الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية يرفض مشروع القانون المالي لسنة 2025 ..
وجه يوسف إيدي، رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين، انتقادات حادة لمشروع القانون المالي لسنة 2025، واصفًا إياه بوثيقة محاسبية تفتقر لرؤية اقتصادية واجتماعية واضحة.
وفي كلمته خلال المناقشة العامة للمشروع، اعتبر إيدي أن المشروع لا يترجم التزامات الحكومة ولا يعكس سياسة إرادية لبسط نموذج اقتصادي تنموي. وأشار إلى افتقار المشروع إلى إجراءات حقيقية لإرساء الحكامة الاقتصادية، تحسين مناخ الأعمال، محاربة المضاربات، وضمان تتبع وتقييم عقود الاستثمار.
الإشادة بالنجاحات الدبلوماسية المغربية
من جهة أخرى، نوّه يوسف إيدي بما وصفه بـ»النجاحات الدبلوماسية» للمغرب في تعزيز موقفه الدولي بشأن قضية الصحراء المغربية. وأشاد بالدعم المتزايد لمخطط الحكم الذاتي من خلال فتح قنصليات في العيون والداخلة، داعيًا الحكومة إلى إشراك البرلمان والمجتمع المدني بشكل فعّال في الدفاع عن القضية الوطنية.
انتقادات لضعف مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية
تطرقت كلمة إيدي إلى استمرار معاناة المواطنين من ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، مع غياب أي حلول جذرية للتضخم والمضاربة في الأسعار. كما أشار إلى ضعف إصلاح النظام الجبائي، معتبرًا أن السياسات الجبائية يجب أن تكون أداة لتحفيز الاستثمار وإحداث فرص الشغل.
قضايا الفساد والتشغيل في صلب النقاش
اتهم إيدي الحكومة بالعجز عن التصدي للفساد الذي يكلف المغرب مليارات الدراهم سنويًا، مشيرًا إلى تراجع البلاد في مؤشر إدراك الفساد، ومؤكداً أن الجهود الحكومية الحالية غير كافية. كما تناولت كلمته قضايا سوق الشغل، داعية إلى إصلاح القوانين المنظمة لقطاع الشغل وتحسين أوضاع العاملين في القطاع غير المهيكل.
دعم القضية الفلسطينية
لم تغب القضية الفلسطينية عن مداخلة يوسف إيدي، حيث جدد تضامنه مع الشعب الفلسطيني، مندّدًا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وداعياً المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف الانتهاكات وضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
مطالب بتعزيز الحماية الاجتماعية
أعرب إيدي عن استيائه من الأوضاع المزرية التي تعانيها فئات عديدة، بما في ذلك المتقاعدون، الأشخاص في وضعية إعاقة، وكبار السن. وطالب بتوسيع الحماية الاجتماعية لتشمل الجميع، مشيدًا بالمبادرات الملكية في هذا المجال، مع دعوة الحكومة لتسريع وتيرة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.
الفريق الاشتراكي يطالب بمحاسبة جدية
وفي ختام كلمته، دعا يوسف إيدي الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في محاربة اقتصاد الريع، تعزيز الشفافية، وضمان العدالة الاجتماعية، محذرًا من خطورة استمرار الوضع الحالي على التماسك الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
يشرفني باسم الفريق الاشتراكي/ المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين أن أتناول الكلمة في إطار المناقشة العامة لمشروع القانون المالي للسنة المالية 2025، وهي مناسبة لإبداء الرأي في التوجهات السياسية والاختيارات الاقتصادية للحكومة، انطلاقا من الواقع الذي نعيشه جميعا على الأرض وليس انطلاقا من أوهام الأرقام المضللة. وانطلاقا من رؤية وطنية تقدمية، تُسائل الحكومة عن مدى التزامها فعليا بتعهداتها والتزاماتها المعبر عنها في برنامجها الحكومي أو من خلال قوانين المالية.
