وفق تقرير دولي .. المغرب في ذيل تصنيف التوازن بين الحياة والعمل ومواطنوه تحت الضغط النفسي والإرهاق والتوتر

صنف تقرير “مؤشر التوازن العالمي بين الحياة والعمل لعام 2025″، الصادر عن منصة “ريموت”، المغرب في المرتبة 51 من أصل 60 دولة، بمعدل 41.59 نقطة فقط، ما يعكس صورة مقلقة عن بيئة العمل وظروفها في بلادنا.
التقرير، الذي يعد أحد المراجع الدولية في تقييم جودة الحياة المهنية، اعتمد مؤشرات دقيقة تشمل عدد ساعات العمل الأسبوعية، الحد الأدنى للأجور، عدد العطل السنوية، إجازات الأمومة والأبوة، جودة التأمين الصحي، مؤشرات السعادة والأمان، وشمولية السياسات الاجتماعية.
وجاء المغرب في موقع متأخر خلف دول إفريقية وآسيوية صاعدة، رغم الجهود الرسمية المعلنة لتحسين بيئة العمل.
من أبرز أوجه القصور التي رصدها التقرير، طول ساعات العمل في المغرب ب 44 ساعة أسبوعيا، في حين أشار إلى أن الحد الأدنى للأجور يتمثل في 12 دولارا يوميا لا يتناسب مع غلاء المعيشة، ما يفضي إلى تآكل القدرة الشرائية وتراجع جودة الحياة.
أما على مستوى التأمين الصحي، فسجل التقرير أن النظام القائم لا يضمن تغطية عادلة للفئات الاجتماعية، خصوصا في حالات المرض أو الطوارئ، إذ لا تتجاوز تعويضاته نسبة 60% من الأجر.
وبخصوص إجازات الأمومة، اعتبر ما يقدمه المغرب (12 أسبوعا مدفوعة الأجر) مكسبا نسبيا، لكنه يظل بعيدا عن تجارب متقدمة مثل النرويج (49 أسبوعا). في حين أن عدد أيام العطل السنوية (25 يوما) يعد أقل من المعدل العالمي، ويؤثر على التوازن الذهني والجسدي للموظف.
ولعل المؤشر الأكثر دلالة هو معدل السعادة المسجل في المغرب (4.62 من 10)، ما يضعه ضمن الثلث الأدنى عالميا، ويعكس إحساسا عاما بالإرهاق والتوتر والضغط النفسي، خاصة مع التفاوتات الاجتماعية والجهوية، وضعف الولوج إلى خدمات الصحة والتعليم، وغياب آفاق الترقية المهنية العادلة.
في المقابل، تصدرت نيوزيلندا التصنيف بفضل منظومة عمل مرنة تراعي التوازن الحياتي للعامل، تليها إيرلندا وبلجيكا.
هذا التراجع المغربي يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى فعالية السياسات الحالية في مواكبة متطلبات الشغل المعاصر، فهل التشريعات الوطنية قادرة على حماية العامل المغربي من الاستنزاف؟ وهل منظومة الشغل تشجع على الإبداع، أم تكرس الإنهاك الجسدي والضغط النفسي؟.
هذا الترتيب المتدني، يدعو إلى مراجعة شاملة لقانون الشغل، وأنظمة الحماية الاجتماعية، وضمان التوازن بين الإنتاجية والراحة النفسية، خصوصا في ظل التحولات الرقمية وصعود ثقافة العمل عن بعد.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 17/07/2025