تخلد شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب هذا الشهر، ذكرى مرور عشر سنوات على تأسيسها (يونيو 2015)، بعد تجربة ثقافية ضمن إطار جمعوي سابق -كان ضد ثقافة الاعتراف – لأزيد من عقد من الزمن، حيث الانطلاقة كانت من الحي الشعبي « يعقوب المنصور» بمدينة الرباط؛ بممثلي ست مقاه ثقافية بمدن أسفي ووجده وأبي الجعد ومراكش وتنغير والرباط، التأموا في ندوة لتدارس فكرة تأسيس إطار ثقافي وطني، يشتغل على فعل واحد يتمثل في نقل الثقافة لفضاء المقهى.
الانطلاقة الفعلية احتضنها المقهى الأدبي بأسفي لصاحبه الراحل امحمد الشقوري في نونبر 2015.. وتعددت اللقاءات، وبدأ المشروع يكبر ليشمل مقاه بمدن أخرى كالقنيطرة وسوق أربعاء الغرب وتارجيست وسيدي يحي الغرب وتزنيت والصويرة وسلا والدار البيضاء والخميسات ومولاي ادريس زرهون ومكناس وبن جرير وسيدي قاسم وتمارة ومشرع بلقصيري وبوقنادل وسيدي الطيبي وفاس وبومية والعرائش وأكادير والحسيمة وتطوان وطنجة وصفرو والحاجب والهرهورة وتازة ومولاي ادريس زرهون والخنيشات ومارتيل وتاوريرت ووليلي وزاكورة وورزازات وبئر مزوي والفقيه بنصالح وخريبكة والدروة والمحمدية وتامسنا ، بدينامية متفاوتة، وبتوقف اضطراري لتجارب لم تتعد أصابع اليد الواحدة .
كل هذه الفضاءات استضافت مئات الفعاليات الثقافية والفنية والسياسية والرياضية في حوارات مفتوحة، وتوقيع كتب وألبومات غنائية على سبيل المثال لا الحصر ماجدة اليحياوي ونورالدين أفاية وصلاح بوسريف وادريس الروخ وسعد الشرايبي وأحمد المرزوقي ونجاة الوافي واسمهان عمور والراحل محمد الشوبي ومحمد الأشعري وسالم حميش وجمال المحافظ و خليل الدمون وعبدالكريم الجويطي…والعديد من الأسماء .
من جهة أخرى اهتمت الشبكة بالنشر حيث أصدرت رواية بالفرنسية لعبد الرحمان أمزيان ومجموعة قصصية لأحمد السبيع وكتابين جماعيين نسق موادهما كل من الدكتور عادل القريب والدكتور الحسين أوعسري .
ولاهتمامها بالعمل الثقافي الجهوي، نظمت الشبكة سبعة ملتقيات جهوية بجهات الرباط وبني ملال وسوس، مع الحفاظ على عقد دورات الملتقى الوطني السنوي للمقاهي الثقافية بشكل منتظم و التي بلغت دورتها 12(ستنظم في يوليوز المقبل )….
وتماشيًا مع استراتيجيتها الثقافية الرامية إلى ترسيخ الفعل الإبداعي في الفضاء العمومي وتعزيز الإشعاع الثقافي على المستويين الوطني والدولي، احتفت المقاهي الثقافية باليوم العالمي للشعر من خلال تنظيم عشر نسخ متميزة، شكّلت علامات مضيئة في المشهد الثقافي المغربي.
وقد جسدت هذه المبادرات الروح الحيّة للشعر، حيث تحوّلت المقاهي من فضاءات يومية اعتيادية إلى منصات للبوح والإلهام، استضافت خلالها أصواتًا شعرية من الجنسين، تنوعت مشاربهم وتعدّدت لغاتهم، بين العربية، الأمازيغية، الفرنسية، الإسبانية والإنجليزية. كما أصبح شهر رمضان من كل سنة مناسبة سنوية لتجديد العهد مع الثقافة والفن في فضاءات المقاهي، من خلال تنظيم «ليالي المقاهي الثقافية الرمضانية « والتي بلغت دورتها العشرة.
وفي مجال التوثيق والنشر، نهج المكتب الوطني للشبكة، سياسة الانفتاح على مختلف المنابر الإعلامية الورقية والإلكترونية، وكذا القنوات الوطنية والعربية لتسويق منتوجها الثقافي.
ونظرا لأهمية الديبلوماسية الثقافية، لم تغفل الشبكة بكل مكوناتها هذا المحور، حيث وقعت شراكات مع المقهى الأدبي بصفاقس بتونس، وقريبا مع صالون السجل الثقافي بلبنان، دون نسيان التنويه بالاتفاقية التي تجمع الشبكة ووزارة الثقافة منذ سنة 2018، والتي تخص دعم الملتقى الوطني للمقاهي الثقافية.
إن هذه الدينامية التي تعرفها المقاهي الثقافية، والتي تكرّست عبر هذه التظاهرات الثقافية المتوالية، تعكس نضج الوعي بأهمية الثقافة في الفضاء العام، كما تسعى شبكة المقاهي الثقافية لتوسيع قاعدة المشاركة في الفعل الثقافي، خصوصًا في المدن الصغيرة والمناطق الهامشية التي تفتقر إلى بنيات تحتية ثقافية تقليدية.
10 سنوات على تأسيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب .. دينامية تعكس نضج الوعي بأهمية الثقافة في الفضاء العام

بتاريخ : 18/06/2025