بلغ الزحف الإسمنتي في الدارالبيضاء، نموذجا، مجموعة من المناطق التي كانت إلى وقت قريب مصنفة خارج المدار الحضري، لكنها اليوم أضحت جزءا لا يتجزأ منه، حيث تم إحداث أحياء سكنية بكاملها وليس فقط مجرد عمارات أو إقامات هنا وهناك. زحف عمراني جعل العديد من المواطنين، في ظل صعوبات السكن في العاصمة الاقتصادية، يقبلون على اقتناء شقق في أنحاء متفرقة من المدينة، من الحدود مع إقليم النواصر عبر الحي الحسني إلى عين الشق على مشارف بوسكورة مرورا بالسالمية والهراويين ونواحيهما واللائحة طويلة.
تمدد إسمنتي رافقه طرح العديد من الأسئلة التي لا تقتصر على المرافق الحيوية ووسائل النقل فقط، وإنما ترتبط بالشق الصحي أيضا، خاصة وأن عددا كبيرا من هذه الإقامات، بل والتجمعات السكنية المغلقة، تم تشييدها بجوار أعمدة كهربائية ذات الضغط العالي، وهو ما جعل البعض يحجمون عن ذلك، وغيرهم يترددون في اقتناء شقق في هذه الأنحاء، في حين أن البعض الآخر لم ينتبه في البداية، لكن مع مرور الوقت بدأت الشكوك تراودهم والأسئلة تقلقهم.
أعمدة، تشير مجموعة من الدراسات المختلفة إلى أن الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة منها تتسبب في أمراض متعددة، فهي تؤثر على الدماغ، وتؤدي إلى الإصابة بسرطان الدم، والمياه البيضاء ويترتب عنها الإرهاق والاكتئاب والوهن وصعوبة التركيز. وتذهب أبحاث أخرى إلى التأكيد على أنها تتسبب في نقص المناعة بشكل عام، خاصة عند الرضع والأطفال والمتقدمين في السن، في حين تنفي تصريحات لأطباء آخرين الأمر بشكل كليّ، هذا في الوقت الذي تدعو دراسات ثالثة إلى ضرورة احترام مجموعة من الشروط والمعايير للسكن بجوار هذه الأعمدة تلافيا لكل ما من شأنه أن يتسبب في الإضرار بالصحة والسلامة الجسدية للمواطنين.
ضرر لأجل تلافيه، تختلف الدراسات في تحديد المسافة بين سكن معين وأقرب عمود كهربائي للضغط العالي، بين تلك التي تدعو لكي لا تقل عن كيلومتر واحد، وأخرى تتحدث عن 700 متر، فثالثة تشير إلى 30 ورابعة إلى 25، وذلك حسب درجات قوة التردد الكهرومغناطيسي، في حين أنه في المغرب، تؤكد مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن الموصى به هو أن تبعد الدور في المجال القروي عن هذه الأعمدة بمسافة مترين وفي المجال الحضري بستة أمتار؟
تباين في التقديرات وفي الدراسات، لا يلغي بأن العيش في ارتباط بالأجهزة الكهربائية بشكل عام، بما في ذلك المنزلية منها والتي يتم استعمالها يوميا، وإن كان له إيجابيات تيسّر نمط العيش، فإن أضراره تبقى قائمة بدرجات متفاوتة، ويطرح أسئلة لها صلة بتركيبة اللجان المختصة بالتعمير التي تمنح الموافقة لتشييد مرفق من المرافق، حول ضرورة وجود خبراء في الصحة، لاستحضار هذا البعد في مختلف صوره، إلى جانب احترام بالضرورة مضامين الظهير الشريف رقم 1.03.60 الصادر في 2003 بتنفيذ القانون رقم 12.03 الذي له صلة بالمجال البيئي، قبل منح التراخيص المختلفة.