هل يهدد الهجوم الحوثي «الملاذ الآمن» الذي تقدمه الإمارات؟

 

يفتح الهجوم الذي شنه المتمردون اليمنيون على أبو ظبي، صفحة جديدة في الحرب في اليمن مع استهداف المتمردين الحوثيين الدولة الخليجية الثرية المعروفة كـ»ملاذ آمن» في المنطقة.
وهدد المتمردون مرارا بضرب الإمارات، لكن هذا أول هجوم حوثي مؤكد الذي يستهدف أراضيها. وتم بصواريخ وطائرات مسيرة، وفق ما أعلن الحوثيون، وطال صهاريج نفط في منطقة صناعية قرب «أدنوك»، شركة أبو ظبي النفطية، وتسبب بمقتل ثلاثة أشخاص وبحريق قرب المطار، وفق السلطات الإماراتية.
وتقول مديرة «منتدى الخليج الدولي للأبحاث»، دانية ظافر، «يبدو أن الحوثيين يعرفون أن سمعة الإمارات في صميم أهدافها الاستراتيجية». موضحة أن المتمردين «يأملون في تحقيق ضربة موجعة مع تكلفة متدنية لهم».
ويبلغ عدد سكان الإمارات عشرة ملايين، تسعون في المئة منهم من الأجانب من مئتي جنسية مختلفة. وفرضت الإمارات نفسها مركزا ماليا وللأعمال، بفنادقها الفخمة وأبنيتها الحديثة وأبحاثها في مجال التكنولوجيا وسعيها إلى اقتصاد يقوم على تنويع مصادر الطاقة، وطموحاتها الفضائية.
وفي شرق أوسط تعصف به النزاعات والفقر، تقدم الإمارات نفسها، كواحة «أمن وأمان» للأعمال والترفيه وجسر الى العالم. كما تسعى الى تقوية نفوذها الدبلوماسي في المنطقة.
وتعد الدولة الخليجية وجهة مفض لة لكثيرين وخصوصا الشباب العرب الباحثين عن فرص عمل.
وقد استثمرت بشكل كبير في النهوض وتطوير اقتصادها. ومن أكبر نجاحاتها إمارة دبي التي أصبحت محطة استقطاب مالية وسياحية وإعلامية مهمة في غضون عقود قليلة، ومركزا لمقرات شركات كبرى يزورها ملايين الأشخاص سنويا.
لكن الإمارات تشارك في الوقت نفسه في تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن منذ العام 2015 دعما للحكومة اليمنية في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من غير إيران، والذين بدأوا هجوما واسعا للسيطرة على اليمن منذ 2014.
وأعلنت الإمارات في 2019 أنها ستخفض قواتها في مناطق عدة في اليمن ضمن خطة «إعادة انتشار»لأسباب «استراتيجية وتكتيكية».
ويرى كبير المحللين اليمنيين في شركة الأبحاث «نافانتي غروب» الأمريكية، محمد الباشا أنه»على الرغم من أن أبو ظبي قامت بسحب معداتها العسكرية من اليمن، إلا أن أنصار لله «الحوثيين» يربطون العمليات العسكرية لألوية العمالقة في شبوة .. بالإمارات التي لعبت دورا رئيسيا في تشكيل وتدريب وتسليح هذه القوات».
وفي العاشر من يناير، أعلنت «ألوية العمالقة» استعادة السيطرة على محافظة شبوة الغنية بالنفط من المتمردين. وتدعم الإمارات هذه الألوية التي تأس ست في أواخر العام 2015 في منطقة الساحل الغربي، وتضم 15 ألف مقاتل على الأقل بعد تبنيهم الهجوم في أبو ظبي، دعا المتمردون اليمنيون الشركات والمدنيين إلى «الابتعاد عن المنشآت الحيوية» في الإمارات.
وترى ظافر أنه في حال تكررت هذه الهجمات، فإن «سمعة واحة الأمن في الشرق الأوسط» يمكن أن»تتضرر».
لكن الباحثة المتخصصة في شؤون الخليج إيمان الحسين تستبعد أن تؤثر هذه الهجمات «بشكل كبير على سمعة الإمارات»، وتقول لفرانس برس إن الدولة الخليجية «بنت علامة قوية وصورة بإمكانها تحمل الهجمات الأخيرة».
وتعهدت الإمارات بالرد على الاعتداء. وقصف التحالف العسكري الذي تشارك به الإمارات صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون بعنف كرد على الهجوم.
في الوقت نفسه، دعت الإمارات الى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن من أجل إدانة «الهجمات الإرهابية».
كما دعت الأربعاء الولايات المتحدة إلى «دعم إعادة تصنيف منظمة الحوثيين الإرهابية كمنظمة إرهابية أجنبية».
من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لفرانس برس إن «إدارة «الرئيس جو بايدن» عاقبت ­ وستواصل معاقبة ­ قادة قوات الحوثيين في اليمن الذين يشاركون في الهجمات العسكرية التي تفاقم الأزمة الإنسانية وتشكل تهديدا خطرا على المدنيين وتساهم في عدم الاستقرار الأوسع في اليمن وفي أماكن أخرى في المنطقة».
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أدرجت الحوثيين على قائمة المجموعات «الارهابية» في يناير 2021. ثم قامت إدارة جو بايدن بإلغاء ذلك.
وتقول الباحثة في جامعة أوكسفورد إليزابيث كندال إن الهجوم يشكل «تصعيدا كبيرا»، لكن الإمارات «استثمرت بكثافة في اليمن خصوصا في البنى التحتية السياسية والعسكرية في الجنوب»، وبالتالي «يستبعد أن تنحرف عن سياستها الطويلة المدى، على سبيل المثال عبر زيادة وجود قواتها في اليمن مرة أخرى على أساس الاستفزاز».


بتاريخ : 21/01/2022