نشطاء يحملون إيران مسؤولية الاعتداء على سلمان رشدي.. وطهران تنفي علاقتها بالهجوم

0

بعد ثلاثة أيام من الصمت، نفت إيران “بشكل حازم” الإثنين أي علاقة للجمهورية الإسلامية بمحاولة اغتيال الكاتب البريطاني سلمان رشدي الذي ألقت عليه باللوم بعد 33 عاما من فتوى هدرت دمه بسبب كتابه “آيات شيطانية”.
صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي في طهران “ننفي بشكل حازم ورسمي” أي علاقة بمنفذ الهجوم، مؤكدا أنه “لا يحق لأحد أن يت هم الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وفي أول رد فعل من طهران على محاولة قتل رشدي، أكد المتحدث أن “إيران لا تعتبر أن أحدا يستحق اللوم أو الإدانة غيره ومؤيديه” على الهجوم الذي استهدفه الجمعة خلال مناسبة أدبية في نيويورك.
وقال المتحدث إن “سلمان رشدي عرض نفسه لغضب الناس ليس فقط المسلمين ولكن أيضا أتباع الديانات السماوية الأخرى من خلال الإساءة للمقدسات الإسلامية وتجاوز الخط الأحمر لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم والخطوط الحمراء لجميع أتباع الديانات السماوية”.
كان رشدي البالغ من العمر 75 عاما مهددا بالقتل منذ أن أصدر مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني فتوى بهدر دمه في 1989 إثر صدور روايته “آيات شيطانية”، متهما الكاتب البريطاني المولود في الهند بـ”معاداة الإسلام والرسول والقرآن”.
بعد عملية جراحية خضع لها رشدي اثر إصابته بجروح خطيرة جراء طعنه، قال وكيل أعماله أندرو وايلي إنه لم يعد يعتمد على أجهزة التنفس و”بدأ يتماثل للشفاء”.

– غضب –

سلمان رشدي، المولود عام 1947 في الهند لعائلة مسلمة غير متدينة، أثار الغضب في جزء من البلدان الإسلامية بعد نشر “آيات شيطانية” عام 1988، وهي رواية اعتبر المتشددون أنها تنطوي على تجديف.
أصدر مؤسس الجمهورية الإسلامية حينها فتوى عام 1989 بهدر دم سلمان رشدي الذي عاش سنوات تحت حماية الشرطة. فتوى آية الله الخميني ضد الكاتب لم تلغ قط حتى أن عددا ممن ترجموا الرواية تعرضوا لهجمات.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن “الغضب الذي أثاره هذا العمل (رواية رشدي) لم يقتصر على إيران، بل رد الملايين في مختلف البلدان على هذه القضية واستشاطوا غضبا من هذه الإهانة”.
واعتبر أن من “التناقض التام … إدانة ما أقدم عليه المهاجم من جهة وتبرئة من يهين المقدسات الإسلامية”.
و جهت للمهاجم هادي مطر، وهو أميركي من أصل لبناني يبلغ من العمر 24 عام ا، تهمة “محاولة القتل والاعتداء”. وقال محاميه إنه سيترافع على أنه “غير مذنب”.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد إن وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية عبرت عن “شماتتها” بعد الهجوم ووصف ذلك في بيان بأنه أمر “وضيع”.
في إيران، أشادت صحيفة “كيهان” اليومية المحافظة “بذاك الرجل الشجاع المدرك لواجبه الذي هاجم المرتد الخبيث سلمان رشدي”.
من جانبها، وصفت صحيفة “جوان” المحافظة أيضا الأحد ما حدث بأنه مؤامرة دبرتها الولايات المتحدة التي “ربما أرادت نشر الكراهية للاسلام (الإسلاموفوبيا) في العالم”.
ونظر ا لحساسية الموضوع في إيران، رفض العديد من الذين قابلتهم وكالة فرانس برس في الأيام الأخيرة في طهران التعليق على الهجوم على سلمان رشدي.

