منذ تعيين محمد عادل إهوران عاملاً جديدا على إقليم خنيفرة خلفا لمحمد فطاح الذي دام على رأس هذا الإقليم لحوالي 8 سنوات، وذلك إثر عملية التعيينات التي شملت عددا من الولاة والعمال، خلال المجلس الوزاري المنعقد يوم الجمعة 18 أكتوبر 2024، أجمع الشارع المحلي على سؤال مدى تمكن المسؤول الجديد من العثور على الخلل لإصلاحه بهدف تغيير واقع الإقليم؟ ومن الوقوف في وجه التحديات العميقة ولوبيات الفساد لأجل التدبير الهادئ لما سيجده على مكتبه من ملفات تنموية واجتماعية واقتصادية وحقوقية تتطلب اهتماما فوريا؟ سيما أن هذا المسؤول سبقته إشارات بخصوص ما يتمتع به من كفاءة مرتبطة بما راكمه خلال تقلده عدة مسؤوليات.
ويتأكد أن «إسهال» الساكنة في تناولها للكثير من المكامن الجريحة والنقاط السوداء يدل بجلاء على ما يعانيه الإقليم من مظاهر التهميش والفقر والفساد والهشاشة، وضعف أداء المنتخبين، والبطالة المقنعة وغلاء المعيشة، وتدني الخدمات الأساسية والبنيات التحتية، وتعمق الركود التجاري وانعدام فرص الشغل، علاوة على انتعاش المحسوبية والزبونية، وتناسل ضحايا قوارب الموت، باختصار ما يزال إقليم خنيفرة هو الذي يطمح إلى اللحاق بالركب وتعويضه عما تم تفويته من فرص للتنمية بسبب غياب الإرادة الحقيقية للنهوض به وبما ينعش اقتصاده بدل «انتظاراته المتسولة» لعملة المهاجرين وراتب الموظفين ورحمة الأمطار.
تكفي بجولة واحدة، عبر أزقة إقليم خنيفرة، لتتفتح الأحاديث الجريحة حول أحوال الصحة المريضة، وبعض «المظاهر الانتخابية» المحتضنة لهوس مزاوجة المال بالسلطة، وحول أوضاع بؤساء وبسطاء يتنفسون المرارة في الزوايا، ومسنين يدفعون العربات اليدوية، وأطفال يمسحون الأحذية، ونساء يبعن الخبز، ومعطلين ينتظرون تفعيل حقهم في الشغل، كما حول الذاكرة المتناسية لتاريخ إقليم خنيفرة الذي لطالما أثبت أنه عصيّ على كل المظالم، باعتراف حتى قادة الاستعمار الأجنبي وبعدهم رموز سنوات الرصاص الذين نهجوا كل الأقبيات السرية وآليات التعذيب والإعدام، وغيرها من الآلام التي لن تعالجها سوى مصالحة حقيقية وتنمية مستدامة وعدالة مجالية واضحة.
الجامعة والصناعة والثقافة
يعتبر مطلب إحداث نواة جامعية تلبي تطلعات أبناء الإقليم، وتساهم في دعم التنمية المحلية، من المطالب الشعبية التي ظلت مرفوعة منذ سنوات طويلة جدا، ولم تعد قابلة للتأجيل أكثر، إذ بغياب نواة جامعية يضطر الآلاف من الطالبات والطلبة إلى الانتقال إلى مدن أخرى، مثل فاس أو مكناس أو بني ملال، لمتابعة تعليمهم العالي، ما يضيف عليهم، وعلى أسرهم، أعباء مالية ونفسية. وبوجود المؤسسة المذكورة في خنيفرة سيتيح لآلاف الطلبة الحصول على تعليم عالي بالقرب من منازلهم، وسيسهم في تقليص نسب الهدر الجامعي، فضلا عن دعم سوق الشغل المحلي من خلال تزويد المنطقة بكفاءات شابة متعلمة ومدربة ومؤهلة.
