برحيل سميحة أيوب، صباح أمس الثلاثاء 3 يونيو 2025 عن 93 عاما، تطوى صفحة مشرقة من تاريخ المسرح العربي، وتغيب قامة إبداعية ظلت لعقود من الزمن عنوانا للفن الراقي والالتزام الثقافي.
اعتبر النقاد الفقيدة الكبيرة سميحة أيوب مؤسسة قائمة بذاتها، وذاكرة حية لذاكرة أجيال من المبدعين والجمهور معا.
سميت بحق “سيدة المسرح العربي”، ولم يكن اللقب مجاملة صحفية، بل شهادة موضوعية لمسار تجاوز السبعة عقود، منذ أن أطلت لأول مرة على شاشة السينما سنة 1947 في فيلم المتشردة وهي ابنة الخامسة عشرة.
ما بين شبرا والمسرح القومي، ومن زكي طليمات إلى آخر مشهد أدته في فيلم ليلة العيد سنة 2024، نسجت سميحة أيوب مسارا غير قابل للتكرار.
تحولت من تلميذة في المعهد العالي للتمثيل، إلى سيدة الخشبة بلا منازع، وأدارت أهم مؤسستين مسرحيتين في مصر، المسرح الحديث ثم المسرح القومي، في فترات حرجة من التاريخ الثقافي العربي،حيث كانت الإدارات مختبرا لأفكارها ولإعادة الاعتبار للمسرح كأداة وعي جماهيري.
في رصيدها أكثر من 170 مسرحية، من بينها سكة السلامة والسبنسة ودماء على ستار الكعبة ورابعة العدوية، كما أنها لم تغب عن الشاشة، إذ شاركت في عشرات الأعمال السينمائية والتلفزيونية، برزانة أدائها وصرامة اختياراتها.
لكن الأهم من ذلك، هو أن سميحة أيوب لم تكن فقط “تمثل”، كما يرى النقاد الكبار، وإنما كانت تعيد تشكيل النصوص على جسدها، وتعطي الأدوار بعدا روحيا وفلسفيا وإنسانيا.
كانت تمثل كما تلقى الصلاة، بحضور كامل، وعين على الجمهور، وأذن على الزمن.
في رحيلها، خسر المسرح العربي فنانة كبيرة وخسر أحد أعمدته التي قاومت الزمن والتغيرات والسقوط الأخلاقي والفني، دون أن تنحني أو تدخل في مزايدات.
سميحة أيوب، التي واجهت الحياة كأنها مشهد مسرحي طويل، ترجلت في صمت، لكنها تركت لنا ستارة لا تغلق، وصوتا لا يغيب.
وداعا سميحة أيوب .. سيدة المسرح العربي ترحل واقفة

الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 04/06/2025