مسوولية مادية ومعنوية

وحمل نشطاء ومعارضون للنظام الإيراني طهران مسؤولية الاعتداء الذي تعرض له الكاتب البريطاني سلمان رشدي، مشيرين إلى أن الجمهورية الإسلامية لم تلغ فتوى هدر دمه التي أصدرها مؤسسها آية الله روح الله الخميني في العام 1989.
وفي حين أن فتوى هدر الدم الصادرة على خلفية رواية “الآيات الشيطانية” التي كتبها رشدي ونشرها في العام 1988 لم تعد منذ فترة حديث الساعة في إيران، لم يتخذ نظام الملالي الإيراني بقيادة آية الله علي خامنئي الذي خلف الخميني في منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، أي خطوة تشير إلى إلغائها، لا بل أكد في مناسبات عدة أنها قائمة.
ويأتي الاعتداء على رشدي بالطعن خلال محاضرة في نيويورك في توقيت بالغ الحساسية لإيران المنكبة على دراسة عرض قدمته القوى الكبرى لإحياء الاتفاق المبرم في العام 2015 حول برنامجها النووي من شأن قبولها به أن يرفع العقوبات المفروضة عليها والتي أنهكت اقتصادها.
وخلال فترة شهدت تحسنا نسبيا للعلاقات بين طهران والغرب في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أعلن وزير الخارجية الأسبق كمال خرازي في العام 1998 أن إيران لن تتخذ أي خطوات من شأنها أن تعرض للخطر حياة رشدي الذي بقي لسنوات متواريا.
لكن في جواب على سؤال ورد في الموقع الإلكتروني للمرشد الأعلى في فبراير 2017، قال مكتب خامنئي “لا تزال فتوى الإمام الخميني قائمة”.
كما أن حساب المرشد الأعلى على تويتر أكد مرارا في العام 2019 أن الفتوى “ثابتة ولا رجعة فيها”، في حين يطالب نشطاء بتعليق الحساب.
كذلك يقول نشطاء إن المكافأة المالية التي رصدتها منظمة 15 خرداد الإيرانية لقتل رشدي تخطت ثلاثة ملايين دولار.
ويقول “الاتحاد الوطني من أجل الديموقراطية في إيران” ومقره واشنطن “سواء كانت محاولة الاغتيال قد نفذت بأمر مباشر من طهران أم لا، من شبه المؤكد أنها نتيجة تحريض النظام مدى 30 عاما على العنف ضد هذا الكاتب المرموق”.
من جهته قال “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، وهو منظمة معارضة محظورة في الجمهورية الإسلامية، إن فتوى الخميني هي “الدافع” للاعتداء.
وجاء في بيان للمجلس “أكد خامنئي وغيره من قادة نظام الملالي باستمرار على ضرورة تنفيذ هذه الفتوى اللاإسلامية في السنوات الـ34 الماضية”.
وأعلنت شرطة نيويورك أنها اعتقلت المشتبه فيه على الفور ويدعى هادي مطر (24 عاما)، مشيرة إلى أن الدوافع لم تتضح بعد.
وأشار معلقون إلى صفحة على فيسبوك لرجل يدعى هادي مطر مليئة بصور المرشد الأعلى الإيراني تم تعطيلها بعيد الاعتداء. ولم يرد على الفور أي تأكيد على أن الصفحة لمنفذ الاعتداء.
وقال مصدر قريب من التحقيقات في تصريح لشبكة “ان.بي.سي” الإخبارية إن مطر “متعاطف مع التطرف الشيعي ومع الحرس الثوري الإيراني” على الرغم من عدم وجود أي دليل إلى الآن يؤكد وجود صلة بين الاعتداء وبين هذا الجهاز الإيراني.
وجاء في تغريدة أطلقها الناشط في الدفاع عن حرية التعبير حسين روناغي الذي يعد أحد أبرز معارضي القيادة الإيرانية في إيران، ردا على الاعتداء “إنها الجمهورية الإسلامية الحقيقية، تتفاوضون مع نظام كهذا وتسمحون لمناصريه وحاشدي الدعم له بدخول مجتمعكم. هل يمكنكم أن تفهموا ما نشعر به بصفتنا رهائن هذا النظام؟”.
وسلوكيات إيران تحت المجهر في الولايات المتحدة حيث وجهت في الأسابيع الأخيرة اتهامات لطهران بالسعي لاغتيال مستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون والمعارضة الإيرانية المقيمة في الولايات المتحدة مسيح علي نجاد.
وتاريخ الجمهورية الإسلامية حافل بمحاولات تصفية معارضين خارج حدودها، وهي حاليا متهمة بخطف معارضين مقيمين في الخارج وبإعادتهم عنوة إلى إيران لمحاكمتهم وربما إعدامهم.
وعلي نجاد التي استهدفت سابقا بمخطط لخطفها في نيويورك ونقلها في زورق سريع إلى فنزويلا تمهيدا لإعادتها إلى إيران، نقلت إلى مكان آمن موضوع تحت الحراسة بعدما رصد قرب منزلها رجل يحمل سلاح كلاشنكوف.
وقالت علي نجاد “هناك فتوى بحق سلمان رشدي أصدرها الخميني في العام 1989 والجمهورية الإسلامية في إيران لم تتراجع عنها. كذلك جدد حساب المرشد الأعلى على تويتر التأكيد عليها. حاليا يشيد المروجون للجمهورية الإسلامية بـ(محاولة) الاغتيال ويهددونني بأن مصيري سيكون مماثلا لمصير سلمان رشدي”.
وفي تقريرها الإخباري عن الاعتداء، وصفت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية “إرنا” رشدي بأنه “الكاتب المرتد” لرواية “الآيات الشيطانية” واستذكرت الفتوى الصادرة بهدر دمه.
والسبت هنأت صحيفة “كيهان” الإيرانية المحافظة المتشددة التي يعين المرشد الأعلى رئيسها، منفذ الاعتداء واصفة إياه بأنه “رجل شجاع مدرك للواجب”، مضيفة “لنقبل يد من مزق رقبة عدو الله بسكين”.
ولم تصدر السلطات الإيرانية إلى الآن أي تعليق على محاولة الاغتيال.
وكتب محمد مراندي مستشار فريق المفاوضين حول الملف النووي في تغريدة على تويتر “لن أذرف الدموع على كاتب يدين بكراهية واحتقار لا حدود لهما المسلمين والإسلام”.
وتساءل “أليس من الغريب” أن يقع الهجوم “بينما نقترب من صفقة نووية محتملة؟”.