ونظرا لاعتبار خنيفرة من المناطق التي تمتلك إمكانيات كبيرة للنمو الاقتصادي، فهي بحاجة ماسة إلى منطقة صناعية لدعم هذا التوجه وتوفير فرص التشغيل للشباب والعاطلين محليا، وتحسين الرواج التجاري والمستوى المعيشي، ومن شأن المشروع المساهمة في جذب الاستثمارات والمستثمرين، ويدعم الصناعات المحلية بفضل الموارد الطبيعية والزراعية والغابوية والحيوانية المتاحة في المنطقة، والمؤكد أن يعمل المشروع كذلك على تنويع الاقتصاد المحلي، وتخفيف الضغط على المدن الكبرى، والحد من الهجرة نحوها، كما أن توفير بنية تحتية صناعية سيكون دافعا للشركات للاستثمار في المنطقة مما يعود بالنفع على الساكنة المحلية.
وأمام ما يمتلكه الإقليم من تراث ثقافي وتاريخي ثري، فهو يحتاج بالتالي إلى مندوبية للثقافة تهتم بتطوير المشهد الثقافي ودعمه على كافة المستويات، إذ بإنشاء هذه المندوبية في مدينة خنيفرة سيساهم في تنظيم الأنشطة الثقافية والفنية، والحفاظ على التراث الأمازيغي والمحلي، وصيانة التراث الثقافي المادي وغير المادي وتثمينه، ورعاية المعالم والمواقع التاريخية، وتشجيع الشباب على الإبداع الفني والفكري، وتأهيل المدينة القديمة لأجل الحفاظ على التراث والعمران العتيقين، فيما سيمكن المشروع أيضا من تعزيز السياحة الثقافية من خلال تنظيم معارض وتظاهرات تسلط الضوء على الإرث الثقافي والتاريخي للمنطقة.
السياحة والمواقع الطبيعية
يحتاج إقليم خنيفرة بمؤهلاته الطبيعية وتنوعه الثقافي أيضا إلى مندوبية للسياحة، بغاية تطوير إمكاناته وبنياته السياحية بشكل مستدام، نظرا لدور المشروع في الترويج لما يزخر به الإقليم من مؤهلات طبيعية وغابوية ومحميات ومنابع وبحيرات، وصناعات تقليدية وفنون شعبية، ومناطق جبلية جالبة لعشاق الطبيعة والمغامرات، كما سيعمل المشروع على الاستغناء عن المكاتب الاقليمية السياحية التي تتشكل عشوائيا، وعلى وضع خطط لتنمية السياحة البيئية والإيكولوجية، مما يخلق فرص عمل للسكان المحليين ويعزز الاقتصاد المحلي، مثل الفنادق والمطاعم، ويشجع على الاستثمارات في القطاع بما يعزز مكانة الإقليم كوجهة سياحية متميزة بالمغرب.
وعلى مستوى آخر، يتساءل الكثيرون حول مصير مشروع المركزالسوسيو-ثقافي ورياضي بأجدير، على أساس أن المشروع سيخدم فئات متعددة من الشباب والصناع التقليديين والباحثين الأكاديميين والمجتمع المدني، بالإضافة إلى السياح الأجانب وزوار المنطقة، والمشروع كان سيمتد على مساحة إجمالية قدرها 13 هكتارا، بتكلفه قدرها 40 مليون درهم، بشراكة بين وزارة الداخلية، جامعة السلطان مولاي سليمان، والمجالس الجهوية والإقليمية والبلدية، وبينما قيل بأن يتألف من مرافق ومراكز ومنشآت ثقافية، فمصير هذا المشروع الطموح يكون قد تعثر لأسباب مبهمة، خاصة فيما يتعلق بتحديات التمويل والتنفيذ والجدول الزمني المحدد.
ذلك إلى جانب انتظارات المتتبعين لأجوبة حول أسباب تأخر تنزيل «اتفاقية تهيئة عيون أم الربيع»، والتي فات أن خصص لها أزيد من 15 مليار سنتيم، بغاية تثمين طبيعي وثقافي لهذا الموقع السياحي برؤية تنموية تجمع بين السياحة الإيكولوجية والاقتصاد التضامني، فضلا عن خلق فرص عمل مستدامة تدعم السكان المحليين من خلال المساهمة في تقوية أنشطتهم وتحسين عيشهم، علماً أن تحقيق المشروع على أرض الواقع سيمثل خطوة جديدة في مسار تنمية المناطق ذات المؤهلات الطبيعية الفريدة، ويكون له أثر إيجابي على المستويات البيئية والاجتماعية والاقتصادية عبر تعزيزه كوجهة سياحية متميزة.
