«هجرة» و«انتقال» المتخصصين يعمقان الأزمة في خنيفرة : احتجاجات بسبب إفراغ المستشفى الإقليمي والمراكز الصحية من الأطباء

موجة تنديد واسعة يعيشها إقليم خنيفرة، خلال الفترة الأخيرة، سببها توغل أزمة الأطباء المتخصصين بالمركز الاستشفائي الإقليمي، والتي ازدادت تفاقما، في الأيام الأخيرة، جراء نزيف الانتقالات التي شملت العديد من هؤلاء الأطباء ليصير الوضع الصحي أكثر إثارة للقلق والتوتر، سيما بعد أن انضافت تأثيراته السلبية إلى الحالة المتردية التي تشكو منها «الخدمات المريضة» بالقطاع، مقابل غياب الإرادة الحقيقية لدى الوزارة الوصية لأجل علاج ما يعانيه سكان الإقليم مع الخصاص الخطير في الأطباء المتخصصين والعامين بالمستشفى الإقليمي والمراكز الصحية الحضرية والقروية، علما أن عدد سكان هذا الإقليم قد تجاوز 370 ألف نسمة.
وتضاعفت وتيرة «هجرة الأطباء المتخصصين» من المركز الاستشفائي الإقليمي بخنيفرة، بشكل صارخ، لتنضاف إلى أزمة الأطباء العامين، إذ من أصل 3 تخصص طب الإنعاش والتخدير بقي واحد فقط بعد انتقال 2 دون تعويضهما بآخرين، ونفس العدد بالنسبة لتخصصات مثل طب الأشعة وطب العيون، فيما خلت ذات المؤسسة الصحية من تخصصات طب الكلي وجراحة الأعصاب والدماغ وأمراض الجلد والروماتيزم، بعد انتقال المتخصصين في ذلك دون تعويضهم بآخرين، علاوة على قسم طب الأطفال الذي أصبح يشتغل بطبيبين من أصل 5 أطباء، واحد منهم شملته عملية انتقال، وآخر تخلي عن عمله فيما تم إلحاق زميله بأحد المستشفيات الجامعية.
وفي ذات السياق، لم يسلم قسم طب الأنف والحنجرة بدوره من لعنة الخصاص بعد عملية توقيف احتياطي عن العمل لطبيب من أصل اثنين، إضافة إلى قسم طب أمراض القلب الذي لم يعد يشتغل سوى بطبيب واحد بعد انتقال ثان، بينما تتجلى الكارثة أكثر في ما يتعلق بالأطباء العامين، عندما شملت «لعنة الانتقالات العبثية» أربعة من أصل عشرة أطباء، والإشارة الأخيرة تجر للوقوف على حالة المراكز الصحية المنتشرة على مستوى المجالين الحضري والقروي، وعددها 30، لا يتوفر منها على طبيب عام سوى 11 بعد انتقال 19 طبيب، أما عن مركزي تصفية الكلي (الدياليز) فيعيشا حاليا ب «صفر طبيب» في وضع جد مأساوي ومخيف للغاية.
ولم يكن متوقعا ولا منتظرا أن يتمكن هذا الوضع من توحيد كلمة وموقف برلمانيي الإقليم، في سابقة الأولى من نوعها، وتحت أزمات وتحديات أخرى توجد في الظل، كما جمع الأمر احتجاجات الشارع المحلي، مقابل الإشارة إلى أن مكونات المجتمع المدني، والإطارات الحقوقية والمنابر الإعلامية، لم تتوقف منذ فترة طويلة عن قرع نواقيس الخطر، عبر الكثير من النداءات والوقفات والبيانات التنديدية، بخصوص ما يعانيه الوضع الصحي من اختلالات وأزمات، ومن هزالة المعدات والتجهيزات، والنقص في الأطباء المتخصصين، وطول المواعد الطبية وتدني جودة الخدمات، وظاهرة تهريب المرضى إلى المصحات الخاصة.
وفي خضم الموضوع، تحدث أحد الفاعلين السياسيين عن وعد من مدير الموارد البشرية بوزارةالصحة بالانتقال إلى المركز الاستشفائي الإقليميبخنيفرة، للوقوف عن قرب على حقيقة الوضع الخطير، واتخاذ ما يمكن من الإجراءات اللازمة لمعالجة الأمر، وذلك تفاعلا مع الأزمة التي أضحت تعانيها هذه المؤسسة الصحية إثر تفاقم نزيف «هروب الأطباء»، خلال الفترة الأخيرة، ومساهمة ذلك في ارتباك السير العادي للخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وكذلك في تقوية التساؤل حول أسباب إفراغ المستشفى المذكور من موارده الطبية، وملابسات الموافقة العمياء على نقل الأطباء إلى مدن أخرى رغم علم الجميع بمدى حاجة هذا المستشفى للأطباء.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 08/01/2025