يهدف للمساهمة في حقل المعرفة ولدعم التنمية المستدامة .. «وانسيفن للدراسات والأبحاث» إطار مدني أكاديمي وبحثي جديد باقليم خنيفرة

في دينامية ثقافية متجددة يعرفها إقليم خنيفرة، خلال السنوات الأخيرة، شهد تراب جماعة أم الربيع ميلاد إطار مدني أكاديمي وبحثي جديد يحمل اسم «جمعية وانسيفن للدراسات والأبحاث»، وذلك خلال جمع عام تأسيسي احتضنه مقر «جمعية أطلس ويوان للتنمية والسياحة»، في حضور أعضاء اللجنة التحضيرية من داخل الإقليم وخارجه، وثلة من الجمعويين والمهتمين بالشأن الثقافي، في إشارة واضحة إلى حجم التطلعات المعقودة على هذا المولود الثقافي الجديد، وإلى الرغبة في بناء فضاء منفتح.
وبعد كلمات عدد من المشاركين واللجنة التحضيرية، شهد الجمع العام التأسيسي نقاشا معمقا حول مشروع القانون الأساسي، الذي خضع لعدد من الملاحظات والتعديلات قبل أن تتم المصادقة عليه بالإجماع، تمهيدا لانتخاب المكتب التنفيذي الذي ستؤول إليه قيادة المرحلة التأسيسية، وقد قدم الرئيس المنتخب تصورا عاما لوظيفة الجمعية وأدوارها، مركزا على ضرورة الانخراط الفعلي في الحقل العلمي الجاد، بما يساهم في حقل المعرفة على مستوى الإقليم ويدعم التنمية المستدامة في المنطقة.
وضمن رؤيتها العامة، وضعت الجمعية لنفسها أهدافا واضحة تترجم طموحها في التحول إلى مركز إشعاع بحثي بالمنطقة، ومن بين أهم هذه الأهداف إبرام اتفاقيات شراكة مع الهيئات المحلية والدولية، تنظيم ندوات ودورات تكوينية، وتقديم الاستشارات والخبرات العلمية في مجالات اشتغالها، كما أعلنت عن هيكلة داخلية تقوم على لجان موضوعاتية مختصة تشمل الآداب واللغات – مع تركيز نوعي على الثقافة الأمازيغية – والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والعلوم البيئية والطبيعية، خاصة ما يرتبط بالتنوع الإيكولوجي والإجهاد المائي.
وتراهن الجمعية، حسب رئيسها المنتخب، على إنتاج معرفة علمية رصينة، تستند إلى منهجيات دقيقة وبحوث معمقة تعالج قضايا اللغات والآداب والعلوم الاجتماعية والبيئية، في أفق إبراز مقومات التنمية المستدامة بالمنطقة، كما تجعل من الاهتمام بالجبل، ثقافةً وتنميةً ومجالا، محورا مركزيا في تصورها، معتبرة أن «إنسان الجبل يجب أن يكون في قلب كل مشروع تنموي مستدام»، وتتعهد الجمعية بأن يكون اشتغالها في مختلف الحقول قائما على استثمار أدوات البحث العلمي الموضوعي والدقيق، بعيدا عن أي صور جاهزة أو تمثلات زائفة.
كما تولي الجمعية أهمية خاصة للتقاليد والقيم الثقافية بالأطلس المتوسط، سواء في بعدها الرمزي أو الاجتماعي أو الجمالي، إدراكا منها أن هذه المنطقة الخصيبة والغنية ما تزال تخفي الكثير من كنوزها الثقافية والمعرفية التي لم تكتشف بعد، وفي هذا السياق، يبرز رهان الجمعية على بناء ما يشبه «بنكا معرفيا» يلم شتات المعطيات المتفرقة، من خلال عمليات توثيق وتصنيف وتثمين للمعارف والتراث والممارسات الثقافية والفكرية واللغوية، بما يعكس تصورات الإنسان الأمازيغي للعالم في الأطلس المتوسط.
وفي روح التشاركية والبحث الجماعي، تفتح الجمعية أبوابها أمام كل الباحثين والمهتمين القادرين على الإسهام في المشاريع العلمية والدراسات التي تقترحها، داعية في الآن ذاته كل الجهات والمؤسسات التي تتقاسم رؤيتها إلى دعم هذا الورش الثقافي والمعرفي الطموح، حتى يؤدي دوره في ترسيخ الوعي وتثمين الرصيد الهوياتي والثقافي للمنطقة، وإسناد مسار التنمية الشاملة بإقليم خنيفرة والأطلس المتوسط، وتؤكد الجمعية أنها لا تتبنى أي خلفيات إيديولوجية، وتعتبر نفسها إطارا علميا منفتحا.
وعقب الجمع العام التأسيسي، أسفرت عملية انتخاب المكتب التنفيذي للجمعية عن التشكيلة التالية: نور الدين أسكوكو (رئيسا)، المولودي سعيدي (نائبا للرئيس)، عبد الرحمان فلالي (كاتبا عاما)، حنان شهري (مساعدته)، فاطمة توفيق (أمينة للمال)، لحسن وعبي (مساعدها)، إضافة إلى هشام داود، محمد حدري، وعبد العزيز أباحمان (مستشارين)، وقد أجمع أعضاء المكتب على تقديم الجمعية كصوت بحثي يسعى إلى إعادة قراءة الذاكرة البيئية والثقافية للمنطقة، وإبراز العلاقة العميقة بين الإنسان والمجال.
ويحمل اختيار اسم «وانسيفن» للجمعية دلالات تاريخية وثقافية عميقة، إذ إنه الاسم الأمازيغي القديم لنهر أم الربيع، وهو رمز مركزي في الذاكرة الجماعية للأطلس المتوسط ومنطقة فزاز، حيث الاسم لم يكن اختيارا رمزيا فحسب، بل هو إعلان صريح عن التزام الجمعية بالحفاظ على التراث الأمازيغي والطبيعي، ويمثل هذا النهر، بتسمياته المتعددة عبر الزمن – من أم ربيع، وانسيفن، أسيفن اناتيس، أسانا، إلى أم الربيع – خزانا للتراث المادي واللامادي، بينما ارتبطت به قصص وأساطير الإنسان الجبلي علاوة على ربطه الجبل بالسهل والساحل.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 03/12/2025