الجبل والمناطق النائية
لم يكن في الحسبان أن تمتد سياسة التهميش إلى «مشروع للمخيمات الجبلية»، ويتجلى الأمر في ما حدث بالنسبة لمبادرة إحداث مخيم وطني قار بمنتجع أگلمام أزگزا الذي تعرض للإجهاض بسبب خلاف بين مصلحتي الشبيبة والرياضة والمياه والغابات، إذ لم يكن أي أحد من المهتمين يتوقع أن يقع هذا الإجهاض بعد سلسلة من المفاوضات والاستعدادات التي أوشكت على لمساتها الأخيرة بالإعلان عن صفقة بناء المخيم لاستقبال ما حمولته 300 طفل في كل مرحلة من المراحل الأربع (1200 في السنة)، وكان للمشروع دورا مهما في تحسيس الأجيال المغربية بمؤهلات الأطلس المتوسط الطبيعية، وفي التشجيع على تطوير السياحة الجبلية.
على صعيد آخر، تواجه بعض الجماعات القروية تحديات كبيرة بسبب التضاريس الوعرة، مما يستدعي تدخلا عاجلا لتحسين البنية التحتية للطرق والمسالك، وتوفير وسائل النقل الأساسية وتبسيط إجراءات حفر الآبار، وغيرها من الخطوات الضامنة لمساعي تحسين جودة الحياة في العالم القروي وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ تشكل مسألة فك العزلة عن هذه المناطق تحديا ملحا، وتتطلب حلولا إبداعية وموارد مالية لتقوية البنية التحتية وتسهيل الوصول إلى الخدمات والأغراض الأساسية، مما يستدعي متابعة مباشرة واهتماما كبيرا لضمان تقدم هذه المشاريع، خاصةً مع الاهتمام المتزايد الذي توليه الدولة لتنمية المناطق الجبلية والقروية.
البناء والكورص والفيضانات
لا أحد يدري متى ستتم معالجة الملفات الطرية من قبيل مشكل البناء العشوائي والتحقيق في المتورطين والمتسترين وراءه، وفي مساطر رخص البناء المعقدة والباهظة؟ فضلاعما يرتبط بالتحفيظ العقاري عبر ضرورة التدخل لتسهيل مساطره وواجباته لما له من دور في تعزيز الاستقرار والتنمية، إضافة إلى إشكالية التداخل بين الملك الغابوي والملكيات الخاصة، وما يخلقه ذلك من نزاعات بين الساكنة المحلية والإدارة الغابوية، فيما يطول النقاش حول معاناة مدينة أطلسية كخنيفرة من فقر الاخضرار في قلب أم الربيع؟ وكذلك من مواضيع لا تقل عن موضوع ما يوصف منذ سنوات ب «رداءة وملوحة الماء الشروب» وانتظار تجويد هذه المادة الحيوية.
وعلى مستوى آخر، لا يزال ملف «عقار الكورص»، الممتد وسط المدينة على مساحة 16 هكتارا، يثير الكثير من الجدل والاهتمام، نظرا لما طبعه من نزاعات حادة بين أطراف تسعى للاستيلاء عليه وأخرى تدافع عن ضمه إلى الأملاك الجماعية، وكان ملفه قد بلغ للقضاء، حيث أصدرت محكمة النقض قرارا بنقض الحكم الاستئنافي الذي كان لصالح جماعة خنيفرة، التطور الذي أجج النقاش حول مستقبل هذا الوعاء العقاري الذي يُنظر إليه باعتباره ركيزة استراتيجية لتنفيذ مشاريع ذات نفع عام في المدينة، وفقدانه سيشكل خيبة قوية لجهود التنمية المحلية، الأمر الذي يدعو إلى حسم نهائي في شأنه بما يوازن بين المصالح العامة والخاصة.
