هم ضحايا لاعتداءات جنسية، عنف، وأشياء اخرى.. أطفال وراشدون يعيشون التشرد في فضاءات عامة و«خاصّة» في الدارالبيضاء

 

لم تعد مشاهد وصور الأطفال الهائمين في شوارع العاصمة الاقتصادية استثنائية وعابرة بل أضحت جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لساكنة الدارالبيضاء، في الأحياء الراقية والمتوسطة والفقيرة على حد سواء. صغار من الجنسين يعيشون حياة التشرد، يلتحفون ببطانيات رثة، يرتدون أسمالا بالية، يتحركون على شكل جماعات، تحوم حولهم الكلاب الضالة في الكثير من الحالات، ويكون بعضهم برفقة أشخاص راشدين هم أيضا ممن لا مأوى لهم، يوجّهونهم ويحثونهم على الاستجداء وطلب المساعدة وعلى أشياء أخرى كذلك؟
أطفال وجدوا أنفسهم في الشارع لسبب من الأسباب، اتخذوا من جنبات السكة الحديدية مستقرّا لهم، كما هو الحال بالنسبة للخط الممتد ما بين الميناء المسافرين وبوشنتوف، الذي أضحت جنباته تعجّ بمن يعيشون حياة التشرد، خاصة على مستوى منطقة لاجيروند، التي وجد عدد كبير من المواطنين الذين يقيمون بإقامات تطلّ على خط السكة فيها يتفادون النظر من النوافذ تفاديا لمجموعة من المشاهد الشائنة، التي استنكروها مرات ومرات، وطرقوا لأجل إيقافها أبواب مختلف الجهات المختصة، بل وشكّل الأمر محور تدخل في إطار دورة سابقة لمجلس مقاطعة مرس السلطان دون أن تتوقف تلك المشاهد!
ظاهرة، استفحلت بشكل كبير في درب السلطان، ليس فقط بالقرب من محيط المحطة الطرقية لأولاد زيان وعلى مستوى ساحة السراغنة أو غيرها من الفضاءات الأخرى، فقد اتسعت رقعتها بشكل أكبر في حي لاجيروند الذي يعرف حضور مجموعة من المستودعات المهجورة، التي فارق أصحابها الحياة وخلّفوها ورائهم للورثة، الذين منهم من أهملوها في انتظار بيعها لمنعشين عقاريين بأسعار أكثر ارتفاعا، ومنهم من لم يتفقوا على أمرهم فتركوها لحالها منسية حتى إشعار آخر، مما جعلها تتسبب في الكثير من القلق للساكنة وتشكّل خطرا بفعل تآكل أسوار وجدران الكثير منها والتي قد تتساقط جزئيا أو كلّيا في كل وقت وحين.
مستودعات، تحتضن النفايات والمياه الراكدة وأضحت تجمعا للحشرات والقوارض وللكلاب الضالة، تم اقتحامها كذلك من طرف هؤلاء المشردين، الذين اتخذوا من مرافقها المهملة بيوتا، ومن فضاءاتها مسرحا لكل السلوكات، لفظا وتجسيدا، مما حرم السكان المجاورين من السكينة والهدوء، وجعل أنظارهم تصطدم بممارسات شائنة، هي عنوان على الاعتداءات الجنسية والعنف والاستغلال الذي تتعرض له فئة كان من المفروض أن يتم احتضانها في مرافق ومؤسسات اجتماعية وان يتم تقديم الدعم الكامل لها عوض أن يكون الشارع مصيرها.
وضعية قاتمة، جعلت الكثير من البيضاويين يدقون ناقوس الخطر وينبّهون إلى خطورتها وإلى تبعاتها المختلفة، الفردية منها والجماعية، والتي تتطلب من كافة المتدخلين، مؤسسات وفاعلين مدنيين، إيلائها أهمية فعلية والتدخل لمرافقة هؤلاء الصغار تحديدا، ومواكبتهم نفسيا واجتماعيا، ومنحهم أملا جديدا في الحياة بشكل يحفظ كرامتهم ويحترم آدميتهم ويصلح الأعطاب النفسية التي عاشوها قبل ذلك.


الكاتب : عادل الدكالي

  

بتاريخ : 01/05/2023