أود في البداية التنويه بما حققته بلادنا على مستوى تعزيز موقفها ومصداقيتها لدى المنتظم الدولي، في إطار دينامية شاملة تميزت بالدعم المتزايد لمخطط الحكم الذاتي وبالعديد من الاعترافات الصريحة بالسيادة المغربية على الصحراء، من خلال فتح أزيد من ثلاثين قنصلية في العيون والداخلة، وتنامي تعليق عدد من الدول اعترافها السابق بجمهورية الوهم، كان آخرها الإكوادور وبنما. مما يفرض على الحكومة اليوم، اعتماد مقاربة تشاركية تروم الإشراك الحقيقي والفعال للبرلمان بمجلسيه والأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني في الدفاع عن القضية الوطنية، والتصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية لبلادنا، وتعزيز العلاقات مع فضاءات الانتماء الإفريقي، المغاربي، العربي والإسلامي، وتطوير نموذج للتعاون جنوب-جنوب قوي ومتضامن.
لا زال الشعب الفلسطيني البطل يعاني الويلات جراء استمرار آلة القتل الإسرائيلية في التنكيل بالععزل والأطفال والنساء وبقدر اعتزازنا بالمواقف الرسمية لبلادنا في دعم صمود الشعب الفلسطيني ومناهضة العدوان بقدر ما نجدد التنديدبجرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ونثمن عاليا المواقف المعبر عنها من طرف العديد من أحرار العالم المساندة لحق الشعب الفلسطيني، الرافضة للعربدة المجنونة لدولة الاحتلال، ونطالبها بتحويل هذه المواقف إلى خطوات إجرائية لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو المدخل لتحقيق سلام شامل ودائم في المنطقة.
كما نطالب المجتمع الدولي وكافة المؤسسات والهيئات الدولية والحقوقية بالتدخل الفوري لوقف الغطرسة الإسرائيلية، وإظهار الوجه الحقيقي لإسرائيل كدولة أبارتايد تمارس شتى صنوف القمع والقتل ضد الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق ندعو المجتمع الدولي ومنظمة الصليب الأحمر للضغط من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال والذين يتعرضون لشتى أصناف التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، خلافاً لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949.
إن الاقتصاد ليس أرقاما وتوقعات فقط، بل هو رؤية وأهداف تنموية يتم تفعيلها من خلال قوانين المالية. فهل مشروع قانون المالية لسنة 2025، يندرج في إطار أهداف البرنامج الحكومي في المجال الاقتصادي الهادفة إلى تحقيق نمو قوي ومستدام ومنتج لفرص الشغل ومتضامن، يقوم على دعم الطلب الداخلي بتحسين القدرة الشرائية وتدعيم الاستثمار وعلى تقوية الطلب الخارجي بالرفع من تنافسية المقاولات المغربية وقدرتها على اختراق الأسواق، وجعل الاقتصاد الوطني قادرا على التموقع الجغرافي والتنموي ضمن مصاف الدول الصاعدة خلال السنوات القليلة المقبلة؟
هل مقتضيات وأهداف مشروع قانون المالية 2025، تندرج ضمن تحسين الحكامة ومحاربة المضاربة والاحتكار والريع، وتطوير نجاعة الإدارة وتحسين مناخ الأعمال ودعم الاستثمار وتقوية البعد الترابي والجهوي للتنمية، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة؟
هل مقتضيات قانون المالية 2025 تحمي المواطنين وتضمن كرامتهم وتستجيب لأولوياتهم، في إطار مغرب أقوى وأكثر إنصافا؟
هل مقتضيات وأهداف مشروع قانون المالية 2025، تندرج في إطار ركائز الدولة الاجتماعية التي توفر الحماية لمواطنيها مدى الحياة؟ سواء بإحداث الدخل الاجتماعي لتماسك وكرامة الأسرة، أو الرعاية الصحية الجيدة لصون كرامة المواطن؟
إن مشروع قانون المالية لسنة 2025 في نظرنا هو وثيقة محاسبية وليس وثيقة رقمية لتصريف السياسات العمومية، بسبب احتوائه على خليط من الإجراءات الاقتصادية، مما يدفعنا إلى التساؤل: هل هذا المشروع يعبر فعلا عن سياسة إرادية لبسط نموذج اقتصادي تنموي معين؟ فهو يفتقد لمرجعية اقتصادية تحدد فلسفته وماهيته. بل إنه مشروع نمطي، لا يعكس العلاقة الجدلية بين التدبير المالي والهدف الاقتصادي والأثر الاجتماعي والبعد التنموي.
