانك، المعتزل، والذي ارجع إلى الحلبة بعد ست سنوات من الغياب وسط ضجة إعلامية كبيرة، وفعلا اختار ملاكماً مغموراً من الأرجنتين. وحتى لا تنكشف هذه التمثيلية تقرر إقامتها بعيدا عن لندن، لأن الإنجليز لا يدفعون الاسترليني بسهولة. وبعد خمس جولات وجه كريس ضربة أوقعت خصمه أرضا بالقاضية وسط صفير الاستهجان.
الرئيس الكوبي راؤول كاسترو.. لا شيء يجبرني على السكوت في وجه المافيا
هاجم الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو المافيا والتحكيم، وقال «لا شيء يجبرني على السكوت في وجه المافيا التي تمكنت من التحكم في قواعد اللجنة الاولمبية».
واعتبر كاسترو أن الرياضة يتواجد فيها التزمت الأوروبي والفساد التحكيمي وشراء العقول والعضلات ودرجة مرتفعة من العنصرية..وأردف قائلا « لا يتعيّن علىّ التزام الصمت إزاء ما تفعله المافيا».
واشتكى كاسترو في مقال كتبه بشأن الاولمبياد من الحكام من دون أن يذكر أسماء قائلا « لقد سرقوا، من دون أي شعور بالخزي، المباريات من ملاكمين كوبيين اثنين في الأدوار قبل النهائية.. إنّ ما فعلوه بشباب فريقنا في الملاكمة جريمة لكي يتموا عمل أولئك الذين يهدفون إلى سرقة الرياضيين من العالم الثالث».
وذلك في إشارة إلى ظاهرة هروب الرياضيين الكوبيين التي عصفت برياضة الملاكمة في كوبا خلال الأعوام الأخيرة.
تصريح الملاكم الأيرلندي كونور ماكجريجور المفاجئ وبعد مدة من انتهاء المواجهة، يعيد سؤال من يسيطر على عالم الملاكمة الاحترافية، وأي دور لمنظمي النزالات الذين يسيطرون علي كل شيء، بدءا من حلبات النزالات، ومروراً باستغلال الملاكمين بعد ربطهم بعقود طويلة الأمد ،وصولا إلي مكاتب المراهنات وبيع حقوق نقل النزالات ثم مطاردة الملاكمين الذين يرفضون الرضوخ لمطالب هذه المافيات وتصفيتهم إن اقتضي الأمر