وجه من الجهة : الراحل عباس الجراري، المفكر والمستشار الملكي وعميد الأدب المغربي 

 

وجه من الجهة اليوم مفكر وعالم من أعلام المملكة المغربية، وخزان معرفي بصم بمؤلفاته حضورا أكاديميا تجاوز حدود المغرب، هو الراحل عباس الجراري.
شغل الراحل عدة مناصب سياسية ودبلوماسية بينها مستشار الملك، كرس حياته للبحث العلمي والأكاديمي وللدفاع عن الأدب العربي عموما، والأدب المغربي على وجه الخصوص، حتى أصبح يلقب بعميد الأدب المغربي.
وُلد عباس الجراري في 15 فبراير 1937 بالرباط، ونشأ في عهد الحماية الفرنسية على المغرب، ترعرع وسط أسرة تتكون من 3 إخوة و5 أخوات.
عاش بعض أطوار مرحلة مقاومة الاستعمار الفرنسي، وتشبع بروح الوطنية وبالدفاع عن الهوية الدينية والثقافية لبلده، وتجسد هذا الهمّ في كتاباته المتنوعة التي مزجت بين الثقافة والأدب والنقد والشعر والترجمة.
عرف بدفاعه الشرس عن اللغة العربية وآدابها، علما أنه يتقن لغات أجنبية منها الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
عاصر ثلاثة ملوك مغاربة هم محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس، ويعد قامة من القامات العلمية، عاشق لفن الملحون، وكتب عن القدس والقضية الفلسطينية وعن حوار الحضارات والثقافات وقضايا الفكر الإسلامي.
يعتبر والده عبد الله الجراري، المتوفى عام 1983، من المقاومين للاستعمار الفرنسي، وأحد أعلام الدين والثقافة والتعليم، وكان أستاذ ابنه عباس في  حياته الأولى، إذ تأثر به كثيرا فكان له الفضل في صقل شخصيته فسار على نهجه في مجال التأليف ونهل من اهتماماته العلمية.
حصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة القاهرة سنة 1961، وعلى الماجستير سنة 1965، وفي سنة 1969 حصل على الدكتوراه في الآداب من الجامعة نفسها، له عدة مهام منها العلمية والإدارية، أستاذ بجامعة محمد الخامس، عضو اللجنة الإدارية والمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للتعليم العالي (من 1969 إلى 1973)، مدير الدراسات الجامعية العليا لتكوين أطر التدريس بجامعة محمد الخامس (1982)، وأستاذ بالمدرسة المولوية (1979 – 2000)، ثم عميد كلية الآداب، جامعة القاضي عياض بمراكش (1980)، وعضو مكتب أكاديمية المملكة المغربية.
وكان الأمين العام لمركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، ورئيس المجلس العلمي الإقليمي لولاية الرباط وسلا (1994- 2000)، ومكلف بمهمة في الديوان الملكي (1999-2000)، ثم مستشار الملك محمد السادس منذ سنة 2000.
بفضل عطائه العلمي كرمته عدة مؤسسات علمية وجامعية مغربية وعربية ودولية، وحاز على ما لا يقل عن 50 وساما ودرعا وأزيد من 40 تكريما، ومن أبرزها، في مصر حصل على وسام الاستحقاق عام 1965، وسام العرش من درجة فارس في المغرب عام 1980، وسام المؤرخ العربي عام 1987، ووسام العرش من درجة ضابط (المغرب 1994)، ثم وسام الكفاءة الوطنية من درجة قائد (المغرب 1996)، ووسام العرش من درجة ضابط كبير (المغرب 2016)، وميدالية أكاديمية المملكة المغربية (1990)، فضلا عن وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من تونس عام 2000، ووسام الإيسيسكو من الدرجة الأولى عام 2006، ثم وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى عام 2010.
فارق عباس الجراري الحياة، يوم 20 يناير 2024، عن عمر ناهز السابعة والثمانين بعدما أثرى المكتبة العربية بعشرات المؤلفات في الأدب والتراث الإنساني.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 27/01/2024