نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا لإيزابيل كيرشنر، تقول فيه إنه عندما يتم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس بعد ثلاثة أشهر فإنها ستكون في حي سكني ليس بعيدا عن المدينة، مشيرة إلى أن المقر المؤقت، الذي تم التسريع به سيكون رغم التصريحات المتناقضة من الإدارة الأمريكية عن افتتاحها العام المقبل حتى يتم إنشاء مبنى حديث.
وتقول كيرشنر: «فيما سينظر إليه على أنه أهم خطوة في السياسة اتخذت منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإنه يخطط لافتتاح السفارة الأمريكية في القدس، بعد ثلاثة أشهر في مكان ليس من الصعب التعرف عليه».
ويكشف التقرير عن أن مقر السفير المؤقت سيكون في القنصلية الأمريكية، وهو مجمع يشبه القلعة المختفي على منحدر في منطقة سكنية لا تبعد إلا أميالا قليلة عن جنوب البلدة القديمة، مشيرا إلى أنه لا يمكن رؤية المبنى بكامله من الطريق، باستثناء علم أمريكي كبير يرفرف على أعلى المجمع.
وتستدرك الصحيفة بأن «قرار دونالد ترامب نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس لم يمض دون ملاحظة، ولا تصميم واشنطن على تسريع عملية النقل، وعندما أعلن ترامب عن قراره في كانون الأول/ ديسمبر 2017، فإنه كان يتخلى عن سبعة عقود من السياسة الأمريكية، وهذا هو موقف الغالبية العظمى لدول العالم، فإن المسؤولين تحدثوا عن عملية قد تأخذ سنوات».
وتشير الكاتبة إلى أنه بعد شهر تحدث نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس،عن التحول إلى السفارة الجديدة بحلول 2019، إلا أن البيت الأبيض تحدث يوم الجمعة عن افتتاح السفارة بشكل مؤقت في القدس في الذكرى السبعين على ولادة إسرائيل، في 14 أيار/ مايو، لافتة إلى أنه كخطوة أولى، فإن القنصلية في حي أرنونا قالت إنها ستخصص بعض المكاتب للسفير ديفيد فريدمان وطاقم صغير.
ويفيد التقرير بأنه سيتم توسيع المجمع في نهاية العام المقبل، ليضم مقر السفارة المؤقتة، ويوفر مكاتب للسفير وفريقه، حيث من المتوقع أن ينتقل فريدمان من مقر إقامته في هرتسيليا في شمال تل أبيب حتى يتم العثور على مسكن آمن له في القدس، مشيرا إلى أن البحث عن مقر دائم للسفارة لا يزال جاريا، إلا أن «وجه الحكومة الأمريكية سيظل في المستقبل المنظور في حي أرنونا».
وتنقل الصحيفة عن مسؤول في وزارة الخارجية، قوله إن القنصلية، التي افتتحت في عام 2010، تعد من أكثر الأماكن الآمنة التابعة للولايات المتحدة في القدس وتل أبيب، وأضاف المسؤول أن لا تغير سيحصل على صلاحيات القنصلية، التي تحتفظ باتصالات سياسية واقتصادية وثقافية وتعليمية مع الضفة الغربية وغزة وكذلك القدس، وتقدم خدمات للمواطنين الأمريكيين.
وتقول كيرشنر إن «الحياة في أرنونا لم تتغير وتيرتها، ففي الشارع القريب من المجمع تدير نعومي إلوك محل تجميل، حيث عاشت هناك لـ30 عاما، وكانت في المحل فتاة شابة مسلمة تنتظر العلاج».
ويورد التقرير عن إلوك، قولها إن 80% من زبائنها هن من الفلسطينيات في القدس الشرقية، وتضيف: «أنا سعيدة بنقل السفارة.. ستغني الحي وتجلب مزيدا من الأمن».
وتذكر الصحيفة أن مجمع أرنونا يقع بين القدس الغربية ذات الغالبية اليهودية والشرقية، التي ضمتها إسرائيل بعد حرب عام 1967، وهو تحرك لم تعترف به أي دولة، مشيرة إلى قول الخبراء إن المجمع كان دائما تحت سيطرة إسرائيل، وإنه لا يعد أرضا محتلة.
