نوقش في ندوة نظمت مؤخرا بخنيفرة   … واقع “العنف ضد النساء” بعد سنتين من تنزيل قانون 103-13

تحت شعار “لا تسامح مع العنف ضد النساء”، نظمت “جمعية أنير للتنمية النسوية والتكافل الاجتماعي” بخنيفرة،  في سياق حملة مناهضة العنف ضد المرأة، بشراكة مع اتحاد العمل النسائي، وتمويل من الاتحاد الأوروبي والجمعية الأورو متوسطية، ندوة  تفاعلية  احتضنها المركز الثقافي أبو القاسم الزياني،  الجمعة 4 دجنبر 2020، حول “حصيلة سنتين من الاشتغال بقانون العنف ضد النساء 103-13″،   بحضور  فعاليات نسائية، جمعوية، حقوقية، تربوية، إعلامية، ومن قطاعات عمومية مختلفة، وعدد من المتتبعين  للموضوع ومسؤولي وتلاميذ بعض الأندية التربوية.

ذ. لحسن أيت مغروس، مسير اللقاء ، وضع الحضور في صميم الحدث ودلالاته، فيما تقدمت الطالبة فاطمة الزهراء العمراني بكلمة افتتاحية تناولت  ظاهرة العنف ضد النساء،والتي  صارت بحاجة إلى دراسة وتمحيص، مشيرة  لما جاءت به مدونة الأسرة ومقتضيات الدستور حول المرأة مقابل إشكالية العنف الاجتماعي وما يتطلبه الوضع اليوم من تغيير إيجابي.

ذ. أحمد توفيق الزينبي، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان، انطلق

مما “عرفه المغرب من تقدم في مجال مناهضة العنف ضد المرأة على مستوى التشريع، ومن إصلاحات على مستوى مدونة الأسرة والدستور ، ثم القانون 103-13″، غير أن الوقائع والاحصائيات المسجلة “تنذر بضرورة تفعيل سياسة وقائية مندمجة، ومعالجة الانماط السلوكية والثقافية”، إذ أن أي رقم يتم تحليله ضمن الاحصائيات،   يؤشر على أن العنف يرتبط عميقا بالإشكالات المجتمعية”، علاوة على الشكايات التي تنتهي بالتنازل أو بالصلح، ونسبة قليلة جدا التي قد تصل إلى الإدانة، ما يستدعي إعادة النظر في مجموعة من التحليلات والنتائج، لافتا إلى  الباب الرابع من قانون 103-13، وموضوع التكفل بناء على ما حدده المشرع، ليخلص إلى “ضرورة الارتقاء بالعناية الواجبة تجاه الأفراد والضحايا”، وتحقيق”آليات جبر الضرر والدعم المادي وتوفير الإيواء، وتنزيل البرامج التي تهم السلوكيات الثقافية”، مع مراجعة مفهوم التكفل والإطار القانوني ككل…

ذة. فتيحة حروش، رئيسة الجمعية المنظمة ، قدمت تقييما أوليا لمشروع/ قانون 103-13 بعد سنتين من إطلاقه، مستعرضة محطات أساسية من كرونولوجيا   القانون الذي وصفته ب ” غير المواكب لنضالات الحركات النسائية ولا للقوانين المتعلقة بحقوق ومطالب النساء”،  مشيرة إلى  افتقاره  ل ”  مقاربة حقوقية”،  مذكرة بأن ” فترة الحجر الصحي  أظهرت مدى اهتمام وتفاعل المجتمع المدني مع وضعية النساء خلف أسوار البيوت”.وتطرقت   إلى   موضوع  “التكفل بالنساء ضحايا العنف”، لافتة إلى أن  “التعامل مع قضايا النساء المعنفات” يبدو أحيانا  “كباقي القضايا العادية”، وأن “بعض الأحكام الصادرة” تكون   غير متلائمة مقارنة “مع بشاعة العنف الذي يعترض الضحية المشتكية زائد العوائق التعجيزية”، مطالبة بإحداث مركز للاستماع وإيواء النساء المعنفات  ، وكذا الأطفال ضحايا العنف والاغتصاب.

