توفي المخرج ديفيد لينش الذي يعدّ أحد عمالقة السينما الأميركية وصاحب فيلمَي «توين بيكس» و»مالهولاند درايف» عن 78 عاماً، وفق ما أعلنت عائلته الخميس. وفي بيان نشر على صفحته عبر «فيسبوك»، قالت العائلة: «نحن، عائلة الإنسان والفنان ديفيد لينش، نعلن ببالغ الأسى وفاته». ولم تذكر أسباب الوفاة، لكنّ ديفيد لينش أعلن في غشت الفائت أنّه يعاني انتفاخاً في الرئة بسبب «سنوات من التدخين»، وكتب يومها في منشور عبر منصة إكس أنّ «المتعة لها ثمن»، وأنّ الثمن الذي دفعه هو هذا المرض الذي يؤدي إلى تدمير الحويصلات الرئوية ويسبب ضيقاً في التنفس. وفي مقابلة مع مجلة سايت أند ساوند البريطانية، أكّد أنّ قدرته على الحركة انخفضت وقد يضطر إلى توجيه ممثليه من بُعد لمشاريعهم المستقبلية. ونشر بعد ذلك رسالة مطمئنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيها: «توقفتُ عن التدخين منذ عامين، وأجريت فحوصاً طبية أخيرا، والخبر السار أنّ صحتي ممتازة باستثناء إصابتي بانتفاخ في الرئة، وأنا سعيد جداً، ولن أتقاعد مطلقا».
ديفيد لينش، الذي تولى إخراج عشرة أفلام روائية طويلة بين عامي 1977 و2006، نجح في جذب شريحة كبيرة من المعجبين الذين انبهروا بغرابة أفلامه. ويُعدّ ديفيد لينش، المولود عام 1946 في مونتانا (شمال غرب الولايات المتحدة)، من كبار المخرجين السينمائيين، إذ أحدث ثورة في مشهدية أفلامه، وترك بصمة على الفن السابع من خلال الأجواء المقلقة التي ميّزت أفلامه. وحقّقت معظم أفلامه نجاحاً شعبياً واسعاً، من قصة الموتى الأحياء بالأبيض والأسود في «إيريزرهيد» Eraserhead عام 1977، وهو أول فيلم روائي طويل له وقد موّله ممّا جمعه من بعض الوظائف الصغيرة، إلى «وايلد آت هارت» Wild at Heart عام 1990، الذي نال عنه السعفة الذهبية في مهرجان كانّ السينمائي.
ومن بين أعماله التي يصنّفها النقّاد ضمن الروائع «الرجل الفيل» Elephant Man عام 1980، وهو فيلم مؤثر عن مخلوق مشوّه الوجه من إنكلترا خلال العصر الفيكتوري. وحصل الشريط الذي تولى بطولته جون هيرت وأنتوني هوبكنز على ثمانية ترشيحات لجوائز أوسكار، وفاز بجائزة سيزار لأفضل فيلم بلغة أجنبية عام 1982. وعام 1990، كان وراء مسلسل «توين بيكس» Twin Peaks الشهير، الذي أحدث ثورة في هذا النوع، وحوّل ملايين المشاهدين إلى محقّقين تستأثر باهتمامهم وبمتابعتهم الألغاز التي طرحها المسلسل طوال موسمين. وبعد ربع قرن، تولى عام 2017 إخراج موسم جديد عنوانه «توين بيكس: ذا ريترن» Twin Peaks: The Return.
ورُشِّح هذا المدخّن الشره مرّات عدة لنيل جوائز أوسكار، وحصل على واحدة فخرية منها عام 2019 عن مجمل أعماله السينمائية. وفي فرنسا حيث يحظى بإعجاب كبير، فاز بجائزة سيزار أخرى في فئة أفضل فيلم أجنبي عن فيلم «مالهولاند درايف» Mulholland Drive، وهو من نوع التشويق المقلق والغامض الحافل بالهلوسة، أدت فيه ناومي واتس دور ممثلة تلتقي امرأة غامضة تعاني فقدان الذاكرة، قبل انقلاب الأمور.
وكان «إنلاند إمباير» Inland Empire عام 2006 آخر أفلامه، ثم تفرّغ للتأمل التجاوزي وأشكال أخرى من التعبير الفني. ولاحظ في مقابلة مع وكالة فرانس برس عام 2017 بمناسبة عودة مسلسل «توين بيكس» أنّ «الأمور تغيّرت كثيراً خلال 11 عاماً، وخصوصاً الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الأفلام السينمائية». وأضاف: «الأفلام التي حقّقت نجاحاً على شبّاك التذاكر ليست الأفلام التي كنت أرغب في صنعها»، واعتبر بأسلوبه الغامض أنّ «الإنسان لا يتحكّم إلا بالفعل، وليس بثمار الأفعال». وتابع قائلاً: «عندما تنتهي من شيء ما، فإنك تفقد السيطرة عليه، والقدَر هو الذي يقرّر».
وفاة عملاق السينما الأميركية المخرج ديفيد لينش عن 78 عاماً
بتاريخ : 20/01/2025