هل تتجه الحكومة نحو اقتطاع 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار لمواجهة أزمتها المالية؟

 

أمام الضغوط الخارجية المتمثلة في اشتعال أسعار المواد الأولية الأساسية في السوق الدولية (لاسيما الطاقة والحبوب)، بسبب الحرب الدائرة رحاها بين روسيا وأوكرانيا، والظرفية الداخلية الصعبة المتمثلة في تداعيات الجفاف على الموسم الفلاحي الذي طالما شكل المحرك الحقيقي لعجلة الاقتصاد الوطني، فإن حكومة عبد العزيز أخنوش مازالت تتردد في الإعلان عن خطتها لمواجهة هذه التحديات التي تهدد التوازنات الماكرواقتصادية للبلاد.
وعلى الرغم من لهجة الاطمئنان التي تحاول الحكومة التحدث بها للرأي العام خلال كل خروج إعلامي لمسؤوليها، فإن المعطيات الواردة من وزارة الاقتصاد والمالية ومن المديرية العامة للخزينة، تنبئ بدخول المالية العامة في نفق معتم لا يمكن التكهن بموعد نهايته، طالما لم تضع الحرب أوزارها، وطالما لم تهدأ فورة الأسعار في الأسواق الدولية، وأمام هذا الوضع يبدو أن لدى المغرب خيارين، إما إعادة تعديل ميزانية الاستثمار أو إعادة ترتيب أولويات قانون المالية. وحتى هذه اللحظة فإن أيا من هذين الخيارين غير مطروح، في الوقت الحالي، مادامت الحكومة تطمئن المغاربة بكون الإجراءات المتخذة لا تزال تجعل من الممكن التعامل مع الوضع.
فقد صرح فوزي لقجع ، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ، في حديث لراديو MFM ، أنه للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار النفط الخام والمواد الأساسية ، فإن الحكومة تتجه اليوم إلى تخصيص ميزانية قدرها 15 مليار درهم ، علما بأن هذا المبلغ غير منصوص عليه في ديباجة قانون المالية 2022، والتي صادق عليها نواب الأمة.
وأوضح الوزير أنه للقيام بذلك، سيتعين على السلطة التنفيذية اتخاذ خيارات لمواجهة تحديات التنمية. وأشار إلى أن “قانون المالية يمنح الحكومة حلين بديلين”. الاحتمال الأول هو “خفض الإنفاق الاستثماري بنسبة 14٪، مما يجعل من الممكن توفير ميزانية قدرها 15 مليار درهم وبالتالي تمويل الدعم للتعامل مع التضخم المستورد”، والثاني يتمثل في “تقديم قانون مالية تعديلي”.. غير أن أيا من هذه الإجراءات – يقول الوزير – لن تلجأ إليها الحكومة، مشيرا إلى أن أيا منهما “لن يكون كافيا تماما”. معتبرا في ذات الوقت أنه لا يزال لدى السلطة التنفيذية “مجال للمناورة” “لمواجهة التحدي” مع الحفاظ على “التوازنات الماكرو الاقتصادية “، مؤكدا أن الأولوية الآن هي “مواصلة مسار التنمية”.
وخلافا لرسائل التطمين التي تحاول الحكومة بعثها، بخصوص استقرار أوضاع المالية العمومية، يبدو أن الضغط على الميزانية العامة وارتفاع الإنفاق، يدفعان الحكومة بشدة نحو تقليص نفقات الاستثمار والرفع من وتيرة اللجوء إلى السوق الداخلي من أجل سحب مزيد من القروض من أجل تمويل حاجيات الخزينة.
فقد كشفت بيانات أصدرتها مديرية الخزينة العامة، أن العجز المالي بلغ عند متم شهر فبراير الأخير حوالي 11.5 مليار درهم عوض 10.2 مليار درهم خلال نفس الفترة من 2021. وذلك على الرغم من خفض نفقات الاستثمار بنسبة 2.5 في المائة لتتراجع من 15.4 مليار درهم نهاية فبراير 2021 إلى 15 مليار درهم في نهاية فبراير 2022، بسبب زيادة الإنفاق المسجل لدى الوزارات بنسبة 3.9 في المائة وانخفاض في التكاليف المشتركة بمعدل 4.5 في المائة.
وأوضح التقرير الشهري الذي تعده مديرية الخزينة العامة أن جاري الدين الداخلي للمغرب بلغ عند متم فبراير الماضي 672.8 مليار درهم، بارتفاع معدله 3.5 في المئة مقارنة مع مستواه في متم دجنبر من العام الماضي، وعزت المديرية ارتفاع منسوب الدين الداخلي إلى اقتراض الخزينة من السوق المحلي لمبالغ تقدر بنحو 21.3 مليار درهم نتيجة لطرحها عبر سندات الخزينة لأزيد من 42.1 مليار درهم وتسديدها لحوالي 20.7 مليار درهم.
وأكدت ذات البيانات أن نفقات خدمة الديون الداخلية للخزينة ارتفعت في شهر فبراير الماضي بنسبة 3.7 في المئة لتصل إلى 4 ملايير درهم كفوائد عوض 3.8 ملايير درهم المسجلة في التاريخ نفسه من العام الماضي، ويذكر أن قانون المالية لسنة 2022 يتوقع هذا العام أن تصل نفقات الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي للخزينة أزيد من 29 مليار درهم.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 15/03/2022