تعرض الفنانة البصَرية هُيام رحماني جديد أعمالها الفنية تحت عنوان «نقطةٌ، وكفى»، وهو المعرض الذي تم افتتاحه يوم الخميس الماضي 22 ماي، برواق آرت سْبايْس Artspace بالدار البيضاء، والذي سيمتد إلى غاية 22 من شهر سبتمبر 2025. وكما هو معلوم، فهيام تنجز أعمالها استنادا إلى مادة الخيط الذي قد يكون حريريا كما قد يكون معدنيا أو من ماهية أخرى.
يقول الناقد الفني أحمد لطف الله متحدثا عن هذا المعرض:»للخيط ملمحٌ تراثي تقليدي لا يخفى على من يشتغلون بالفن.. إنه سَدى الزربية.. الهيكل الذي يشدّ لُحمتها ذات الألوان الأطلسية الزاهية..هناك في عمق الجبال وعلى سفوحها تحكي النّسّاجاتُ على مغازلهن حكايات عريقة ومتوارثة، وتطلقن العنان لمخيلتهن ومشاعرهن لترسمن بالصوف المصبوغ بألوان مستخلصة من الطبيعة صورة لهويتهن.
لكن الخيط عند هُيام، وفي هذا الأعمال المعروضة، ليس نسيجا حكائيا، رغم أن المحاكاة عنصر طبيعي من عناصر الفن، بل هو أولا نسيج فني قائم على هندسة معقّدة تتأسس على حسابات في منتهى الدقة. ثم إن الخيط في أعمالها يتحول إلى خط Ligne، وفي اللغة الفرنسية تبدو هذه الكلمة غير بعيدة ما يواري سوأة الجسد من خفيف اللباس، Lingerie المرتبط بجسد المرأة، هكذا تنتظم أعمال هيام رحماني ضمن فن سترينغآرتString Art، غير البعيد عن فنالفيلوغرافياLa philographieالذي تطور في العصر العثماني، حيث كان الرسامون المنتمون لهذا التوجه يقدِّمون أعمالهم بمادتيْ الخيوط والمسامير على أسندة خشبية«.
ويضيف لطف الله:» في هذه الأعمال نحن أمام عنصرين أو مفهومين تشكيليين الخط الذي يمثله الخيط،ثم النقطة، فالخيط ممتدٌ خاضعٌ آناً لصرامة هندسية، ملتوي ومنعرج آونة أخرى، حيث يسعى للانفلات من سمة «خط الواجب» نحو ملمح «خط الجمال». هذا الخيط/الخطّ ليس سوى نُقطاً تراصّت إلى جانب بعضها البعض، بل إن النقطة هي ما يمنح الخط/الخيط حرية الميل. ولا تتجلى النقطة في رؤوس المسامير فقط بل هي جوهر الخيط ومادته البصرية. الخيط عند هيام رحماني لا يكتسي صفة «الجمال» المرتبطة بالانجذاب نحو قيمة ظاهرية فقط، بل يحمل طابعا استطيقيا يجعل منه موضوعا للتقدير الجمالي المؤسس على الإدراك والتأمل. يتضح لنا هذا جليا عندما نتبع خيط المغامرة الجمالية عند هيام رحماني، فقد قدمت سنة 2016 معرضها «خيط أريان» مستلهمة أسطورة أميرة كريت «أريان» أو «أريانوس» في الميثولوجيا الإغريقية، والتي منحت حبيبها «ثيسيوس»كرة من الخيط قبل أن يدخل متاهة المينوتور، ليقتل هذا الوحش ويخلص جزيرة كريت من بطشه. الخيط في هذه القصة الميثولوجية كان وسيلة الخلاص والخروج من المتاهة، وكأن هيام أرادت أن تنبئنا حينئذ بأن الخيط سيكون دليلها في مغامرتها الفنية.«
أما في هذه التجربة فقد جعلت الفنانة البصرية هيام من «النقطة» مركز رؤيتها الجمالية، لأن النقطة كما يوضح لطف الله: «هي كل شيء.. ففي الخطاب الصوفي، هي مركز الوجود، هي الرحم الذي تتكون منه الحروف، فالخطاطون يحددون مقاسات الحروف استنادا إلى النقطة لتحقيق التناسب الجمالي للحروف. النقطة هي الأصل الكامن فينا.. هي جوهر الأنا وجوهر الآخر.. الخيط هو ما يربط بين أرواحنا.. لذا ونحن ننظر في أعمال الفنانة هيام رحماني تراود أسماعنا أغنية زازيZazie الفرنسية: نقطة وكفى. نقطة أنتَ، (Un point c’est tout. Un point c’est toi)«
نسيج الفن جديدالأعمال الفنية لهيام رحماني

بتاريخ : 03/06/2025