شغب وعنف خطيران حولا تجهيزات مجمع
الأمير مولاي عبد الله إلى حطام
ضرب الشغب من جديد كرة القدم المغربية في مقتل، بعد الأحداث الخطيرة والدامية، التي أشعلت فتيلها جماهير الجيش الملكي، بعد إقصاء الفريق العسكري من دور سدس عشر نهائي مسابقة كأس العرش على المغرب الفاسي بهدفين دون مقابل، بالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط.
قبل المباراة
«هوليغانيزم» جماهير الجيش الملكي انطلقت شراراته قبل المباراة، وذلك باعتراض كل شخص تشتم فيه رائحة الانتماء لفريق المغرب الفاسي. وهناك فئة من جماهير الفريق العسكري قضت ليلتها قرب «القامرة» (المحطة الطرقية)، متربصة بكل من تجرأ على التزين بالأصفر والأسود، في معقل إلترات الفريق العسكري، وهناك من نصب فخاخه قرب محطة القطار، عله يصطاد شابا لا ذنب له سوى أنه قدم من فاس ليساند فريقه المغرب الفاسي .
هذه كلها كانت مؤشرات تنذر بما يمكن أن تعرفه المباراة، سواء انتصر فيها الفريق العسكري أو انهزم، خاصة وأن هناك من عاد إلى مفكرته وتصفح صفحات دونت لصراعات قوية بين جمهور الفريقين، ليعود بالتالي إلى عصر الجاهلية، وحماسة الأخذ بالثار، أو كأنه في إحدى دول أوروبا الشرقية حيث ينتشر ما يعرف بـ «الفانديتا» (vendetta).
أثناء المباراة
مع انطلاقة المباراة، ظهر جيدا بأن الوضع سيخرج عن السيطرة، سواء من طرف جماهير فريق الجيش الملكي، أو جماهير المغرب الفاسي. وكان رفع الستار في «الكورفاتشي»، حيث اشعلت الشهب الاصطناعية، و»الفيموجين» والشماريخ، ومفرقعات تنفث دخانا أسود اللون، كما رافق ذلك رفع لافتات تنتقد إدارة فريق الجيش الملكي، وهنا يطرح سؤال جوهري عن سبب عدم تفتيش هؤلاء المتفرجين قبل ولوج الملعب، خاصة وأنه تم إدخال حبال استعملت لتسلق جدار الساعة الإلكترونية، والتي كلف إصلاحها غلافا ماليا مهما، وكم كانت الدهشة كبيرة عندما تحول بعض المتفرجين إلى متسلقين من المدرجات إلى أعلى الساعة الإلكترونية معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر، لأن تقطع الحبل أمر وارد، وعدم القدرة على بلوغ سقف الساعة ممكن أيضا، وهو ما يثبت بأن حبوب الهلوسة تستعمل بكثرة في مثل هاته الحالات.
وحتى يصب الزيت على النار، سيسجل فريق المغرب الفاسي هدفه الأول في وقت مبكر جدا الدقيقة السادسة، لتهيج الجماهير العسكرية غاضبة ضد الإدارة التقنية والإدارة المشرفة على التسيير، فبدأ الرشق بالحجارة، كما كان في مباريات سابقة، وهنا أيضا يتم التساؤل عن كيفية إدخال الحجارة إلى المدرجات قبل أن تتحول إلى مقذوفات قد تشكل خطرا كبيرا على كل من يمكن أن تصيبهم من قوات الأمن، ورجال القوات المساعدة، ورجال الوقاية المدنية .
ومع إضاعة كل فرصة للتهديف من طرف لاعبي الجيش الملكي يزداد الغضب والاحتقان، قبل أن يتحول الجمهور إلى بركان و»ماكما «تحرق كل من في طريقها، بعد الهدف الثاني للمغرب الفاسي، في الدقائق الأخيرة من المباراة.
