يوم الوفاء للشهداء وللوطن…

بحلول يوم الوفاء للشهداء الذي دأب الاتحاديون والاتحاديات على إحياء ذكراه، وجه الكاتب الأول الأخ إدريس لشكر رسالة إلى الكتابات الإقليمية يحث فيها الجميع على تخليد ذكرى شهدائنا الأبرار بما يليق بهم وبهن من تقدير وإجلال، وكيف لا وقد ضحوا وضحين بكل ما ملكوا وملكن من أجل عزة الوطن وكرامة أهله. ضحوا وضحين بحريتهم حين ألقي بهم ظلما في معتقلات الاستعمار وزنازن زمن الاستبداد، وبقوت أسرهم حين طردوا من أعمالهم وجردوا من ممتلكاتهم من قبل دهاقنة الزمن البغيض، ومنهم ومنهن من ضحى بحياته حين اختطف وعذب واغتيل سواء من قبل زبانية أوفقير ومن صار على نهجه من قبل وبعد، أو من قبل خفافيش الظلام وأعداء الحياة والحرية والوطن الجميل.
يوم الوفاء لحظة طافحة بالمعاني والدلالات: هي لحظة استحضار تاريخ مجيد من التضحيات الجسام من أجل رقي المغرب المستقل ليكون بلدا حرا، متحررا، ناميا، قادرا على منافحة الأمم الراقية والمتقدمة؛ وهي لحظة لتثمين القيم الكبرى التي جسدها أولئك الشهداء من رجال ونساء آمنوا بقيم الحرية والكرامة والمساواة، وتسلحوا(ن) بالشجاعة إلى حد التضحية تحقيقا للمثل العليا التي أنارت وما تزال دروب أجيال وأجيال صنعت بلا كلل التاريخ النضالي لشعبنا المجيد؛ وهي لحظة لتجديد العهد الاتحادي على مواصلة النضال من أجل مغرب الديمقراطية والحداثة ضمن شروط وطنية ودولية جديدة ومتجددة…
إحياء الذكرى اعتراف بجميل من استشهد وعزم على مواصلة المسار بإصرار لا يلين، وتأكيد بأن مجرى النضال الاتحادي ثابت لا يحيد عن الثوابت والمبادئ المؤسسة للحركة الاتحادية. يرجع إليهن وإليهم الفضل في ما تحقق من مكاسب ديمقراطية وإصلاحات سياسية نقلت بلدنا من الحكم الفردي والاستبداد المخزني إلى دولة ديمقراطية ناشئة يؤطرها دستور متقدم ومؤسسات منتخبة، وتحكمها قوانين، وتحترم فيها حقوق الإنسان. إنها مكاسب أساسية بحاجة إلى ترسيخ وتطوير في تجاه القطع مع كل أشكال الفساد السياسي والاحتكار الاقتصادي والمسخ الثقافي. إن استكمال معركة التحرير والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية رسالة من جيل لجيل، وبالتالي فهي أمانة على الأجيال الصاعدة الوفاء بها والالتزام بغاياتها وأهدافها البعيدة. إن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس في كل حالاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعليه فإن الاتحاد معني بتجديد أطروحاته الفكرية والسياسية وتطوير برامجه الاقتصادية والثقافية وإبداع أساليب وأدوات أكثر ملاءمة للواقع المتحول في كل أبعادها حتى يكون أقدر على الفعل والتفاعل مع محيطه الوطني والجهوي والدولي. فكما اجتهد المهدي وعمر وعبد الرحيم وعبد الرحمان بمعية أطر الحزب ومثقفيه العضويين في تحليل الواقع المغربي، وقدموا في ذلك أطروحات نظرية ومواقف عملية أثرت الفكر السياسي الوطني وأضاءت دروب النضال الوطني الديمقراطي على امتداد  ستة عقود ونيف، ها هو الاتحاد اليوم يسير على نفس النهج من خلال مبادرات سياسية خلاقة تسعى إلى تطوير العمل الديمقراطي وتقوية المؤسسات من خلال إصلاح منظومة الانتخابات والدفاع عن الحريات وحماية حقوق الشغيلة وإقرار المناصفة وتحقيق الحماية الاجتماعية لكافة المغاربة وإصلاح التعليم وتقوية قطاع الصحة ونصرة قيم التسامح والتضامن والسلام. إنها رهانات جديدة لمغرب جديد يتبلور في زمن الجائحة التي أوقفت عجلة النمو الاقتصادي في العالم وخلخلت كل التوازنات المالية والاجتماعية وقلبت الأولويات، وجعلت بلدنا وكل بلدان المعمور أمام تحديات كبرى ومصيرية.
إن الوفاء للشهداء هو أولا وفاء للوطن… ووفاء لحزب المهدي وعمر وعبد الرحيم وغيرهم من رواد الاتحاد وأعلامه…. وفاء يجسد الانتماء في أجمل صوره ويتسامى عن العابر من الخصومات والخلافات… لذلك كانت حكمة القيادة الاتحادية التي جعلت من الذكرى الستين يوم الإعلان التاريخي عن انطلاق صيرورة المصالحة، وعلينا اليوم استكمال هذا الورش  بصبر وأناة وإصرار بما يليق بأرواح شهدائنا الأبرار… تحية لكل الأوفياء لأرواح شهداء الوطن والحرية…


بتاريخ : 29/10/2020