نص سردي:   الحلم الأمريكي

قررت أن أحب أمريكا، لأنني كنت نائماً فرأيتني في غرق النعاس أقبل يد الرئيس الأمريكي، كانت يده رطبة جداً كأنها يد فتاة تشتغل في معمل للصابون المعطر!
طلبت من السيد الرئيس أن يدلني على البيت الأبيض كي أوقع في الدفتر الذهبي، وأعبر عن حبي وامتناني للولايات الأمريكية، استل الرئيس يده من يدي ونحن في باحة البيت الأبيض، فضربتني الفيقة، ولما أردت التوجه إلى المغسلة، امتدت إلي يد خشنة، وأنزلتني من السرير، وقال لي صوت جهوري: ماذا كنت تفعل مع الرئيس الأمريكي؟
لم أكن في تلك اللحظة قد رتبت مزاجي كي أرد على مثل هذا السؤال، لأني اعتبرت الحلم حلما انتهى باستيقاظي، وها أنا أفاجأ بهذا الغريب يسألني عن أمر ليس لي فيه دخل.
فالرئيس الأمريكي هو الذي اقتحم علي نومي ومد يده إلي ، أنا فقط تمتعت برطوبة اليد ورائحة الصابون العطر الذي حلق بي بعيدا في أرجاء البيت الأبيض!
الرجل الجهوري الصوت كان يرتدي بذلة رياضية وحذاء رياضيا، شعره حليق تفوح منه هو كذلك رائحة عطر فرنسي مشهور، لم أشعر معه بأي خوف، فرغم اقتحامه لغرفة نومي، اعتبرت المسألة عادية جدا، فأنا ملك الدولة ومن ممتلكاتها الخاصة، فكيف لي أن أحتج على اقتحام بريء من رجل أنيق، فأنا والغرفة في خدمة الوطن، وحتى حلمي بولوج البيت الأبيض ولمس اليد الرطبة للرئيس وتقبيلها، كان من أجل مصلحة البلد، فلولا عودتي إلى الوطن بانتهاء الحلم لطلبت منه أشياء كثيرة لبلدي وأهل بلدي!
قال لي الرجل الأنيق: كم استغرق لقاؤك بالرئيس الأمريكي؟ قلت له: عشر دقائق على ما أعتقد، فقد انتبه إلى أنني بدأت أستيقظ من حلمي، فطاف بي سريعا وسط البيت، ثم انسحب ليرد على مكالمة هاتفية، ولأن رنين الهاتف كان شديداً فقد أعادني إلى الصحو.
شدني الرجل من رأسي وأخرج آلة لا أعرف وظيفتها ولا اسمها، وضعها في أذني ثم شغلها فلما انتقل ضوء المصباح من الأحمر إلى الأخضر سحبها!
وضعها في محفظة جلدية، سلم علي وانسحب.
لم يكد يبتعد عن منزلي كثيرا، حتى استسلمت لنوم جديد، فرأيت في ما يرى النائم، الرئيس العربي، مددت له يدي، فلما استيقظت كانت أطرافي في محفظة سفر كبيرة!


الكاتب : عبد العزيز حاجوي

  

بتاريخ : 18/10/2024