يعيش عدد من بائعي الأسماك المجمدة في وضعية مثيرة للدهشة والتي تُطرح بشأنها علامات استفهام متعددة، وهو ما جعلهم يعبّرون عن استغرابهم في أكثر من مناسبة، وذلك لكون جماعة الدارالبيضاء لم تولهم أي اهتمام وهي تخطو خطواتها المهمة، من أجل تشييد أهم مجمّع متكامل لتسويق المنتجات الفلاحية والغذائية والبحرية، بمنطقتي حد السوالم والساحل أولاد حريز على مساحة 309 هكتار .
وجه الاستغراب يكمن في كون أن هؤلاء الباعة لم يحدثهم أحد ولم يفكر أي مسؤول في تدارس الموضوع معهم باعتبارهم طرفا مهما في المعادلة، وبالتالي اقتراح منحهم أمكنة في المشروع الجديد كغيرهم من باعة السمك، رغم علم الجميع بأنهم يلعبون دورا مهما في تزويد السوق وتغطية احتياجاته من المنتوجات البحرية ، وبالتالي فهم إلى اليوم مازالوا يرتكنون قرب سوق الأسماك الذي سيتم نقله في المستقبل ليبيعوا منتوجاتهم، التي يوزعونها يوميا بالأطنان لتوفير حاجيات السوق .
وبحسب المعلومات التي نتوفر عليها، فإن هؤلاء الباعة يستوردون الأسماك من عدد من البلدان لتغطية الخصاص الحاصل في السوق المغربية، ويروّجون ما يزيد عن 60 مليار سنتيم كمعدل في السنة، أي أنهم يروّجون أكثر حتى من الباعة القارين في محلات داخل أسواق السمك، ومع ذلك مازالوا يشتغلون في ظروف غير مشرفة، ولم يجدوا مخاطبا كي يوفر لهم الأمكنة التي تليق بتجارتهم والمكانة التي يشكلونها في السوق الداخلي، علما بأن مطلبهم بسيط وهو منحهم أمكنة كباقي الباعة لتجويد ظروف اشتغالهم، وأخذا بعين الاعتبار أيضا، أن باعة الأسماك المجمدة ينضوون تحت جمعية لتأطير نشاطهم التجاري وفي نفس الوقت تقوم بأعمال اجتماعية واسعة ، ويشغلون أزيد من 500 شخص في هذه الحرفة.
وجدير بالذكر أن المجمّع المتحدث عنه يأتي في إطار إعادة هيكلة أسواق الجملة غير المنظمة وتحديث سلاسل التوزيع، وذلك بناء على اتفاقية تعاون وشراكة بين وزارة الداخلية ومجلس الجهة ومجلس المدينة ومؤسسات عمومية، حيث سيضم فضاءات متعددة الوظائف، مثل أسواق بيع بالجملة، خاصة بالخضر والفواكه والأسماك واللحوم ومرافق لوجستية، تشمل مخازن للتبريد ومراكز للتجميع والتوزيع، فضاءات مالية وخدمية ، إضافة إلى وحدات تثمين المنتجات الفلاحية والغذائية. فهل تعلم الجماعة وهي تشيّد المشروع الجديد بوجود هؤلاء، أم أنها ستتركهم بعد نقل السوق في حالة شرود يبحثون عن «مأوى» هنا وهناك ؟

