واش حنا هوما حنا.. -15- بلحاج..حارس معبد ناس الغيوان 2

هي مظاهر ومشاهد إما عشناها أو واكبنها كأحداث ، منها ما يدخل في إطار نوسطالجيا جمعتنا ومنها ما هو حديث مازلنا نعيشه ، في هذه السلسلة نحاول إعادة قراءة وصياغة كل ما ذكرنها من زاوية مختلفة ، غير المنظور الآني في حينه لتلك المظاهر والمشاهد والتي يطبعها في الكثير من الأحوال رد الفعل والأحكام المتسرعة ، وهي مناسبة أيضا للتذكير ببعض الجوانب من حياتنا ، وببعض الوقائع التي مرت علينا مرور الكرام بدون تمحيص قي ثناياها…

فقد كان الرجل يخجلك بقوة لسانه وطريقة معاتبته لمن يعتدي من أصدقائه، فمرة يحكي بلحاج أن صديقا لهم كان عاطلا عن العمل ضرب سيدة كانت مقربة منهم، وعندما جاء بوجميع أخبروه بما جرى بين الصديق وتلك الآنسة، فجلس في ركن وأخذ يردد على مسامعهم بهدوء وهو يمرر يده على شعره «ولاش ما يضربش الكوربة ف المارشي .. ولاش مايضربش السروية بحال الناس ..وعلاش ماينوض يضارب مع الزمان..» ، وظل يعدد من هذه الجمل وهم يستمعون فقط إلى أن اشتد الخجل بالصديق الذي لم يجد بدا من المغادرة حتى يهدأ بوجميع من غضبه، فقد كان الجميع يخشى « النكير ديال بوجميع»، كنا نجتمع بشكل مسترسل – يقول بلحاج – في بيت الفنان شفيق السحيمي بشارع مصطفى المعاني بالدارالبيضاء، حيث كانت تجمعه علاقة قوية ببوجميع والعربي باطما، وكانت الثلة تضم باري والعربي قصبة وهو رجل صاحب نكتة، وبين الفينة والأخرى تلتحق بنا أسماء أخرى معروفة في الساحة الفنية المغربية اليوم، يحكي بلحاج أيضا عن بوجميع الكوايري الذي مارس في فريق التبات، ويحيلك على قصة اللاعب الكبير الغزواني، الذي سجل هدفا في مونديال 1970 ومرر كرة هدف للاعب حمان، وكيف أقنعه بوجميع بالانضمام إلى فريقه قبل أن يشق طريقه نحو الطاس ثم الجيش الملكي والمنتخب.
رغم الصداقة التي كانت تربط بلحاج ببوجميع فقد كان الأخير يتبرم من طلب شيء منه، فمرة كان بلحاج جالسا بمقهى «لاكوميدي» ينتظر انتهاء أصدقائه من التمارين بمسرح الصديقي، وكانت الغيوان لم تظهر بعد، جاء عنده بوجميع وقال «بلحلج بغيت 6 دريال لأركب الحافلة «، استغرب من طلبه فبإمكانه مده بكل ما يريد، أخرج بلحاج درهما وأعطاه لبوجميع، بعد مدة عاد الأخير وأعاد لبلحاج 14 دريال، فسأله بلحاج «آش كدير آبوجمعة؟» فرد عليه» بغيت 6 دريال كون بغيت درهم كون خديت عندك درهم. «
يعود بك بلحاج في جلساته إلى لقاءاته الأولى بالعربي باطما في الستينيات ويذكر كل التفاصيل، ويصر أن يحكي عن أحمد الروداني وعمر دخوش والدور الذي لعباه في إبراز اسم العربي، حينما أقنعاه بالانضمام إلى فرقتهما المسرحية «الإنارة الذهبية» التي كانت تضم أيضا الفنان بنبراهيم وخليفة، وسيلتحق بها أيضا محمد باطما، ويسرد عليك مختلف الأعمال التي قدمتها هذه الفرقة كمسرحية «سوق الرخا» ومسرحية «الدربالة والدعدوع وكركور سيدنا الشيخ» وغيرها من الأعمال التي استمتع بها الجمهور، ويحيلك أيضا على فرقة رواد الخشبة التي كانت تضم بوجميع ومحمد مفتاح وعمر السيد وميلود أوعلا المعروف بعلي وردة، والذي لعب للطاس، بالإضافة إلى حميد الزوغي، الذي كان له الفضل في إلحاق الجميع بمسرح الطيب الصديقي بمن في ذلك محمود السعدي.
بلحاج لم يشتغل فقط مع الغيوان، بل إن محمد سوسدي ومحمد باطما في انطلاقة لمشاهب، كان اختيارهما على بلحاج ليكون رفيقا للبختي في تدبير أمور المجموعة حيث سيقوم بعدة جولات مع هذه الفرقة الرائعة إلى أن أخذت مسارها.
كانت إدارة جريدتنا قد قررت الاهتمام بالتوثيق وخلق بنك للمعلومات في شتى النواحي الفنية والسياسية والاجتماعية والحقوقية والرياضية وغيرها، وقد انخرط كل أعضاء هيئة التحرير في هذه العملية، وقدم إخواني وزملائي نجمي والعراقي وعاهد وبهجاجي ولعسيبي والساطوري ومنتسب واجماهري ومصباح والباعقيلي وبنداود وهادن الصغير وحسن نرايس والكباص والبومسهولي ومصطفى المسناوي والبداوي والنحال.. مجهودات كبيرة في هذا الباب، واخترت أنا وحسن حبيبي الاهتمام بالشق المتعلق بالحركة الغيوانية، هنا سيكون معيننا الأول هو هذا الرجل أحمد وحمان بلحاج الذي سهل علينا عدة أمور من خلال مدنا بمعطيات، ويذلل جلساتي أنا شخصيا مع مجموعة من الفنانين والأعلام التي عاشت مسار الأغنية الغيوانية ويركز على التدقيق كأن ينصف فنان جيل جيلالة مولاي عبد العزيز الطاهري في عطائه الفني مع الغيوان، بل ودوره في تأسيس الفرقة، وكذا دور الباهري احميدة ومحمد في تأسيس لمشاهب، حتى أصبحنا نطلق عليه «البواط نوار».


الكاتب : n العربي رياض

  

بتاريخ : 18/03/2025