نصوص تروي أهوالَ المقبل، الذي نعجنهُ بأيدينا اليوم
ضمن سلسلة «براءات»، صدرت مؤخرا عن منشورات المتوسط ـ إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعر والصحافي المصري، إبراهيم المصري، حملت عنوان «نهاية العالَم كما نألفُه» تقع في 168 صفحة من القطع الوسط.
المجموعة هي نصوصٌ بدءًا وختامًا، كما يصرّح إبراهيم المصري في آخرها، كُتِبت «بالسخرية لمنازلة الأشباح» ما بين غشت وأكتوبر 2019، كتنبيهٍ شعري على أن ما يحدث في العالم من تحولات، في زمن الجائحة، لن تجعله كما ألفناه.
وجاء في تقديم المجموعة: يجزم المصري في بداية الكتاب أنَّ طباعَ الحبّ ستكون أشدَّ شراسةً، ولن تختفي الحرب. فكرتان من بين خمسٍ لدى الشاعر عن الألفية الثالثة، يراهن فيها على أنَّ الكتابة إذا كانت مرافقة لشغف الإنسان ومحنته، فإنَّها أوَّل ما يستشعر المستقبل. وبين نبرة الأمل ونشوة التفاؤل والخوف من المجهول، تخرجُ نصوص الكتاب كجزرٍ من الضباب، كحالاتٍ متفرِّدة تجمعُها ظلالُ الحياة اللامتناهية، في عالمٍ يكتنفه الغموض والتوجّس، وترقّب الموت المقيم على حواف الأشياء، وقد أصبحنا جميعًا موتًا يمشي على البسيطة. ولا يتوارى المصري وراء كلماتهِ، بل يفكِّكٌ سيرتهُ اليوميَّة وأسئلةَ الوجود المادِّي لأجسادنا المُبرمَجَة، قبل أن تتحوَّل أراوحُنا إلى كائنات رقميَّة، وقريبًا سيكون مونتاجُ الذاكرةِ متاحًا ويعاد الاعتبار تكنولوجيَّا للولادة والموت، ونتناول طعامنا في كبسولات، ويصبحُ للملَل مختبرات، وكمبيوتر مركزي لإحصاء الفضائل… وعلى هذا النحوِ من كبساتِ زرٍّ تتحكم فينا، وفي الحياة والتاريخ والمستقبل، بروبوتات تشاركنا الحبّ والدموع والنّدم، وليُمسي العالم القديمُ بمآلات انهيارهِ، رفيقَ الشِّعر في النعش إلى المقبرة.
نصوصُ إبراهيم المصري هي تنبيهٌ وانتباهٌ لأحاسيس الجسد، وما يمكن اكتشافهُ بقوَّة الكلمات في دواخلنا، وأيضًا ما يضيعُ منّا، في فارق التوقيت، بين النهاية وما ألفناه. إنها كتابةٌ حادةٌ وغنِّيةٌ بالمعارفِ والتفاصيل، لا تتوخّى الحذرَ في تحريكِ الراكد من أسئلةِ الفلسفة والدين والتراث والعلم. كما أنها، وبالسخرية اللَّازمة، تروي أهوالَ المقبل، الذي نعجنهُ بأيدينا اليوم.