تماثل للشفاء

أكد وكيل أعمال الكاتب البريطاني سلمان رشدي الأحد وأن الأخير “يتماثل للشفاء”، بعد يومين على تعرضه للطعن .
وبعد ساعات على اعتداء الجمعة الذي وقع خلال مناسبة أدبية في ولاية نيويورك، خضع الكاتب البريطاني لجراحة عاجلة إثر إصابته بجروح شكلت خطرا على حياته.
لكن رغم أن وضعه ما زال حرجا، أظهر مؤشرات تحسن ولم يعد بحاجة إلى جهاز تنفس اصطناعي.
وقال وكيل أعماله أندرو وايلي في بيان إن رشدي لم يعد يعتمد على أجهزة التنفس و”بدأ يتماثل للشفاء”، مشيرا إلى أن تعافيه سيستغرق وقتا “طويلا جروحه خطرة لكن حالته تتطور في الاتجاه السليم”.
وكان الكاتب يوشك على التحدث في مقابلة عندما صعد رجل إلى المسرح وطعنه مر ات عدة في الرقبة والبطن.
وأوقف موظفون وأشخاص ضمن الجمهور المهاجم هادي مطر، وهو أميركي من أصول لبنانية في الرابعة والعشرين من العمر، قبل أن تحتجزه الشرطة.
ومثل أمام المحكمة السبت حيث دفع ببراءته من تهمة محاولة القتل ومن المقرر أن يمثل مرة أخرى في 19 غشت
والأحد، أكد نجل الكاتب ظفر أن العائلة تشعر “بارتياح بالغ” لتخلي رشدي عن جهاز التنفس وتمكنه من “قول بضع كلمات”.
وقال نجل رشدي في بيان “رغم ان جروحه خطرة ويمكن أن تبدل حياته، لم تتأثر روح الدعابة المعتادة المشاكسة والعنيدة التي يتمتع بها”.
وأفاد رئيس مجموعة “سيتي أوف أسايلوم” هنري ريس الذي كان بصدد محاورة رشدي قبل تعرضه للاعتداء بأنه اعتقد بادئ الأمر أن شخصا ما ينفذ مقلبا سيئا، لكنه أدرك حقيقة الأمر عندما شاهد الدماء، علما بأنه أصيب بجروح أيضا.
قال ريس الذي أطل الأحد على شبكة “سي إن إن” مع ضمادة كبيرة تغطي عينه اليمنى المتورمة والمصابة بكدمات “كان صعبا جدا فهم الأمر. بدا كأنه مقلب سيئ. لكن بعدما تشك لت خلفه (بقعة) دماء أصبح الأمر حقيقة”..
في لبنان، أشار علي قاسم تحفة رئيس بلدية قرية يارون في جنوب لبنان إلى أن هادي مطر “من أصول لبناني ة”.
وتابع في حديث مع وكالة فرانس برس، “و لد ونشأ في الولايات المتحدة، ووالده ووالدته من يارون”.
وقيل لمراسل فرانس برس الذي زار القرية السبت إن والدي مطر مطل قان وما زال والده يعيش في القرية.
وطلب من الصحافيين الذين قدموا إلى منزل والده المغادرة.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 16/08/2022