وفي كل حديث تطفو تساؤلات الشارع العام، بمريرت، حول بنية الشطر الأول من مشروع «حماية مريرت من الفيضانات»، وما يحيط بالدراسة المتعلقة به من غموض، وأسباب توقف شطره الثاني في ظروف جد مستفهمة بعد إقدام المقاولة المعنية به على سحب آلياتها دون تقديم أي توضيحات، علما بوجود اتفاقية (17/ ث/ ط م/ 2019) تتعلق بإنجاز المشروع الممول من طرف «صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية»، والموقعة من طرف ولاية جهة بني ملال خنيفرة، المجلس الجهوي، عمالة خنيفرة، جماعة مريرت ووكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية، وفي كل إشارة إلى هذه الأطراف يطفو سؤال مدى التزامها بالمساهمات المتفق عليها.
الصحة والنداءات العميقة
لم يعد خافيا على أي أحد معاناة إقليم خنيفرة من تردي البنية التحتية الصحية، ووفقًا لإحصاءات رسمية يبقى عدد الأطباء والممرضين والمراكز الصحية دون مستوى عدد الساكنة التي تزداد بوتيرة متسارعة، الوضع الذي يكشف هشاشة الخريطة الصحية، سواء الموارد البشرية، التجهيزات والأسِرة والمعدات الأساسية، أو التخصصات الطبية، بالإضافة إلى ضعف الحكامة في تدبير ملفات وحالات المرضى، مما يضطر المواطنين إلى التنقل لمستشفيات أخرى مثل بني ملال ومكناس وفاس والرباط، هذا الوضع تضاف إليه ظواهر استدراج المرضى للعيادات الخاصة، بالأحرى الحديث عن مآسي المراكز الصحية بمناطق الإقليم.
ومن جهة أخرى، لم يتوقف نشطاء وسكان إقليم خنيفرة عن نداءاتهم ومناشداتهم لأجل إحداث مركز للأنكولوجيا للكشف المبكر وتشخيص علاج داء السرطان ب «المستشفى القديم»، الذي ما يزال مهجورا منذ إفراغه والانتقال إلى المركز الاستشفائي الإقليمي، مع الدعوة إلى تجهيزه بالوسائل اللازمة الحديثة، واستقبال المصابين بالداء في ظروف لائقة ومريحة، سيما أمام ارتفاع عددهم في صمت، والذين يعانون تحت رحمته، ويتكبدون عناء التنقل من أجل تلقي العلاج، وغالبيتهم من الفئات الهشة أو من ذوي الدخل المحدود، وفات للنداءات دعوة المنتخبين والبرلمانيين إلى أخذ هذا «المطلب الشعبي» بعين الاعتبار دونما جدوى.
وهناك قضية «مركز تصفية الدم» التي تمثل واحدة من القضايا التي أثارت جدلا واسعا، وشهدت تراكمات من الشبهات في التسيير المالي والإداري، وفي مآسي المرضى، والفضائح التي أسفرت، ما بين 2021 و2022، عن سلسلة من الاعتقالات، وأدت إلى تسريح عدد كبير من المستخدمين والمستخدمات، مما يجعل فتح هذا الملف أمرا ضروريا لتسليط الضوء على واقعه الذي تم الكشف عن تفاصيله على يد هيئات حقوقية ومنابر إعلامية، وما تم وضعه على مكاتب الجهات المسؤولة، علاوة على الأشكال الاحتجاجية التي تم تنظيمها أمام مبنى المركز المذكور، إلى جانب ما جرى أيضا من تحقيقات أمنية وقضائية.
الدراسات والجماعات والمراكز
لا بأس أن يتم التحقيق في الأغلفة المهدورة باسم «مستحقات» مكاتب الدراسات التي يجهل الجميع هويتها وطرق تمويلها، وكذا في الصفقات الكبرى المفوتة لمقاولين بعينهم والمحظوظين دون تتبع أو مساءلة، فضلا عن ضرورة التعرف على مآلات ما يسمى بالدعم المخصص للفلاحين والمزارعين في إطار مخطط «المغرب الأخضر» و»محاربة الجفاف»، ومنها إلى ضرورة المتابعة النزيهة في شأن الثروة الغابوية والمناجم المعدنية، وكذلك مقالع الرخام والفسيفساء، وتعميق البحث في الشبهات المحيطة بعمليات الاستفادة من مواقف السيارات (الباركينغ)، وكذلك في غموض ملف «العمال العرضيين» الحبيس للكثير من الاستفهامات.
