سيكون المغرب يوم 18 يناير القادم، على موعد حاسم يحدد مصيره في اللائحة الرمادية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث ينتظر في هذا التاريخ بعثة تحقيق دولية خاصة من “مجموعة العمل المالي” المعروفة اختصارا بـ GAFI، وهي البعثة التي ستتحرى على مدار 3 أيام في مدى فعالية ونجاعة التدابير القانونية والإجراءات التقنية التي اتخذها المغرب لمعالجة أوجه القصور الاستراتيجية في أنظمته المالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ومع اقتراب موعد زيارة هيئة التحقيق الدولية الكائن مقرها في باريس، تعمل السلطات المالية المغربية على قدم وساق لاستكمال تحضيراتها على جميع المستويات، وتسابق الزمن من أجل النجاح في اجتياز هذا الامتحان العسير، على أمل الخروج من اللائحة الرمادية التي طالما أساءت وتسيء لسمعة المغرب، وتمنعه من التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض وخطوط سيولة تمويلية بشروط تفضيلية.
ويرتقب أن تقوم «مجموعة العمل المالي»، ضمن برنامج زيارتها المكثف، بلقاء عدد من الفاعلين المؤسساتيين والمسؤولين الماليين على أعلى مستوى (البنك المركزي، القطاعات الحكومية المعنية، الهيئة الوطنية للمعلومات المالية.. إلخ) للوقوف ميدانيا على مدى التقدم المحرز في معالجة أوجه القصور الاستراتيجية التي كانت تعتري المنظومة المالية للمملكة.
وفي سعيه للخروج من اللائحة الرمادية، اتخذ المغرب العديد من التدابير والإجراءات القانونية ذات الصلة، حيث شُكلت لجنة وطنية لتطبيق العقوبات المالية المقررة من قبل الأمم المتحدة ذات الصلة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالموازاة مع إدخال تعديلات على قانون غسل الأموال الذي تمت المصادقة عليه في 20 أبريل 2021. وهي التعديلات التي شملت المادة الثانية (المادتين 17 و19) والمادة الثالثة (المادة 13.3) والمادة الرابعة (المواد 5، 13.1، 15 و32) والمادة الخامسة من القانون رقم 12.18 بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.
وكان المغرب قد قدم التزاما سياسيا في فبراير 2021 للعمل مع مجموعة GAFI لتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد اعترفت الهيئة في أكتوبر الماضي بأن «المغرب قام بإصلاحات جوهرية، من بينها تحسين مراقبة المخاطر واتخاذ الإجراءات التصحيحية الفعالة والمناسبة والرادعة لعدم الامتثال، وتقوية مراقبة مدى احترام المؤسسات المالية والفاعلين المعنيين بالالتزامات القانونية الجاري بها العمل كما قام بمشاركة نتائج تقييم المخاطر للأشخاص الاعتباريين مع القطاع الخاص والسلطات المختصة، وتنويع أشكال التصريح بالمعاملات المشبوهة، واعتماد إجراءات الحجز والمصادرة «.
غير أن كل ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للهيئة لإخراج المغرب من لائحتها الرمادية، حيث تقتضي منهجية عملها، التحقق ميدانيا من تطبيق تلك الإصلاحات والتدابير على أرض الواقع، ومدى أجرأتها فعليا في المنظومة المالية للبلاد، وهو ما سيتم الوقوف عليه خلال الزيارة المرتقبة.
وبخلاف اللائحة السوداء، التي تشمل الدول ذات القصور الاستراتيجي في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تدعو GAFI جميع الدول الأعضاء إلى اتخاذ تدابير مضادة بحقها، فإن اللائحة الرمادية، التي يسعى المغرب للخروج منها، تضم من جهتها الدول الخاضعة للمتابعة الدقيقة من طرف الهيْئة الدولية، وهي تلك التي تعمل مع مجموعة العمل المالي لمعالجة أوجه القصور في أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ تتعهد هذه الدول باتباع خطة العمل المحددة للوفاء بمعالجة أوجه القصور.
يعول عليها كثيرا للخروج من «اللائحة الرمادية» .. المغرب ينتظر زيارة بعثة تحقيق دولية حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
الكاتب : عماد عادل
بتاريخ : 02/12/2022


