ليس من السهل تصنيف القصص التي كتبها هانس كريستيان أندرسن (1805 – 1875)، فالخيال الذي طعّم به الرجل قصصه لا يقتصر على الأطفال فقط، بل الكبار أيضًا. فحكاياته الخيالية كانت تحمل مزيجًا فريدًا من الحكمة والمغامرة في آنٍ واحد، فيما يشبه (رحلات جيلفر) لجوناثان سويفت.
دارت قصص أندرسن في ثلاثة نطاقات أساسية: الأولى وهي القصص الشعبية مثل: صندوق الطوفان؛ كلاوس الصغير وكلاوس الكبير؛ صديق السفر. والثانية وهي القصص المبنية على حياته الشخصية مثل: البطة القبيحة؛ صالحة للاشيء. والثالثة وهي القصص التي تدور حول الدنمارك مثل: تروي رياح فالديمار واي وبناته؛ هوغلر دانسك. والرابعة هي القصص التي تسخر من الأخطاء البشرية مثل: ثياب الإمبراطور الجديدة؛ الرقع وأخيرًا القصص الفلسفية مثل: قصة أم؛ الظل.
وُلد أندرسن في مدينة أوثنس في الدنمارك في الثاني من نيسان/أبريل 1805، كان ابن صانع أحذية فقير توفي بينما لم يبلغ ولده من العمر 11 عامًا.
وبعد أن أتم تعليمه في مدرسة الأطفال الفقراء، انتقل إلى كوبنهاغن بحثًا عن لقمة العيش، لكنّه كاد أن يموت جوعًا، نتيجة للظروف القاسية التي عانى منها خلال بحثه عن فُرصة عملٍ سواء كفنان أو مغنٍ أو راقص. وهناك التقى بصديق عمره جوناس كولن الذي ساعده في الحصول على منحة دراسية ملكية سمحت له بمتابعة تعليمه في الفترة: 1822 حتى 1828.
كانت قصته الأولى (رحلة من قناة هولمان إلى النقطة الشرقية في أماجر)، سببًا في جذب الأنظار إليه. وذلك قبل أن يخرج مسرحيته الأولى (حب في برج كنيسة القديس نيقولاي). ونشر أول مجموعة من قصصه الخيالية عام 1835 واستمر في كتابة القصص الخيالية حتى وفاته. كما ظهرت هذه القصص الأولى على صورة كُتيباتٍ مجمعة، وقد نالت شهرةً واسعةً جعلت منه كاتبًا مشهورًا في أوروبا. وأصبح صديقًا للعديد من الفنانين والكُتّاب المعروفين مثل: فرانز ليست وهاينرش هايني وتشارلز ديكنز وفيكتور هوغو. كتب أندرسن في أدب الرحلات كما دون سيرته الذاتية في كتاب بعنوان (القصة الخرافية لحياتي).
يقول الكاتب محمد رضوان: «تظهر بعض قصص أندرسِن الاعتقاد المتفائل بأن الخير سينتصر على الشر في نهاية الأمر كما في حكاية «ملكة الثلج» The Snow Queen، لكن بعضها الآخر تغلب عليه المسحة التشاؤمية، ولعل هذه المسحة التشاؤمية تعكس معاناة الكاتب وتجاربه الشخصية المرة. لقد كان أندرسِن مبدعًا في طريقة قصّ حكاياه، فاستعمل تعابير اللغة المحكية وتراكيبها ومصطلحاتها، وقد امتزجت في هذه اللغة عناصر من الأسطورة الشعبية القديمة والتجارب الشخصية. هذا الأسلوب البسيط المبدع ما يزال يجذب القرّاء صغارًا وكبارًا في جميع أنحاء العالم».
وتقديرًا للمكانة الكبيرة التي نالها هانس كريستيان أندرسن، خصص المجلس الدولي لكتب الأطفال جائزة باسمه تُمنح للمؤلفين ورسامي كتب الأطفال.
150 عامًا على رحيل هانس كريستيان أندرسن صانع خيال الطفولة

بتاريخ : 11/08/2025