نمو الاقتصاد الوطني محفوف بمخاطر الجفاف وتراجع معدلات الأمطار التي انخفضت بنسبة 60.6 %

وتيرته تراجعت من 4.5 % إلى 3 % خلال الفصل الأخير من 2024

 

أكد تقرير «موجز الظرفية» الذي تصدره المندوبية السامية للتخطيط أن الاقتصاد المغربي، ورغم الدينامية الإيجابية التي يعرفها خلال الفصل الأول من العام الجاري، يظل مع ذلك محاطا بهوامش عدم اليقين، خاصة فيما يتعلق بالظروف المناخية وتأثيراتها على النشاط الفلاحي. فقد انخفضت معدلات الأمطار بنسبة 60.6% مقارنة بموسم عادي حتى نهاية دجنبر 2024. وإذا استمرت الظروف الجافة، قد يفقد الاقتصاد حوالي 0.8 نقطة من النمو المتوقع خلال الفصل الأول من 2025. في المقابل، يمكن لتحسن الطلب في منطقة اليورو أن يدعم الصادرات والصناعة الوطنية، مما قد يعوض جزئيا عن التأثيرات السلبية الأخرى.
وحقق الاقتصاد الوطني المغربي خلال الفصل الرابع من عام 2024، نموا بنسبة 3%، بعد أن كان قد سجل نموا بنسبة 4.3% خلال الفصل الثالث، وفق ما أكدته احصائيات المندوبية السامية للتخطيط. ويعود هذا التراجع النسبي إلى اعتدال وتيرة النشاط في القطاعات الثانوية وانخفاض زخم الطلب الإجمالي. ومع ذلك، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد نموا بنسبة 3.5% خلال الفصل الأول من عام 2025، مدفوعا بفرضية تحسن هطول الأمطار وغياب صدمات تضخمية خارجية.
أظهرت النتائج خلال الفصل الثالث من عام 2024 قدرة الاقتصاد المغربي على الانتعاش، حيث سجلت الأنشطة غير الفلاحية نموا بنسبة 5.1% مقارنة بمتوسط 3.2% في النصف الأول من العام. وقد انعكس هذا الانتعاش في زيادة الصادرات بنسبة 9.8%، مقارنة بنسبة 7.8% في الفصل السابق، مدفوعة بالطلب الخارجي المتزايد من أوروبا وآسيا. وأسهمت الصناعات الاستخراجية والكيميائية والإلكترونية وصناعات السيارات والنسيج في هذا التحسن، حيث حققت معدلات نمو تراوحت بين 3.5% و18.2%.
على مستوى الطلب الداخلي، ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 3.9% خلال الفصل الثالث، فيما شهدت الاستثمارات زيادة ملحوظة بنسبة 13.5%، مما يعكس جهود الشركات في تحديث تجهيزاتها الإنتاجية وتعزيز مشاريع البنية التحتية. ونتيجة لذلك، ارتفع الناتج الداخلي الخام بنسبة 4.3%، مما أدى إلى تحسن طفيف في معدل التشغيل الذي بلغ 37.6%. رغم ذلك، بقي معدل البطالة مستقرا فوق عتبة 13%.
ومع نهاية العام، ازداد احتياج الاقتصاد للتمويل بنسبة نقطتين ليصل إلى 3.8% من الناتج الداخلي الخام، نتيجة لتزايد الاستثمار بوتيرة أعلى من المدخرات. وترافق ذلك مع ارتفاع مديونية الخزينة والشركات.
ويتوقع أن يستمر الاقتصاد المغربي في تحقيق نمو إيجابي مع بداية 2025، حيث ينتظر أن تصل نسبة النمو إلى 3.5% خلال الفصل الأول. كما سيظل النشاط غير الفلاحي المحرك الرئيسي للنمو، رغم اعتداله التدريجي إلى نسبتي 3.7% و3.5% على التوالي خلال الفصلين الرابع من 2024 والأول من 2025. ومن المتوقع أن يحافظ الطلب الداخلي على دوره الرئيسي، مع استمرار تحسن استهلاك الأسر بنسبة 3.4% في الفصل الأول من 2025.
في المقابل، يُتوقع أن يشهد نمو الطلب الخارجي تباطؤا طفيفا، ما قد يؤثر على خطط الشركات الخاصة للاستثمار. ومع ذلك، ستظل الاستثمارات العمومية في البنية التحتية قوية، مدعومة بمشاريع مثل تحلية المياه وتنظيم الأحداث الرياضية، مما سيدفع الاستثمار الإجمالي للنمو بنسبة 9.8% و8.8% خلال الفصلين المذكورين.
وعلى صعيد التجارة الخارجية، ستظل مساهمة المبادلات التجارية في النمو سلبية، رغم تحسن نسبي في حجم الصادرات التي يُتوقع أن ترتفع بنسبة 7.1% خلال الفصل الأول من 2025، مقابل نمو أقل ديناميكية للواردات. كما ستظل الضغوط التضخمية محدودة، مع توقع انخفاض أسعار الاستهلاك إلى 0.7% في الفصل الرابع من 2024. ويُعزى هذا الانخفاض إلى تراجع أسعار المنتجات الغذائية وغير الغذائية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار السلع الطازجة والطاقة.
أما بالنسبة لظروف التمويل، فقد شهدت الكتلة النقدية تسارعا خلال الفصل الرابع من 2024، مع نمو بنسبة 7.1%، ويتوقع استمرار هذه الوتيرة في بداية 2025. وقد أدى العفو الضريبي المطبق في دجنبر 2024 إلى تعزيز السيولة البنكية، ما قلل من احتياجات إعادة التمويل ودعم استقرار السوق النقدي. كما ارتفعت الموجودات الصافية من العملة بنسبة 3.8%، بينما زادت ديون الخزينة بنسبة 7.7%.
في سياق متصل، استمرت أسعار الفائدة في السوق بين البنوك في الانخفاض، حيث تقلصت بنسبة 29 نقطة أساس عن متوسطها السنوي. وشهدت سوق الأسهم أداء إيجابيا، حيث ارتفع مؤشر «مازي» بنسبة 22.2%، مدفوعا بارتفاع أسعار أسهم قطاعات متعددة مثل الإنعاش العقاري والصحة والتعدين.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 14/01/2025