يشكّل تهديدا مستمرا لصحة المرضى ويهددهم بمضاعفات متعددة انقطاع الأدوية يكشف عيوب تدبير وزارة الصحة لمخزونها وارتجالية التموين

 

خرجت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لتعلن، أول أمس السبت، عن توصلها بشحنات من دواء الميثادون الذي يوصف لعلاج الأشخاص المدميين على المخدرات، خاصة الصلبة منها، وفقا لبروتوكول علاجي، على مستوى مراكز طب محاربة الإدمان على الصعيد الوطني، وذلك بعد انقطاع دام لثلاثة أسابيع، تسبب في أزمة كبيرة بالنسبة للمرضى، الذين تابع الجميع صورا وتسجيلات بالفيديو توثق لاحتجاجات عدد منهم في الشارع العام، بل وكشفت عن تهديدهم بالانتحار من أعلى بعض هذه المرافق الصحية العمومية، كما وقع في كل من طنجة وتطوان.
دواء “الميثادون” الذي تسبب في معاناة شديدة لعدد من المرضى الذين يعالجون ضد الإدمان، بسبب الآلام الشديدة التي لم يكونوا قادرين على تحمّلها، لم يكن سوى الجزء الصغير من قطعة الجليد غير المرئية التي توجد في الأعماق، علما بأنه وبالرغم من توفير كميات منه في الظرف الحالي فإن عددا من الفاعلين الصحيين يؤكدون أن الشحنة المتوصل بها بعد طول احتجاج ليست بالكافية مما يتطلب تعزيز المخزون بشحنات أخرى تفاديا لتكرار نفس المشاهد المؤلمة التي عاينها الجميع.
ويرى عدد من الفاعلين والمهتمين بالشأن الصحي بأن تدبير وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لمخزون الأدوية يطرح علامات استفهام عديدة، معتبرين بأنه في كثير من الحالات تسوده الارتجالية التي ترخي بتبعات صحية وخيمة على المرضى وتهددهم بمضاعفات قد لا تكون هينة. وأشار عدد من المعنيين في تصريحات لـ “الاتحاد الاشتراكي”، بأن الخصاص والانقطاع قد لا يكونان بالضرورة في عدد من المناسبات مرتبطين بظرفيات عالمية أو بـ “الانقراض” المؤقت للمواد الأولية التي تدخل في تصنيع بعض الأدوية، مشددين على أن السياسة الدوائية المعتمدة ككل تؤدي إلى هذا الوضع، في ظل الترخيص المتعدد لأدوية بعينها سواء منها الأصلية أو الجنيسة والتي تتوفر لها بدائل لا حصر لها، في حين أن أخرى يكون تصنيعها معدودا على رؤوس الأصابع وتترتب عن كل نقص في معدلاته أزمات متعددة.
وإلى جانب هذه المعضلة تبرز إشكالية تخفيض أسعار عدد من الأدوية التي وأمام تقلص هوامش الربح تفضّل بعض المختبرات توجيه إمكانياتها التصنيعية لأخرى أكثر ربحية، بالمقابل تستمر أزمة ارتفاع أسعار أدوية أخرى، بل وعدم التكفل بتغطية مصاريف عدد منها، خاصة تلك التي توصف لعلاج أمراض ثقيلة، وهو ما يرخي بثقله على جيوب وكاهل المرضى وأسرهم، مما يكشف عن عطب كبير يهدد صحة المغاربة ويدعو المعنيين، ويتعلق الأمر تحديدا اليوم بالوكالة المغربية للأدوية ومنتجات الصحة، لاعتماد الحكامة والنجاعة من أجل تحقيق الأمن الدوائي لكل المواطنات والمواطنين.
وعلاقة بالموضوع سبق لعدد من صيادلة الصيدليات أن كشفوا لـ “الاتحاد الاشتراكي”، بأن هناك أكثر من 30 منتوجا دوائيا غائبا عن الرفوف منذ مدة ليست بالهينة، مبرزين على أن إشكالية انقطاع الأدوية أضحت عادة لا مجرد استثناء، مشددين على أن المشكل الكبير يكمن في غياب سياسة تواصلية في هذا الإطار، إذ أن الصيدلاني والطبيب لا يكونان على علم بانقطاع هذا الدواء أو ذاك، إلا بعد أن يأتي المريض بوصفته الطبية، مشيرين إلى أنه في الوقت الحالي تتواصل أزمة غياب أدوية تخصّ علاج أمراض العيون والبصر، على سبيل المثال لا الحصر، التي دامت لشهور وتستمر إلى غاية اليوم.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 24/03/2025