هي مظاهر ومشاهد إما عشناها أو واكبنها كأحداث ، منها ما يدخل في إطار نوسطالجيا جمعتنا ومنها ما هو حديث مازلنا نعيشه ، في هذه السلسلة نحاول إعادة قراءة وصياغة كل ما ذكرنها من زاوية مختلفة ، غير المنظور الآني في حينه لتلك المظاهر والمشاهد والتي يطبعها في الكثير من الأحوال رد الفعل والأحكام المتسرعة ، وهي مناسبة أيضا للتذكير ببعض الجوانب من حياتنا ، وببعض الوقائع التي مرت علينا مرور الكرام بدون تمحيص قي ثناياها…
الحفل الثاني الذي كنا سنشارك فيه كان يوم السبت كما ذكرت، وكنا سنشارك لوحدنا بدون أي فنان آخر، هذا الحفل علم به الجمهور في مختلف المدن المجاورة لمدينة السعيدية، فأقبلت منذ صباح ذلك اليوم أعداد لا حصر لها، كما جاء الجمهور الجزائري الذي يحبنا كثيرا، لم يمتلئ فقط المكان الذي كنا سنعرض فيه بل المدينة بكاملها، سررنا لهذا الحضور، واقتنعنا أن الجمهور لايزال على صلة بنا، وقد علم معظم الحضور بـ «التكرفيسة» التي نعيشها في مدينة السعيدية بسبب ذلك المنظم …
جاء وقت العرض في المساء، أراد الإخوان الصعود إلى الخشبة فمنعتهم، لأن الوقت قد حان لرد الاعتبار، رفضنا أن نصعد إلى الخشبة، وجلسنا في الكواليس، المنظم وجد نفسه في مأزق لأن الفوضى عمت في الخارج، فالكل كان ينتظرنا، بدأت الاحتجاجات وعبارات التشجيع لمجموعة لمشاهب، قدم إلينا للتفاهم، لكننا رفضنا أن نكلمه، وبعد إلحاح منه ومن مجموعة من الأصدقاء ذهب حمادي للتفاوض معه، وقد طالبناه في تلك الليلة بأن يؤدي لنا كل الواجبات التي هي من حقنا، واجب العرضين، واجب النقل، واجب الأكل وواجب الإقامة، بل أتذكر أننا صعدنا كثيرا في المطالب، لقد أردنا أن نعطيه درسا حتى لا يكرر فعلته تلك مع أي فنان آخر .. ولأنه لا يفكر جيدا التجأ إلى أحد المسؤولين الكبار في الأمن الذي أوكلت إليه مهمة الحفاظ على أمن المهرجان، لكي يردعنا هكذا هو اعتقد، بمجرد ما رآنا ذلك المسؤول توجه إليه قائلا: «إن أبنائي يفيقون ويبيتون على أصوات هذه الوجوه ·· فلا يحق لك أنت أن تعاملهم تلك المعاملة التي عاملتهم بها، وأعلم أنه إن كانت هناك فوضى في الخارج فأنت المسؤول عنها»·
كذلك الشأن بالنسبة لعدد من المسؤولين الذين اتصل بهم، وعاتبوه على سوء معاملته لنا، كما وجهوا له اللوم لكونه لا يعرف لمشاهب وبأن جمهور الشمال كله يحبهم، وإذا لم يظهروا لهم على الخشبة، فستحدث أشياء لم تكن في الحسبان·
الرجل وجد نفسه في ورطة كبيرة، طلب منا أن نقلص من بعض المطالب لكننا رفضنا، وتمسكنا برأينا، حقوقنا كاملة وإلا فغني أنت لهذا الجمهور، بل إننا قلنا له إننا سنذهب بهذا الجمهور إلى شاطئ البحر وهناك سنغني له وبالمجان واذهب أنت وأموالك إلى الجحيم··
وجد الرجل نفسه في ورطة لم يكن ينتظرها، حاول الاعتذار فرفضنا اعتذاره وفي الأخير اقترح علينا أن يعطينا جزءا من واجباتنا نقدا والجزء الآخر بواسطة شيك، فرفضنا الشيك، حتى تدخل الفنان أحمد الصعري الذي نكن له كل الاحترام، ولم نستطع أمامه المزايدة، حيث ضمنه بخصوص الشيك، انبهر المسكين للاستقبال الذي خصنا به الجمهور الحاضر، في اليوم الموالي أراد الاعتذار ثانية لكننا رفضنا هذا الاعتذار، دعانا إلى مطعمه لتناول وجبة الغذاء فقال له سي محمد «مانشركوش معك الطعام ودابا عندنا فلوسنا وغانمشيوا نتغداو في مطعم آخر ··»·
للأسف أن هناك مجموعة من المتطفلين على المجال الفني، لايهمهم سوى الربح ولايعطون لا للفنان ولا للجمهور أي اعتبار وهم كثر في بلادنا.