ومن الملفات الأخرى التي تحتاج للمواجهة بشجاعة، هناك تصاعد في المطالب بتشخيص مستوى أداء بعض الجماعات الترابية مقارنةً بانتظارات وطموحات الساكنة، باعتبار ذلك خطوة أساسية لتقييم فعالية التدبير المحلي وتحديد مدى استجابة هذه الجماعات لحاجيات المواطنين على مستوى الخدمات الأساسية والبنية التحتية والحق في المعلومة، وهو ما يجعل الساكنة تطمح إلى تحسين جودة هذه الخدمات بما يواكب تطلعاتهم، وإلى تسليط الضوء على الفجوات القائمة بين البرامج المعلنة والواقع المعيش، وبين العقليات المبنية على المصالح والمبنية على الايديولوجيات، مع ضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ومن جهة أخرى، تبقى مراقبة المؤسسات الخيرية والمدارس الجماعاتية ومراكز إيواء الفتيات ومؤسسات المشردين من الخطوات الضرورية في سياق تعزيز الشفافية وضمان تقديم خدمات عالية الجودة للمستفيدين،إذ أن هذه المؤسسات تلعب دورا محوريا في تحسين ظروف الحياة للفئات الأكثر حاجة في المجتمع، ومن المهم أن تُدار وتُشرف بطريقة تضمن تحقيق أهدافها الإنسانية بعيدا عن أي تجاوزات أو قصور، بل منها ما تشكو الحرمان مما تستحقه من منح مالية لإنجاح خدماتها، لذلك، ينبغي وضع آليات فعالة للمراقبة والتقييم، والتفاعل المستمر مع المستفيدين لضمان استمرارية وتحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة.
الحرف والتمكين الاقتصادي
للنهوض بالحرف التقليدية ذات الحمولة الثقافية والحضارية العريقة في تجلياتها المغربية، تعتبر الزربية بالإقليم قطاعا منتجا ومشغلا ومتأصلا في التاريخ والتقاليد والتراث، كما يبقى بمثابة الرمز الخالد والمستقطب لسياح الداخل والخارج بالنظر لتميز هذا المنتوج وألوانه الأصيلة وتشكيلاته الزخرفية الفريدة وصوفه الخالص، ويبقى من الأشياء القيمة التي تنقصها فقط تغيير فضائها غير المناسب الحالي بآخر يجمع الحرفيين والحرفيات، ومفتوح للترويج والتسويق وطنيا وعالميا، من أجل ترسيخ التثمين السياحي لها وتيسير تسويقها، مع التمكين السوسيواقتصادي للنساجين والنساجات.
وهناك تطلعات قوية لمشروع وحدة تثمين الصوف، بمريرت، الذي كان سيساهم في النهوض بأوضاع أكثر من 25 ألف من النساء نساجات الزرابي، في إطار منظومة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وكان سيشيد فوق مساحة 5000 متر مربع، مع استثمار إجمالي قدره 28 مليون درهم، تساهم فيه كل من وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير واللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، المجلس الجهوي لبني ملال خنيفرة، المجلس الإقليمي لخنيفرة إلى جانب جماعة مريرت، فيما تتولى مؤسسة محمد الخامس للتضامن مهمة صاحب المشروع.
انتظارات وتساؤلات ودعوات
لا تخلو الانتظارات مما يهم تقوية شبكة الإنارة العمومية، تماشيا مع التوسع العمراني، وتوفير الأوعية العقارية للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والرياضية والتربوية، وتأهيل ما يكفي من الأسواق النموذجية وملاعب القرب، مع ضرورة البحث عن أرض لإحداث مقبرة جديدة تحول دون الوقوع في أزمة دفن الموتى التي أخذت تظهر في الأفق بعد أن أوشكت مقبرة «أحطاب» على الامتلاء، فضلا عن ضرورة تقريب وجهات النظر بخصوص مشروع المحطة الطرقية المرتقبة، والوقوف بالتالي على ما يتعلق بمشكل حرمان بعض الوداديات الشمالية من الربط بشبكة الواد الحار، وعلى دور الشباب المغلقة ولا تقل عن داري كهف النسور وايت اسحاق نموذجا.