المحامية خديجة أبو الحسن،  اختارت قراءة الوضع  انطلاقا من تعريفها بمفاهيم العنف، الجنسي منه والنفسي والاقتصادي، والعقوبات التي يجري تطبيقها على المستوى القانوني، متوقفة عند  “القانون المسطر والأحكام الصادرة مقابل إشكالية التنازل عن المتابعات التي تخلق ارتباكا وإحباطا جليا”، متناولة الاحصائيات المتعلقة بنسبة الشكايات المطروحة على مكاتب القضاء من جانب المعنفات وغيرها من القضايا الأسرية، داعية إلى إحداث وتجهيز مرافق خاصة للتكفل بالمعنفات إلى حين صدور الأحكام. وأشار  العرض إلى “ما يصيب النساء أحيانا من إحباط ويأس لدى تقدمهن للجهات الأمنية للتشكي، سيما المنتميات منهن للفئات الهشة والطبقات المهمشة”، لافتة إلى أهمية   العمل على توفير ”  نفسانيين ومساعدين اجتماعيين مختصين بشكل أو قرار رسمي يؤكد مهمتهم بصورة قانونية”.

ونظرا لتعذر حضور المحامي ذ. امحمد أقبلي، فقد تمت تلاوة مداخلته من طرف إحدى الطالبات، متناولا”ما تواجهه النساء المعنفات من عراقيل تحول دون لجوئهن إلى السلطات المعنية بتفعيل القانون، وتتعلق أساسا بالحق في الولوج الى العدالة”، وهي “عراقيل إما ثقافية تتمثل في الموروث المطبع مع ظاهرة العنف ضد النساء، أو عراقيل قانونية تتمثل في عدم وضوح الإطار التشريعي وتحميل الضحية عبء الاثبات”، أو “عراقيل اقتصادية تتمثل في ضعف الامكانيات وغياب المساعدة القانونية والقضائية”، أو “عراقيل نفسية تتمثل في الخوف وفقدان الأمل في الانصاف”، أو عراقيل إجرائية تتعلق بسلوك بعض الجهات المعنية بالقانون. وقدم العرض ، أيضا ،  قراءة في إحصائيات العنف الممارس ضد المرأة، والواردة في تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018، وكيف أنه “بالرغم من دخول القانون المذكور لحيز التنفيذ، خلال هذه السنة، أخذ الجهاز الاحصائي لرئاسة النيابة في “رصد المزيد من المتابعات من أجل جنح جديدة أقرها قانون محاربة العنف ضد النساء”، منها جنح التعنيف الجسدي، والطرد من بيت الزوجية، والامتناع عن ارجاع الزوجة للبيت، والتحرش الجنسي بالفضاءات العملية والعامة والنظام المعلوماتي”ن لافتا إلى  “العدد الكبير من الشكايات التي تم تسجيلها بمخافر الشرطة والدرك، وبخلايا التكفل بالنساء المعنفات، ولم تجد طريقها للمحاكم، إما بسبب التنازل أو بانعدام الإثبات، أو بسبب إهمال المشتكيات لشكاياتهن”،   مسجلا ملاحظات أساسية،  منها ” تخفيف العقوبات في حق المدانين في جرائم العنف ضد النساء”، ما يعكس،   نوعا من “التساهل مع خطورة الأفعال الجرمية وشكلا من أشكال التطبيع معها”؟

وتميزت الندوة  بعدد من التدخلات والنقاشات التي تناولت في مجملها ظاهرة العنف في شموليتها، والعنف ضد النساء كسلوك على المستوى البسيكولوجي، والصورة الذهنية والمجتمعية المعاشة تجاه المرأة وظروف التعامل معها، وواقع المنظومة والمقررات التربوية إزاء موضوع المرأة وقيم التسامح والمساواة ونبذ العنف.. تدخلات خلصت إلى ضرورة تعزيز الضمانات والمكتسبات التي تروم النهوض بأوضاع وحقوق النساء.

 

 

 


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 09/12/2020