كان يوم الأربعاء 16 يوليوز 2025 يوماً حزيناً في سجل الرياضة المغربية، فقد ودعنا أحد أعلام كرة القدم الوطنية، وأسطورة شباب المحمدية والمنتخب الوطني، المرحوم أحمد فرس، الذي رحل عن عمر حافل بالعطاء والإبداع والوفاء.
فرس لم يكن مجرد لاعب كرة قدم، بل كان أحد الملهمين الكبار، وصاحب مسيرة استثنائية حفرت اسمه في سجل الخالدين، إلى جانب عمالقة مثل عبد الرحمن بلمحجوب، حسن أقصبي، الهجامي، باموس، حمان، طاطوم، بهيحة، عليوات، عبد القادر الرايس، حميدوش… وغيرهم ممن صنعوا مجد الكرة الوطنية.
بذكائه الكروي الفريد، وحسه التهديفي العالي، برز فرس كمهاجم من طراز رفيع. كان يعرف جيداً كيف يسجل في اللحظة المناسبة، بفضل تسديداته القوية بيسراه وضرباته الرأسية التي أرّقت المدافعين وحراس المرمى، وجعلته محط مراقبة لصيقة في كل مباراة.
لقد تابعت جزءاً كبيراً من مسيرته، سواء في الملاعب مباشرة أو عبر شاشة التلفزيون والإذاعة، حيث كان المعلقون الرواد أمثال أحمد الغربي، امحمد الزوين، الحسين الحياني، عبد اللطيف الشرايبي، محمد الشرايبي، العابد السودي القريشي، نور الدين أكديرة، قاسم جداين، ومحسن المريني، ينقلون إبداعاته التي كانت تلهب المدرجات.
ظل أحمد فرس وفياً لقميص شباب المحمدية، النادي الذي احتضنه منذ بداياته وحتى اعتزاله. لم يغادره رغم الإغراءات، وظل مخلصاً للأحمر والأسود، يشكل نسبة كبيرة من قوة الفريق.
تألقه اللافت مع الفريق الوطني قاده إلى المشاركة في منافسات عديدة عبر القارات، خاصة في إفريقيا، حيث واجه منتخبات قوية مثل تونس، الجزائر، مصر، نيجيريا، غانا، الكاميرون وغيرها، ضمن تصفيات كأس العالم والألعاب الأولمبية وكأس أمم إفريقيا.
ورغم قساوة الظروف آنذاك من حيث السفر والإقامة والمناخ، وأسلوب اللعب الخشن، والتحكيم المتحيز، إلا أن فرس ظل صامداً، لا يعرف اليأس، وكان مصدر رعب للدفاعات الإفريقية. ولعل أبرز دليل على ذلك، هدفه الحاسم في مرمى المنتخب التونسي يوم 14 دجنبر 1975 خلال تصفيات الألعاب الأولمبية، والذي جاء رغم الرقابة اللصيقة من مدافعين اثنين.
صُنف فرس آنذاك ضمن كبار نجوم القارة، إلى جانب بتي سورى، سليمان الشريف، نكولياو، بابا كامارا وغيرهم. ونشرت إحدى الصحف الوطنية صورة له مرفقة بعبارة تلخص كل شيء:
“فرس… وبعد فرس… دائماً فرس… شكراً فرس.”
كما لا يُنسى أداؤه في نهائي كأس العرش لموسم 1978–1979 أمام الوداد، حين أصر رغم إصابته على اللعب وسجل هدف تقليص الفارق في الأنفاس الأخيرة، برأسية مميزة في مرمى الزاكي، لتنتهي المباراة 1-2.
وللمفارقة المؤثرة، رحل فرس في نفس الشهر الذي فقدنا فيه رفيقه في الملاعب، عسيلة، الذي توفي في 22 يوليوز 2023، ليغادرنا الثنائي الذي شكّل أيقونة من التناغم في هجوم شباب المحمدية والمنتخب.
رحيل أحمد فرس ليس مجرد خبر وفاة، بل وداع لمسيرة استثنائية، عنوانها الوفاء، والإبداع، والوطنية الصادقة. عزاؤنا الوحيد أن رصيده من الإنجازات سيظل حياً في ذاكرة الوطن.
ورحل أحمد فرس… واحد من صفوة ملهمي ومبدعي كرة القدم الوطنية

الكاتب : علي أوراري
بتاريخ : 25/07/2025