فمشروع قانون المالية لسنة 2025 غارق في العموميات، وتكرار للأهداف والمبادئ التي أسست عليها مختلف قوانين المالية السابقة، فهو لا يتضمن أي إجراءات عملية لإرساء الحكامة الاقتصادية، وتحسين مناخ الأعمال ومحاربة المضاربات والاحتكار المضر بالنظام الاقتصادي، ولا يتضمن أي إجراءات لتفعيل التتبع والتقييم لعقود الاستثمار والتزامات المستثمرين فيما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية المستفيدة من التحفيزات العمومية. كما لا يتضمن أي إجراءات لاعتماد البرامج التعاقدية ودفاتر التحملات لمحاربة اقتصاد الريع والحد من الاحتكارات.
في غياب أي إجراءات لإصلاح النظام الجبائي إصلاحا شمولياً، لتحقيق مبدأ العدالة الضريبية، جاء مشروع قانون المالية بمراجعة جدول أسعار وأشطر الضريبة على الدخل، ونحن إذ نؤكد على أهمية هذا الإصلاح الجزئي، خاصة أمام واقع الارتفاع المهول لتكاليف العيش، فإننا ننبه إلى ضرورة الانكباب على ورش إصلاح النظام الجبائي، باعتبار السياسة الجبائية عاملا حاسماً في دعم الاستثمار المنتج وفي التحفيز على إنتاج الثروة وإحداث فرص الشغل، من خلال قواعد وآليات للإنصاف الجبائي، وملاءمة قواعد القانون الجبائي مع القواعد العامة للقانون، وتكثيف عمليات محاربة الغش والتملص الضريبيين.
هذا الورش الإصلاحي لازال مؤجلاً كغيره من الأوراش الإصلاحية الكبرى، إلى حين توفر الإرادة السياسية الحقيقية لمباشرة الإصلاحات الهيكلية غير القابلة للتسويف والانتظار.
إذا كانت الحكومة قد اعتبرت في برنامجها «محاربة الفساد أولوية وطنية، والتزمت بالعمل على تطبيق الآليات الرقمية بالمصالح الإدارية لتقليص فرص الفساد الإداري، فما هو تفسيركم
لتراجعالمغربفيمؤشرإدراكالفسادبخمسنقاطخلالالسنواتالخمسالأخيرة؟
وأنتم تعلمون أنظاهرةالفسادتكلفالمغربمايفوق 50 ملياردرهمسنويا (من 3.5 إلى6% من الناتج الداخلي الخام)، إلا أننا لا نرى تدابير جدية للحد من تفاقم وضع الفساد، ونسجل، بكل أسف، ضعف فعالية الجهود الحكومية للتصدي لهذه الآفة الخطيرة.
لقد كان من بين أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، «جعل الفساد في منحى تنازلي بشكل ملموس وبصفة مستمرة وتعزيز ثقة المواطنين، وتحسين مناخ الأعمال وتموقع المغرب دولياً»، لكن للأسف، ظلت هذه الأهداف بعيدة المنال. لقد نبهنا غير ما مرة لهذا القصور البيِّن في توطيد قيم النزاهة والحد من الفساد. لقد نبهنا أكثر من مرة لتجاوزات تحديد الأسعار، خاصة الارتفاع المهول لأسعار المحروقات والتي حققت معه الشركات هوامش ربـــح مفرطة، مما أضر غاية الضرر بالقدرة الشـــرائية للمواطنات والمواطنين، فضلا عن تأثيراته الكارثية على القدرة التنافسية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، ولم تحرك الحكومة ساكنا. فأين الحكومة من التزامها الصريح في برنامجها «بتتبع أكبر للمعاملات الاقتصادية اليومية في إطار محاربة الغش والفساد»؟ ويبقى السؤال متمردا في أذهاننا، ليس عن أسباب ارتفاع الأسعار وتدابير مكافحة التضخم، بل عن سبب العجز عن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين؟ وإن كنا نتفهم تداعيات ما يسمى ب«التضخم المستورد»، والتضخم الذي تفرضه الطبيعة، فإننا لا نفهم عجز الحكومة عن محاربة التضخم الناتج عن المضاربة في الأسعار والاحتكار؟
لقد نبهنا في غير ما مناسبة، لملفات نهب المال العام وتبديده، من نهب الرمال ونهب المعادن والاستيلاء على الثروتين الغابوية والبحرية، فضلا عن استباحة المال العام بواسطة الرشوة واستغلال النفوذ، وشيوع اقتصاد الريع سواء الريع الناجم عن الاحتكار، أو الحصول على امتيازات غير مشروعة، أو استغلال التأثير الذي توفره السلطة السياسية على القرار الاقتصادي، والتحكم في المعلومة الاقتصادية وشتى أنواع الممارسات التحايلية التي تقوم بها بعض اللوبيات الجشعة وبعض الفئات المتنفذة والمستفيدة. كما توسعت دائرة الرشوة سواء في مجال الصفقات العمومية أو التفويتات المشبوهة. ومما يذكي هذا النوع من الممارسات غياب آليات دقيقة للمحاسبة. والخطير أن المال العام يستباح في بلد هو في أمس الحاجة لإنجاز أوراشه التنموية وتلبية المطالب الاجتماعية للمواطنين.