« هوليغانيزم »
داخل الملعب
مباشرة بعد الإعلان عن نهاية المباراة، شرع مشجعو الجيش الملكي في اقتلاع الكراسي ورشق القوات الأمنية بها، ليجد الأمنيون أنفسهم في حاجة ماسة إلى من يحميهم، رغم توفر الواقيات، لكنها لم تكن كافية، كما أنهم كانوا أقل عددا من الجماهير، ليبدأ تراجع القوات الأمنية قبل أن تخلي أرضية الميدان، فكان الاجتياح الكبير.
بعد اقتلاع الكراسي، جاء الدور على شباك المرمى، ومنها كان التوجه صوب جماهير المغرب الفاسي في المدرجات المقابلة، خاصة وأن هذه الأخيرة استفزت الجماهير العسكرية بلافتة شبهتها فيها بالفئران.
وهم في الطريق داسوا على كل شيء، وخربوا كليا اللوحات الإشهارية، والتي تفوق خسائرها، حسب تقديرات بعض مسؤولي المركب، 600 مليون سنتيم.
وقبل الوصول إلى مدرجات مناصري الماص، تم المرور على شاشة» الفار» التي انتزعت من مكانها، وأصبحت عبارة عن خردة لا تصلح لشيء، ونفس الشيء الذي حصل مع بعض معدات قناة الرياضية.
وحتى لا يتم إفلات أي شيء، تم الدخول إلى مستودعات الملابس، فهشموا الزجاج وحطموا الأبواب واقتلعوها، ثم حولوها إلى حطام.
بدا حينها مجمع الأمير مولاي عبد الله كما لو أنه تعرض لإعصار أو قصف، حول كثيرا من مرافقه إلى أشلاء، قبل أن يتوجه المشاغبون نحو بعض لاعبي الجيش الملكي، حيث اعتدوا عليهم، قبل ان يذيقوا رجال الإعلام، وكل من قدر له التواجد بالقرب من مستودعات الملابس، بدورهم من طعم الاعتداء، فعاثوا فسادا في الملعب وبثوا الرعب في النفوس.
وكاد أحد محبي المغرب الفاسي أن يلقى حتفه بعد أن هاجمه أصدقاؤه خطأ، لأنه كان يرتدي اللون الأسود، الخاص بمشجعي الجيش الملكي.
وفي صفوف القوات الأمنية، سقط عدد كبير منهم جريحا، ومنهم من كانت إصابته بليغة، وهناك من يتحدث عن إصابات بكسور في الأطراف السفلى، كما شوهد رجل من القوات المساعدة يتألم بعد تعرضه لكسر في فكه.
في محيط الملعب
والطريق السيار
لم تنته الأحداث داخل مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، بل امدت إلى محيطه، حيث تم تخريب الممتلكات الخاصة، وهكذا تم إحراق دراجة نارية تواجد صاحبها في المكان الخطأ، ويظهر من خلال الدراجة بأن صاحبها إنسان بسيط جدا، وربما كانت تلك الدراجة مصدر رزقه.
وعلى الطريق المتجهة إلى مدينة الدار البيضاء تم اعتراض سائق سيارة، حيث قاموا بتهشيم زجاجها وسرقة محتوياتها، ومن ضمنها وثائق السيارة.
ولم تسلم السيارات الخاصة لرجال الأمن من الاعتداء، إذ تم تحطيم سيارة ضابط شرطة وقلبها.
وبلغت الوحشية مداها، عندما تم توقيف حافلة للنقل العمومي من طرف أربعة مشحعين فقاموا بتحطيم زجاجها بغاية سلب ركابها، لكن تدخل الأمن في الوقت المناسب، هذه المرة – ساهم – في توقيف اثنين منهم.
وتفرض هذه الأحداث الخطيرة التي روعت ساكنة الرباط، وشوهت سمعة كرة القدم المغربية، على جامعة كرة القدم ووزارة الداخلية، الحد من تنقلات الجماهير لمرافقة فرقها لأن ذلك أصبح يشكل خطرا على حياة الأبرياء.