وزير الصحة يحذر من تبعات التسرّع في رفع حالة الطوارئ الصحية في غياب ضمانات وقائية

الفيروس يواصل انتشاره.. والإعلان عن إصابات جديدة خارج دائرة المخالطين

 

أكد وزير الصحة أن رفع حالة الطوارئ الصحية يحتاج إلى توفر جميع الشروط، أبرزها استقرار الحالة الوبائية وانخفاض الحالات الجديدة إلى جانب تراجع معامل انتشار الفيروس لأدنى مستوى واستقراره لفترة معينة، محذرا من مغبة التراخي في تطبيق الحجر الصحي.
وأوضح خالد آيت الطالب خلال لقاء تلفزي أنه يمكن أن تقع انتكاسة إذا ما تم اتخاذ أي قرار متسرع وغير محسوب، قد يؤدي إلى دخول البلاد في منعطف لا تحمد عقباه على المستوى الوبائي، وهو ما يفرض تثمين المكتسبات المحققة والرفع التدريجي للحجر الصحي والتنسيق فيه مع كل القطاعات المعنية، لأنه قرار صعب ومسؤولية جسيمة يجب على الجميع تحمّلها، خاصة في ظل استمرار ظهور بؤر وبائية، فضلا عن تسجيل العديد من الإصابات في صفوف فئة الشباب.
وواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره وزحفه، حيث تأكدت خلال الفترة ما بين مساء الجمعة ومساء السبت 199 حالة إصابة جديدة بالمرض، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ جرى تسجيل ما بين مساء السبت وصباح الأحد 128 حالة إصابة أخرى، رفعت العدد الإجمالي للحالات المؤكدة في بلادنا منذ بداية الجائحة الوبائية إلى 6083 حالة، إلى جانب حالتي وفاة رفعتا العدد الكلي للوفيات إلى 188 حالة، وهو ما يبين وبالملموس حجم انتقال العدوى، التي ورغم كل المجهودات التي بذلت لم يتم تطويقها والقضاء عليها، على بعد أيام من نهاية المرحلة الثانية من الحجر الصحي، مما يزيد من منسوب الغموض والتيه بل والخوف أيضا، في غياب سيناريوهات رسمية تبدّد هذه المخاوف.

 

وأضحت البؤر المهنية، صناعية كانت أو تجارية، والفضاءات المغلقة تشكل تهديدا مباشرا لرفع الحجر الصحي، بالنظر إلى استمرار تسجيل الحالات بها، واتساع دائرة المخالطين المترتبة عنها، مما يعمق الأعطاب ويزيد من حجم الأعباء، ويطرح المزيد من الأسئلة عن أدوار المراقبة والتتبع وتحمّل الجهات المختصة للمسؤوليات، وسط خوف من تسجيل موجة ثانية تتميز بانتشار العدوى بشكل أكثر ضراوة، في الوقت الذي قد تكون استُنفذت الجهود والطاقات في مواجهة الفيروس منذ 2 مارس إلى اليوم، خاصة وأن عددا من المواطنين لم يعودوا منضبطين لضوابط الطوارئ الصحية، وسادت حالة من التراخي مجموعة من المناطق والأحياء، كما هو الحال بالنسبة لمدينة الدارالبيضاء؟
وفي سياق ذي صلة، أكد محمد أمين برحو، البروفيسور المختص في علم الأوبئة السريري، أن انتشار فيروس كورونا المستجد يعرف نوعا من التباين لا من حيث الكمّ أو الكيف، مشيرا إلى أن 5 جهات تشكل 85 في المئة من مجموع الإصابات، وبأن أعلى نسبة مسجلة في جهة الدارالبيضاء سطات، ونفس الأمر بالنسبة لمعامل انتشار الفيروس المعروف بـ R0 إذ في الوقت الذي استطاعت بعض الجهات تجاوز الأزمة إلى غاية الساعة، وتقلص المعامل في مناطق، فإنه ظل مرتفعا في أخرى.
وأوضح أستاذ التعليم العالي بكلية الطب والصيدلة بفاس، الذي كان يتحدث خلال ندوة افتراضية نظمتها الجمعية المغربية للتواصل الصحي، أنه جرى ما بين 2 و 19 مارس تسجيل 63 حالة، وما بين 19 و 27 كان عدد الإصابات يتضاعف كل 3 أيام، من 121 إلى 242، ثم انخفضت حدّته انطلاقا من هذا التاريخ وإلى غاية 3 و 4 و 5 أبريل  بسبب ظهور بؤر وبائية عائلية، ثم عاد المؤشر للانخفاض إلى غاية 11 أبريل، حين ظهرت بؤر وبائية مهنية وفي مجتمعات منغلقة كالسجون والثكنات العسكرية، التي لا تزال متواصلة لحد الساعة.
وأكد الخبير الوبائي، الذي كشف عن عدد من معالم خطة مديرية الأوبئة المتعلقة بسيناريوهات رفع الحجر الصحي، خلال ندوة الجمعية التي نُظّمت الأربعاء الفارط، أن الحجر الصحي تم فرضه ليس للقضاء على المرض وإنما لمحاصرة الوباء والحيلولة دون تطوره، مشددا على أن المغرب لم يصل إلى المرحلة الثالثة منه، مؤكدا على أنه إذا لم تتم السيطرة على البؤر فلن يكون هناك جواب واضح عن نهاية المرحلة الوبائية، لأن الفيروس سيظل مستمرا اللهم إلا إذا كانت هناك من معجزة، واختتم مداخلته، التي لم يتممها بحكم التوقيت، بالقول على أنه مهما كان سيناريو المرحلة المقبلة، سواء تم التحكم في البؤر المهنية وبالفضاءات المغلقة، فإن الفيروس سيواصل انتشاره بعد رفع الحجر الصحي بمستويات مختلفة حسب الجهات.
من جهته نبّه، الدكتور أمين بناني، إلى التداعيات النفسية للحجر الصحي ارتباطا بشهر الصيام، مؤكدا أن عددا من المواطنين يعيشون الخوف بمختلف تجلياته، بسبب المرض وخشية الموت وإصابة الأقارب، إلى جانب القلق والشك الاستباقي والخوف من المجهول، مشددا على أن عددا من الأشخاص يقاربون ما يقع من خلال التمثلات الذهنية، مبرزا أن المواطنين في حاجة إلى معلومات جديرة بالثقة ودعم ملموس بخصوص الاحتياجات الأساسية، وتأمين الدخل القار، فضلا عن الدعم العاطفي، لتدبير هذا الموقف الذي يعيشه المغاربة اليوم، على غرار ما يقع في العالم بأسره. وخلص المتدخل، وهو مختص في الأمراض الصدرية وممارس للعلاج النفسي، إلى أنه يجب نهج توعية مكثفة لأن المواطنين يحتاجون إلى شرح واضح ليستوعبوا الوضعية، واعتماد تواصل سريع وفعال، مع ضرورة تيسير التموين العام والطبي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 11/05/2020