ومن جهة أخرى، تتزايد انتظارات المواطنين للجواب عن أسباب تأخر تنفيذ بعض المشاريع الأخرى التي تعتبر أساسية لتنمية المدينة وتحسين جودة الحياة، ومنها مثلا ما يرتبط بمشاريع من قبيل طريق بوزقور؟ والمسبح الأولمبي؟ ثم المسرح الجماعي الذي فات التحدث عن برمجة إحداثه قبل تلاشي موضوعه، إذا لم نقل تحويل غلافه المالي إلى مشروع آخر؟ ذلك إلى ما يتعلق بتهيئة شارع محمد الخامس وضفاف أم الربيع والمجزرة البلدية وملاعب القرب، وكل هذه الملفات وغيرها تستدعي هي الأخرى تدخلا عاجلا، مع وضع آليات فعالة للتتبع والمراقبة بشأنها وبشأن ما ينجز من طرق وشوارع وبنايات ومنشآت فنية.
ولا تتوقف المطالب بضرورة المتابعات النزيهة في ما يتعلق بالثروة الغابوية والمناجم المعدنية ومقالع الرخام والفسيفساء وأسواق الجملة للخضر، وفي ما نجح وما فشل، وما توقف كذلك، من مشاريع المبادرة الوطنية لتنمية البشرية، علاوة على ما يرتبط بحماية وتثمين المآثر التاريخية التي لا تقل عن قصبة موحى وحمو الزياني (مصنفة إرثا إنسانيا)، و»القنطرة الإسماعيلية» و»المسجد الأعظم (الجامع الكبير)» و»الزاوية الناصرية» و»الزاوية الدلائية» والمدينة الأثرية «إغرم أوسار»، فضلا عن «قصبة أدخسال» و»قلعة البرج»، ثم المدينة المكتشفة «فازاز» التي ظل أمرها مهملا رغم قيمتها التاريخية وتصنيفها إرثا إنسانيا.
برامج وتطلعات وجهوية
إن من حق الكثيرين التشديد على ضرورة فتح ما يجب من التحقيقات في ملف أشغال وأوراش وصفقات «برنامج تأهيل إقليم خنيفرة»، الذي أطلقه الملك محمد السادس، عقب زيارته للمدينة، أوائل ماي عام 2008، بغلاف مالي قدره220 مليون درهم، على أن يغطي الفترة الممتدة من 2008 إلى 2011، إلى جانب التحقيق في مآل اتفاقية مشروع التنمية الحضرية (2017/2020) والموقعة بين عدة أطراف حكومية وإقليمية على أساس النهوض بالبنية التحتية للمدينة، وبالتالي وهناك مطالب قوية من أجل فك لغز هدر مبلغ 140 مليون سنتيم قيل بصرفه في إنجاز «كتاب» مصور حول الإقليم.
وفي السياق ذاته، لابد من التساؤل حول ملف مشاريع «جبر الضرر الجماعي»، التي تمت في إطار الشراكة بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وصندوق الإيداع والتدبير والاتحاد الأوروبي، باعتبار الإقليم من المناطق التي تضررت جراء ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، والواضح أيضا أن سكان العالم القروي ينتظرون ما يكفي من التدخلات لدعمهم بالماء الشروب والمسالك والطرق الضرورية ووسائل التمدرس، والتعامل بديمقراطية مع برنامج «كهربة العالم القروي»، وهناك مطالب كثيرة من أجل العمل الجدي على تعميق التحقيق في ما طبع المرحلة الأولى والثانية من «المشروع الألماني المغربي للتطهير» على مستوى ملفاته المالية والتقنية.
ومن جهة أخرى، يرى البعض أن الوقت حان لإذابة الجليد بين إقليم خنيفرة ومجلس الجهة بغاية تحقيق ما يمكن من الفرص التنموية، وتجفيف الصراعات والخلافات التي ظلت قائمة بين هذا المجلس وبعض الأطراف الأخرى المعنية، والتي أدت إلى الشد والجذب، إذ عرف الوضع غياب التنسيق وضعف التواصل بين الفاعلين السياسيين والإداريين، الأمر الذي نتج عنه تعثر عدد من المشاريع وضياع فرص استثمارية كان يمكن أن تسهم في نمو الإقليم وجذب المزيد من الاستثمارات، وحلّ هذه الأزمة يتطلب وضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات السياسية الضيقة، وتعزيز العمل التشاركي بين مختلف الأطراف.