لقد شككت تقارير المجلس الأعلى للحسابات في شفافية التدبير الحالي للعديد من المؤسسات العمومية والجماعات المحلية. وبدون السقوط في كيل الاتهامات وانتهاك قرينة البراءة، نحملكم، مسؤولية وضع حد لنظام الامتيازات الذي ينخر الجسم الاقتصادي الهش. نحملكم مسؤولية توفير المناخ الملائم للمنافسة الشريفة ولحرية المبادرة وتكافؤ الفرص ومكافحة اقتصاد الريع وصنوف المضاربة والاحتكار.
لازال سوق الشغل يتميز بهشاشة قوية مع استمرار هيمنة القطاع غير المنظم، إلا أن الحكومة تدير ظهرها لهذا الملف الشائك، بما يعنيه من آثار سلبية على النمو الاقتصادي، تتجلى في هشاشة العمل وغياب شبكات الحماية الاجتماعية والتهرب الضريبي.
فهل لدى الحكومة خطة واضحة لوضع نظام شامل ومتكامل للإدماج؟
هل لديها برنامجا لمواكبة وتشجيع هذه الفئة على الاندماج في النسيج الاقتصادي المهيكل حتى تتمكن من الاستفادة من المزايا القانونية والاجتماعية والجبائية والولوج إلى التمويلات المتاحة؟
هذا على صعيد الأنشطة الاقتصادية الصغرى للقطاع غير المهيكل، الذي لم يتمكن أصحابه من التأقلم مع ثقل المساطر الإدارية والضغط الجبائي وشروط المنافسة، لكن نحذر الحكومة من خطورة الأنشطة الكبرى للقطاع غير المهيكل ذو المداخيل العالية، والذي يضر بالاقتصاد الوطني بسبب غياب مساهمته في المداخيل الضريبية (الضريبة على الشركات، الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية) بالإضافة لما ينتج عنه من هشاشة في الأجور وغياب الحماية الاجتماعية للمشتغلين فيه.
فهل لدى الحكومة برنامج لتشديد الإجراءات الزجرية اتجاهها؟ (من مثل تحديد سقف الدفع نقدا وتشجيع المعاملات المصرفية ورقمنة عمليات البيع والشراء وتجريم إصدار الفواتير الصورية وغيرها من الإجراءات).
