هل تريد الحكومة أن تفرض على المغاربة نظاما غذائيا نباتيا بالإكراه؟

بعد ارتفاع أسعار الدواجن واللحوم الحمراء وندرة الأسماك بسبب الراحة البيولوجية

 

هل تريد الحكومة أن تفرض على المغاربة نظاما غذائيا نباتيا بالإكراه؟ ذلك ما تؤكده أسعار الدواجن التي وصلت إلى مستويات قياسية تنذر بأزمة حقيقية تضاهي أزمة اللحوم الحمراء التي فشلت حزمة التدابير الحكومية في احتوائها.
وبعد أن أصبحت اللحوم الحمراء منذ عدة أشهر بعيدة عن متناول شرائح واسعة من المغاربة، ها هي اللحوم البيضاء بدورها تبتعد شيئا فشيئا عن القدرة الشرائية للمواطنين وتحلق في اتجاه 30 درهما للكيلوغرام الواحد. كل هذا والحكومة تتفرج على المشهد وكأن الأمر لا يعنيها، علما بأن قطاع الدواجن الذي يؤمن 65 % من البروتينات الحيوانية التي يستهلكها المغاربة، لم يسبق له أن استفاد من إجراءات الدعم العمومي بالشكل الذي تصرفه الحكومة بسخاء على السلاسل الإنتاجية الأخرى.
رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن، مصطفى المنتصر، أكد في تصريح لصحيفة «الاتحاد الاشتراكي» أن ارتفاع أسعار لحوم الدواجن يعود إلى جملة من العوامل على رأسها ضعف الإنتاجية خلال هذه الفترة من السنة، حيث تلعب الظروف المناخية دورا حاسما في هذا النشاط، حيث ترتفع درجات الحرارة خلال النهار إلى 26 درجة ، بينما تنخفض في الليل إلى ناقص 2 درجة ، وهذه التقلبات المناخية أثرت بشكل سلبي على القطيع، وعلى وزن الدجاج ما أدى إلى انخفاض في الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 18% و20.% .
العامل الثاني، يضيف المنتصر، يتجلى في ارتفاع الطلب على الدواجن مدفوعا بارتفاع أسعار اللحوم الحمراء من جهة، وبندرة المنتوجات السمكية في الأسواق بسبب الراحة البيولوجية، وهو ما زاد من الضغط على اللحوم الدواجن التي عرفت تكاليف انتاجها هي الأخرى زيادة صاروخية، سواء على مستوى سعر الكتكوت الذي انتقل من 4 دراهم إلى 13 درهما ، أو على مستوى الأعلاف التي شهدت خلال الأسابيع الأخيرة زيادات ملحوظة، أو على مستوى تكاليف تربية الدواجن خصوصا تكاليف التسخين أو أسعار التبن الذي انتقلت أسعاره من 12 درهما إلى 55 درهما للحزمة (البالة) ..
إلى هذه العوامل مجتمعة، ينضاف عامل الاحتكار الذي يعاني منه سوق الأعلاف المركبة، وهو ما أكده آخر تقرير لمجلس المنافسة في هذا الشأن والذي كشف عن معاناة سوق الأعلاف المركبة بالمغرب من تركيز عال، حيث تسيطر مجموعة قليلة من الشركات على معظم الإنتاج، فقد تبين أن 8 شركات فقط تستحوذ على 75% من السوق، فيما تسيطر مجموعتان رئيسيتان على نصف الحصص السوقية، رغم وجود 48 شركة فاعلة. مبرزا أن هذا التركيز يقلل من المنافسة ويمنح الشركات الكبرى القدرة على التحكم في الأسعار، مما قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على المستهلكين. وأشار المجلس في الرأي الصادر عنه حول وضعية المنافسة في سوق الأعلاف المركبة في المغرب إلى اعتماد قطاع الأعلاف، خصوصا الأعلاف الموجهة إلى الدواجن، بشكل كبير على استيراد المواد الأولية مثل الذرة والصوجا، حيث يتم استيراد أكثر من 90 في المائة من هذه المواد، مما يضع السوق تحت تأثير التقلبات في الأسعار العالمية، ويرفع تكلفة الإنتاج، ويؤثر على استقرار السوق.
وفي ظل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، يجد المواطن نفسه في مواجهة أزمة جديدة تزيد من تعقيد حياته اليومية. فبعد وعود وزارة الفلاحة والفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن (FISA) بتهدئة أسعار الدواجن، لم يتغير الوضع على أرض الواقع، ما يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الأسر المغربية التي يعاني قدرتها الشرائية من ضعف متزايد.
تصاعد أسعار الدواجن بشكل مستمر يثير القلق لدى الأسر المغربية، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد زيادة ملحوظة في الطلب على المواد الغذائية، بما فيها الدواجن. وتفسر الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن هذه الزيادة في الأسعار بعوامل متعددة، أبرزها الارتفاع الكبير في الطلب على الدواجن نتيجة الغلاء الحاد في أسعار اللحوم الحمراء، وهو ما دفع العديد من الأسر إلى الاعتماد على الدواجن كبديل اقتصادي نسبي. كما تشير الفيدرالية إلى دور الوسطاء في رفع الأسعار، حيث يساهم هؤلاء في إضافة تكاليف إضافية بين المنتجين والمستهلكين. وفي محاولة للحد من هذه الأزمة، أوصت الفيدرالية بضرورة تطوير منظومات متكاملة للقطاع تشمل تقليص التكاليف الهامشية وتعزيز إنشاء المجازر الصناعية لتحسين سلسلة التوريد وضمان استقرار الأسعار.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 09/01/2025