هي مظاهر ومشاهد إما عشناها أو واكبنها كأحداث ، منها ما يدخل في إطار نوسطالجيا جمعتنا ومنها ما هو حديث مازلنا نعيشه ، في هذه السلسلة نحاول إعادة قراءة وصياغة كل ما ذكرنها من زاوية مختلفة ، غير المنظور الآني في حينه لتلك المظاهر والمشاهد والتي يطبعها في الكثير من الأحوال رد الفعل والأحكام المتسرعة ، وهي مناسبة أيضا للتذكير ببعض الجوانب من حياتنا ، وببعض الوقائع التي مرت علينا مرور الكرام بدون تمحيص قي ثناياها…
أحمد وحمان، الملقب ببلحاج، تعرفت على هذا الرائع في أواسط التسعينيات، عرفته مناضلا متيما بأفكار اليسار مساهما في الحركة النقابية، بحكم أنه كان إطارا في المكتب الوطني للسكك الحديدية، قبل أن أكتشف أن ابن الحي هذا ذاكرة متنقلة تنتقل بك إلى تفاصيل تاريخ العاصمة الاقتصادية، والتغيرات التي عرفتها هذه المدينة الغول، ليعرج بك إلى خريطة الحي المحمدي، منذ الإحداث إلى الآن، ليفاجئك بدرايته الواسعة بالمجال الفني والرياضي، وأهم الأحداث التي عرفها المجالان، يحكي، بانسياب غريب، عن الرجاء والوداد والراك والتبات والنجم وغيرها من الفرق، ليزداد التشويق وهو يتحدث عن معشوقته الطاس، وحين يعرج على الحركة الغنائية والسينمائية والمسرحية خصوصا على مستوى الدارالبيضاء، تظل مشدودا إليه لأنه لا ينسى التواريخ والسنوات والعناوين والأسماء والأحداث والسياقات، لا حصر لأصدقائه في هذه المجالات وحتى في عالم السياسة والعمل الجمعوي، رجل أنيق يتمتع بجمال المظهر والقامة، اشتغل مبكرا على خلاف أصدقائه، لكنه ظل قربهم وإلى جانبهم في نكران عجيب للذات، ما أحببت كثيرا في هذا الرجل وربما هذا هو أقوى ما استفدته منه إلى جانب مولاي الطاهر الأصبهاني نجم مجموعة جيل جيلالة، هو عشق الظل، وهنا لا بد من التأكيد أنه لولا بلحاج لما خرج كل ذلك التوثيق المحقق حول ناس الغيوان والمجموعة الرائدة لمشاهب، فدوره في هذه العملية كان كبيرا، كان مصرا وملحا لأن نقوم بهذا العمل، إذ كان السياق غير السياق الحالي، منه ندرة وسائل الإعلام واحتكار التلفزة، التي كانت تفرض ما تشاء على المتلقي، في كل مرة نلتقي يعيد ذات السؤال « إذا لم تحفظ جريدتكم ذاكرة الغيوان وجيلالة ولمشاهب وتكادة .. فمن سيقوم بهذا الأمر؟ «. كان بلحاج على علاقة وطيدة بالمرحوم بوجميع والعربي وعلال وعمر السيد والروداني أحمد وعمر الدخوش ومحمد باطما ومحمد سوسدي والبختي والدمراوي ومفتاح ومحمود السعدي وأغلب أعلام الحي المحمدي من مثقفين ورياضيين وغيرهم، عندما انقطعت علاقة الغيوان بالطيب الجامعي كلفته المجموعة بالإشراف على عائداتها المالية من السهرات، مع تدبير إدارة الفرقة، لأن ثقة أفرادها فيه كانت كبيرة، من جهة لأنه صديق حميم، ومن جهة لأنه إطار متعلم ويمكنه تنسيق علاقات المجموعة مع المتعاملين معها، فعلاقته مع بوجميع تعود لسنة 1957 . ويذكر بلحاج جيدا كيف كان بوجميع يبدع في المخيمات التي يشاركان فيها إلى جانب أقرانهم بكورنيش الدارالبيضاء، حاملا الدعدوع ويغني أغاني تمجد استقلال المغرب مع أغاني أخرى لا تخلو من «الكوميك» والانشراح تمتح من الموروث الفني المغربي الأصيل، ليعرج على نبل الرجل وقوة شخصيته وكيف يحترمه حتى «الصعاصعية « في تلك الفترة رغم هيئته،