هل ستكون للحكومة الجرأة في مراجعة نسبة ما تحصله من مداخيل بخصوص العديد من القطاعات الصناعية والتجارية والمصرفية، أم أن اقتصاد الريع واستفادة البعض من مداخيل غير مستحقة سيظل عنوانا بارزا لاقتصادنا؟
وإننا نرى أن الإرادة السياسية ضعيفة لدى الحكومة لمحاربة اقتصاد الريع والأنشطة التحايلية المضرة بالاقتصاد الوطني ولمحاربة البؤر ذات المخاطر الكبيرة للتهرب مما تفرضه المسؤولية الاجتماعية والتصدي لكل الممارسات المنتهكة لأحكام تشريع الشغل؟ ولا أدل على ذلك من ضعف الدور الرقابي لجهاز تفتيش الشغل ووحدة المراقبة والتفتيش التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
أما آن الأوان لإعادة النظر ومراجعة النصوص القانونية المنظمة لمهام جهاز تفتيش الشغل؟
ونحن إذ نؤكد على ضرورة تشديد العقوبات في مواجهة الرفض أو التهرب من المساهمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتنقية سوق الشغل من الشوائب، ندعو الحكومة، للعمل سوياً، وبأقصى ما يمكن من جدية وإبداع، من أجل ملاءمة قوانين الشغل المحلية مع القانون الدولي للشغل، عبر تغيير جذري لها بما يضمن حقوق الشغيلة ويكفل حقوقها ويحميها من جشع جزء من الباطرونا، في اتجاه ضمان استقرار العمل، وتوفير الأجر العادل والحماية الاجتماعية المعممة لكافة العمال.
ندعو الحكومة للعمل على احترام الحريات النقابية وحماية حق الإضراب على المستوى القانوني، عبر إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل 5 من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، وسائر المقتضيات التشريعية والتنظيمية المنافية للحق الدستوري في الإضراب وللحريات النقابية، وضمنها الاقتطاع من الأجر لممارسي الحق في الإضراب، مع إعادة الاعتبار لجميع ضحايا الفصل 288 من القانون الجنائي، بإرجاعهم للعمل ومحو العقوبات المترتبة عن تطبيقه.
إننا ندعو الحكومة إلى التسريع بالانضمام إلى الاتفاقية رقم 87 (اتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم النقابي)، والمصادقـة علـى الاتفاقيـات التالية:
بشـأن الرعايـة الطبيـة وإعانـات المـرض (الاتفاقية رقم 130 ،1969)؛
بشـأن النهـوض بالعمالـة والحمايـة مـن البطالـة (الاتفاقيـة رقم 168 ،1989)؛
بشـأن إعانات العجز والشـيخوخة والورثـة (الاتفاقيـة رقـم 128 ،1967)؛
بشـأن إعانـات إصابـات العمل (الاتفاقية رقـم 121 ،1980).
سبق لصاحب الجلالة نصره الله في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في أكتوبر 2022 أن وضع للحكومة هدف خلق 500 ألف منصب شغل بحشد 550 مليار درهماً من الاستثمار الخاص في أفق 2026. فما هي حصيلة هذا الالتزام؟
السيد الرئيس، إن الفجوة عميقة، بين التوقع والواقع الذي لا يرتفع، بين الأحلام والحقائق الدامغة على الأرض، رغم كل الظروف المساعدة الدولية منها والوطنية (استقرار أسعار الطاقة وثباتها في مستويات مقبولةإلخ) ومع ذلك لم يكن لهذه المؤشرات الإيجابية انعكاس إيجابي على ظروف ومستوى معيشة المواطن.
لقد دعا جلالته في ذات الخطاب، إلى «الاستثمار المُنتج كرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني» انتهى قول جلالته، غير أننا لا نرى على أرض الواقع مؤشرات قابلة للقياس لاستثمار منتج لفرص الشغل، بل فقط استثمارات لا تهمها سوى الربح السريع والعائد المضمون. وإلا كيف نفسر نسبة بطالة التي بلغت أزيد من 13.6%؟ فأينكم من وعود برنامجكم الحكومي في امتصاص البطالة في صفوف الشباب، ومواكبة المقصيين من سوق الشغل؟
