واش حنا هوما حنا.. 06 – لافوكا بصلة.. وخيزو بنان

هي مظاهر ومشاهد إما عشناها أو واكبنها كأحداث ، منها ما يدخل في إطار نوسطالجيا جمعتنا ومنها ما هو حديث مازلنا نعيشه ، في هذه السلسلة نحاول إعادة قراءة وصياغة كل ما ذكرنها من زاوية مختلفة ، غير المنظور الآني في حينه لتلك المظاهر والمشاهد والتي يطبعها في الكثير من الأحوال رد الفعل والأحكام المتسرعة ، وهي مناسبة أيضا للتذكير ببعض الجوانب من حياتنا ، وببعض الوقائع التي مرت علينا مرور الكرام بدون تمحيص قي ثناياها…

 

من سيقرأ هذا العنوان خاصة من أصدقائي الذين يعرفونني جيدا، سيعتقدون أنني “ أتبرقل “ ( من البرتقال)، في الحقيقة وللأسف الشديد، وبكل خجل، أؤكد لكم أن في المغرب نعم “ لا فوكا “ هي البصلة، و «البنان» هو خيزو، والكيوي هو الخرشف .. وللي دوا ياكل الدوا .
كان عشرات التجار» بمارشي كريو « للدارالبيضاء، بتواطؤ مع بعض الوكلاء، يغيرون أسماء الفاكهة تهربا من أداء ما يعرف بالعشار، أي الرسوم المستحقة للدولة والتي تبلغ 6 في المئة لبعض المنتوجات المرتفعة الثمن، ما كان يستوقفني هو أن الأمر يعلم به الجميع، مجلس المدينة المسؤول الأول عن السوق والسلطات لكن لا أحد يتدخل، المشكلة لا تكمن هنا بل إن التلاعب في هذه المواد وبمرافق السوق من محلات وتنازلات عن المحلات وغيرها، سيؤدي بنا إلى اتجاه آخر .
منذ إضراب 81 الشهير فطنت السلطات إلى ضرورة كبح مثل هذا النوع من الاحتجاجات في المستقبل، ومن أجل ذلك وجب خلق نخبة جديدة في الدارالبيضاء بديلة عن نخبة الطبقة المتوسطة التي كانت تتكون من الأساتذة والأطباء والمهندسين وغيرهم، منتمية إلى أحزاب يسارية وطنية، وبالموازاة مع ذلك وجب تشتيت التكتلات السكنية التي يسهل انخراطها في أي موجة احتجاج، هنا سيتم إقرار توسيع الدارالبيضاء عمرانيا، وسيتم وقف العمل بتصميم التهيئة الذي سيبدل بما يعرف ب « الديرواكاسيون « أو الرخصة الاستثنائية، وسيتم الإتيان بمنعشين عقاريين أغلبهم غرباء عن المدينة، عمد هؤلاء إلى استقدام يد عاملة في البناء وهي بالآلاف، وتم تسجيلها في اللوائح الانتخابية، وهكذا ستظهر في الدارالبيضاء نخبة سياسية من فئة «المنهشين» العقاريين، التي ستسحق الجميع وستكون نموذجا لظهور فئة جديدة من النخب السياسية، من بينها من ستصعد من تحت « اللفت « أي من مارشي كريو، فالاختلالات التي كان يتبحر فيها صنعت فئة من المنتخبين، جلهم إما تلاعبوا في التنازلات الخاصة بالمحلات، أو كانوا يتوصلون بإتاوات ومنهم من يملك الميازين ومن يستفيد من المربعات، بمعنى أن مصروف الحملات الانتخابية متوفر، هكذا ظلت الدارالبيضاء طيلة سنوات تحت رحمة المنعشين العقاريين وما تولد عنهم من مثل الفئات المستغلة لمرافقنا العامة .
وحتى لا تخنا الذاكرة، فإن أول مرفق حيوي تحكم في دواليب السياسة كان هو المحطة الطرقية أولاد زيان، أيام السليماني، رئيس المجموعة الحضرية سابقا، حيث تم تفويت المرفق لعبد الرزاق بنكيران، الذي اعتبر في فترة من الفترات المهندس الفعلي لاختيار المرشحين للانتخابات، فمن أموال المحطة كانت تمول الحملات الانتخابية ومنها يتم اختيار المترشحين، فالمحطة كما تسلمتها الشركة كانت تقتصر على بضع محلات تجارية، فإذا بها ستصبح محتضنة لأكثر من 72 محلا، علاوة على محطة للتزود بالوقود وأكشاك وغيرها، كل ذلك في ضرب صارخ لبنود العقدة وما يتضمنه دفتر التحملات، كان من المفروض أن تؤدي الشركة لمجلس المدينة ما يناهز 600 مليون سنتيم في السنة، لكن واقع الحال أن المبلغ لم يكن يؤدى دائما، المهم خسرت خزينة المدينة وأنتجت لنا المحطة نخبة سياسية تفتقد للحكامة وحسن التدبير، ما جعل الدولة تتدخل في 2014 لإنقاذ العاصمة الاقتصادية من الوحل الذي أوصلتها إليه هذه النخبة، التي تم التنظير لظهورها تحت «شاكمات» الكيران وصناديق الخضرة و»براويط السيما والكاياس» !


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 07/03/2025