وتنقل الكاتبة عن المحامي المتخصص في شؤون القدس دانيال سيدمان، قوله: «هناك طرق لا نهائية تجعل من النقل مرعبا وذا آثار عكسية ومدمرا»، ويضيف أن «المكان ليس هو المشكلة».
ويبين التقرير أنه «في منطقة المجمع هناك فندق قديم يطلق عليه اسم (ذا ديبلومات/ الدبلوماسي)، الذي أستأجره الأمريكيون من مالكيه الكبار في العمر الذين يتحدثون باللغة الروسية، وتظهر حبال الغسيل المعلق خارج بعض النوافذ، وعبرت إحدى المقيمات، واسمها تشارنا كومار (80 عاما)، التي وصلت من موسكو عام 2004، عن سرورها من الجار الجديد، قائلة إنه من (المهم جدا) أن تكون هناك سفارة في القدس، وهناك مبنى حجري فيه فرع لمجموعة (بيرغر بار) المشهورة في إسرائيل».
وتلفت الصحيفة إلى أن بعض السكان في أرنونا يخشون من منظور نقل السفارة وتأثيره على حركتهم، مثل مايكل فريشر(52 عاما) وهو مدرب القيادة، الذي يدرب منذ 20 طلابه على الشارع في أرنونا؛ لأنه قريب من خط امتحان القيادة، فيقول: «بالنسبة لنا فإنه أمر ليس جيدا، سيكون أمرا مزعجا لنا وقد يغلقون الشارع».
وتنقل كيرشنر عن زميل آخر مدرب قيادة، ويدعى أوفاديا تامير(52 عاما)، قوله إن بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من اتهامات فساد، قد يحصل على دفعة سياسية، إلا أن أحدا لن ينتفع من نقل السفارة، ويضيف: «قد ينفع نتنياهو ولا أحد غيره»، وعبر عن قلقه من غضب الفلسطينيين من قرار نقل السفارة، قائلا: «لا نريد مشكلات».
وينوه التقرير إلى أن نتنياهو أشاد بالأخبار القادمة من واشنطن حول نقل مبكر للسفارة، وقال يوم الأحد: «هذه لحظة عظيمة لشعب إسرائيل، وهي لحظة تاريخية لدولة إسرائيل»، مشيرا إلى قول مسؤولين أمريكيين يوم الجمعة إن الملياردير الأمريكي المتطرف شيلدون أدلسون أعرب عن استعداده لتمويل بناء المقر الجديد للسفارة.
وتذكر الصحيفة أن الفلسطينيين شجبوا قرار تعجيل نقل السفارة، وقالوا إن الولايات المتحدة أصبحت جزءا من المشكلة وليس الحل، لافتة إلى أن «الولايات المتحدة ربما كانت تريد نقل السفارة احتفالا بإنشاء إسرائيل، إلا أن الفلسطينيين يتعاملون مع المناسبة على أنها نكبتهم، التي شرد فيها آلاف الفلسطينيين من بيوتهم».
وتفيد الكاتبة بأن الذكرى السبعين ستتزامن مع شهر رمضان، المتوقع أن يبدأ في 15 أيار/ مايو، وبعد ذلك بأيام سيبدأ التدفق على المدينة القديمة وصلاة الجمعة في الأقصى، منوهة إلى أن التزامن بين إنشاء إسرائيل وحلول رمضان ونقل السفارة هو حدث يثير مشاعر الفلسطينيين.
وتختم «نيويورك تايمز» تقريرها بالإشارة إلى قول البروفيسور في جامعة القدس زكريا القاق، إن التزامن يعد عنوان أخبار مهما، ويضيف أن نقل السفير هو مجرد خبر، إلا أن تزامن ذكرى النكبة وشهر رمضان يغير كل شيء، وهذا هو ما يعطي الأمر حساسة وتعقيدا.