إننا بحاجة إلى «ميثاق وطني» تُحدد فيه الأهداف العامة والتوجهات الاستراتيجية في مجال التنمية البشرية والحماية الاجتماعية، يعمل فعلا على مبدأ «عدم ترك أي أحد خلف الركب». فهل تستجيب الحكومة لهذا المبدأ، وتكرس جهودا مضاعفة لتحقيقه؟ بكل أسف لا نرى ذلك. ولنتحدث أولا عن المشاكل التي تتخبط فيها فئة المتقاعدين وذوي حقوقهم المعروفة لدى الجميع ونتساءل:
أما آن الأوان للالتفات إلى معاناتهم والعمل على إيجاد حلول شاملة ومستدامة لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية؟ أما آن الأوان لإعطاء مضمون فعلي لشعار «تقوية وتماسك النسيج الاجتماعي»؟
حسنا فعلت الحكومة لما وافقت على تعديل طالما طالبنا به، وهو إعفاء المعاشات والإيرادات العمرية المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد الأساسي من الضريبة على الدخل، وإن كانت في سنتين، وهو لا يعدو أن يكون تصحيحاً لمظلمة تعرض لها المتقاعدون بإقرار ضريبة على معاشاتهم، في حين أنها ادخار وليس أجرا؟
أما آن الأوان لاعتماد السلم المتحرك للمعاشات؟
أما آن الأوان لإقرار زيادة في معاشاتهم بما يتوافق والزيادات المتتالية في الأسعار، خاصة رفع الحد الأدنى منها؟ أما آن الأوان لتمكين المتقاعدين وذوي الحقوق من الحصول على كافة المستحقات الخاصة بهم وتوفير الرعاية الاجتماعية بشكل شامل وتعزيز حقوقهم وتحسين ظروفهم المعيشية؟
لنتحدث عن الأشخاص المسنِّين، خاصة أولئك الذين يعيشون أوضاعا مزرية، مما يستوجب التفكير في وضع استراتيجية استعجالية تهدف إنشاء عدد كاف من مؤسسات الرعاية الاجتماعية الكفيلة بإيواء الأشخاص في وضعية صعبة خاصة المشردين وكبار السن الذي يعيشون بدون مأوى وبدون دخل. ونفس الشيء بالنسبة لمراكز حماية الطفولة.
ألم يحن الوقت بعد لإقرار قانون خاص بهذه الفئة بشكل يتلاءم مع المعايير الدولية في هذا المجال، وخاصة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن لسنة 1991؟
ألم يحن الوقت لإحداث حـد أدنـى للدخـل فـي سـن الشـيخوخة لفائـدة الأشخاص الذين لايسـتفيدون مـن أي معـاش للتقاعد، طبقا لمقتضيات التوصية رقم 202 بشأن الأرضيات الوطنية للحماية الاجتماعية؟
لنتحدث عن الأشخاص في وضعية إعاقة، وصعوبة الولوج إلى سوق الشغل، وشتى صنوف التهميش التي تعاني منه هذه الفئة على جميع المستويات. مما يستوجب إيلاء أهمية خاصة لحماية حقوق هذه الفئة والنهوض بها، وتمكينهم اجتماعيا واقتصاديا، وإدماجهم في سوق الشغل، وضمان كل شروط العيش الكريم لهم، ووضع كل الشروط التيسيرية أمامهم للمساهمة في تنمية البلاد. وفي هذا الإطار لماذا تتلكأ الحكومة في تفعيل مقتضيات القانون الإطار رقم 13-97 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، خاصة مقتضيات المادة 6 منه المحدثة بموجبها نظاما للدعم الاجتماعي والتشجيع والمساندة لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة. متى ستستفيد هذه الفئة من ضمان دخـل أساسـي وفقا لتوصيـة منظمـة العمـل الدوليـة رقم 202 بشأن الأرضيات الوطنية للحماية الاجتماعية.
لنتحدث عن الحماية الاجتماعية باعتبارها حقاً من حقوق الإنسان غير قابلة للتصرف، وبموجبه يحق لكل إنسان الحصول على خدمات تساعده على تأمين مستوى عيش لائق، وتحرره من مخاطر العوز وانعدام التغطية الصحية. ولابد من التنويه أولا بما تحقق من خطوات مهمة بفعل السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة حفظه الله مبدع الورش التاريخي للحماية الاجتماعية، الذي يعتبر بحق نقطة تحول مفصلية، وحدثا مؤسسا لفعل اجتماعي أكثر فعالية ونجاعة. لكن المنظومة العامة لازالت تعاني من بعض النواقص والعيوب، نجملها كتساؤلات للحكومة، ومنها:
ماذا فعلت الحكومة لإعمال مبدأ الإنصاف في النظام الصحي، أين وصلت في معالجة الأسباب التي تتدهور فيها الحالة الصحية، بالخصوص سوء التغذية وقلة شروط النظافة؟
ما هي الإجراءات المستعجلة لوضع حد لحالة انعدام المساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية؟ أين نحن من برنامج تيسير الولوج المتكافئ للتمتع بالحق في العلاجات الصحية؟
ماهي الحصيلة في مجال خفض الفوارق المجالية (ما بين الجهات وما بين المناطق داخل الجهة الواحدة) ما هي حصيلة تأهيل العرض الصحي لتلبية الحاجيات المتزايدة للسكان على العلاجات، والحد من الحواجز التي تعترض الولوج إلى الخدمات الصحية؟
ما هي التدابير المتخذة للتغلب على النقص الحاد في الموارد البشرية؟
هل للحكومة خطة للاستثمار في الرعاية الصحية الأولية من خلال إعداد الأطباء العامين وتطوير طب الأسرة والرفع من جودة تكوينهم؟
ما هي التدابير المتخذة لخفض الحصة المباشرة للأسر في الإنفاق الصحي؟
ما هي التدابير المتخذة لضمان الولوج إلى الأدوية ذات الجودة العالية والأثمنة المناسبة في إطار فعلية الحق في الصحة؟
لنتحدث أيضا عن الحاجة الملحة لإرساء نظام مندمج ومتناسق ومتكامل للحماية الاجتماعية يضمن من جهة تحقيق الحماية للفئات الاجتماعية الهشة وفق مبادئ العدالة والإنصاف والفعالية، والرفع من جودة حكامة المنظومة ودعم فعاليتها ونجاعتها وقدرتها على إحداث الأثر المتوخى منها وضمان استدامتها. فإن من باب الإنصاف أيضا أن تتحمل الدولة المغربية مسؤوليتها في تدبير أنظمة التقاعد والحفاظ على مكتسبات الموظفين والموظفات وكافة الأجراء، وعدم المساس بها. على الحكومة ابتكار حلول جذرية لإشكاليات التقاعد بعيدة عن جيوب ومدخرات الأجراء، بعيدا عن الحلول السهلة المكوَّنة من الرفع من السن إلى 65 سنة، والرفع من المساهمات، والتخفيض من قيمة المعاشات.
لقد قطعت بلادنا في مجال تكريس فعلية حقوق الإنسان أشواطا مهمة، ساهم فيها حزبنا مساهمة كبيرة، منذ تأسيسه لأول جمعية وطنية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، إلى انخراطه في أوراش تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بمنظومة الحقوق والحريات، مرورا بتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنصفت المئات من مناضلات ومناضلي حزبنا ضحايا سنوات الجمر والرصاص.
ويحق لنا أن نفتخر بهذا التاريخ المجيد لحزبنا من الكفاح من أجل تثبيت حقوق الإنسان، والذي كان ولايزال في طليعة المدافعين عن مصالح الطبقات الشعبية، فإننا ننبه الحكومة لضرورة اتخاذ جملة من التدابير لتعزيز حماية حقوق الإنسان والنهوض بها ببلادنا، خاصة على مستوى استكمال ملاءمة التشريعات الوطنية مع ما تفرضه الممارسة الاتفاقية لبلادنا. وفي هذا السياق لابد من استكمال المغرب لمسار الانضمام إلى البرتوكولات الأساسية المتبقية لا سيما: الانضمام إلى البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والعمل على رفع الإعلان التفسيري بشأن المادة 2 والفقرة 4 من المادة 15 لاتفاقية سيداو، ورفع التحفظ على المادة 29، والإعلان التفسيري بشأن الفقرة الأولى من المادة 14 لاتفاقية حقوق الطفل، والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما ندعو الحكومة إلى التسريع بالانضمام إلى نظام روما الأساسي المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وكذا اتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما باعتبارها الصك القانوني الدولي الأكثر شمولا من أجل مكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، وحماية النساء ضحايا العنف وإحالة مرتكبي هذه الجرائم إلى القضاء.
ندعو الحكومة أيضا لتصحيح مسار انخراط بلادنا في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وتقويته، ولا سيما بالعمل على تدارك التأخير في تقديم بعض التقارير الدورية الوطنية، والعمل على إعمال التوصيات الصادرة عن مختلف الآليات الأممية لحقوق الإنسان.