16شتنبر 1992 – 16شتبر2022 : 30سنة مرت على رحيل الجوهرة السوداء العربي بنمبارك

 

حلت أمس الجمعة 16شتنبر الحالي، الذكرى 30 لرحيل أحد فطاحلة ورموز الكرة المغربية والعالمية، وأحد النجوم التاريخيين، العربي بنمبارك، الذي استحق حمل لقب الأسطورة، الجوهرة السوداء وسفير المغرب بأوروبا…
ولد العربي بن مبارك بمدينة الدار البيضاء، وفي سن مبكرة شرع في مداعبة الكرة بالساحات العمومية، والتي هيمنت على اهتماماته حيث أصبح مهووسا بها حتى الجنون، وظهرت موهبته وتميزه بين أقرانه، فاكتسب المعرفة الكروية، لتتسلط عليه الأضواء، وتتجه إليه الأنظار، فبدأ التهافت عليه، مثيرا انتباه العارفين بفضل لمساته الفنية، لينضم لمجموعة أندية بيضاوية من بينها، الاتحاد الرياضي المغربي(U S M)، حيث أبان عن إمكانيات كبيرة، وظهر بأنه سيكون له شأن كروي كبير.
نجوميته أهلته لدخول عالم الاحتراف، فكانت البداية بنادي مارسيليا الفرنسي سنة 1937، ويكون بذلك أول محترف مغربي عربي، وهناك فرض ذاته كمدافع ليغير المركز ويتحول إلى مهاجم ،حيث اكتشف أنه يلائمه، فكانت البداية الرسمية مع هذا النادي سنة1938، حيث تألق ولمع نجمه، ونال إعجاب وتقدير المسؤولين والجمهور، كما لعب للمنتخب الفرنسي، وتألق معه بدوره.
ومع بداية الحرب العالمية الثانية، عاد إلى المغرب، حيث لعب من جديد بنادي الإتحاد الرياضي المغربي، وبعد نهاية الحرب، عاد إلى  فرنسا وحط الرحال بنادي سطاد الفرنسي، مواصلا  لعبه للمنتخب الفرنسي ، وسجل به حضورا قويا، حيث أطلق عليه الفرنسيون لقب الجوهرة السوداء. ونظرا لإعجاب الإسبانيين به انتقل سنة 1948 إلى نادي أتليتكو  مدريد، الذي عاش معه عصرا زاهرا محققا معه العديد من الألقاب. وهناك  كان الاسبان بدورهم ينادونه بالجوهرة السوداء  (la perla negra )، كما لقبوه بمصارع  الثيران، ظل هناك 5 سنوات، ليعود بعدها إلى نادي مارسيليا، الذي يدافع عن ألوانه حتى سنة 1954، وحقق معه نتائج جيدة بالبطولة الفرنسية، لتكون  الوجهة بعدها صوب نادي بلعباس الجزائري الذي لعب له موسمين.
وبعد حصول المغرب على الاستقلال، عاد إلى  أرض الوطن، وقال المغفور له الملك  محمد الخامس: «نحن محتاجون إليك»، وكان أول من فكر في بنمبارك. ومع فجر الاستقلال أشرف على  تدريب الفريق الوطني، وقاده بدورة الألعاب العربية ببيروت سنة 1957، وكان بذلك أول مدرب بعد الاستقلال، كما لعب لفريق الفتح الرباطي ثم دربه، واحتل الصف الثاني في ترتيب هدافي بطولة 1957 – 56، بعدما أحرز 17 هدفا وراء كريمو لاعب  الكوكب المراكشي، كما درب عدة أندية مغربية على غرار الرجاء الرياضي، نجم الشباب، نهضة سطات، الذي فاز معه ببطولة  موسم 1971 – 70.
إلى جانب الرياضة، كان بنمبارك وطنيا مقاوما، وكانت له علاقات وطيدة مع المقاومين، ومن بين ما قام به، تهريب مسدس داخل فاكهة، وتسليمه لأحد  الفدائيين.
وكان  يمتاز بالسلوك القويم وعزة النفس والكرامة، رغم الظروف المحيطة به، متدينا  محافظا على الصلوات، لم يغير دينه، ولا جنسيته ولا وطن، وظل متشبثا بهويته، ولم يتخل عن الجبة والطربوش المغربيين.
قال عنه صديقه، الملاكم العالمي الشهير  مارسيل سيردان: «بنمبارك لم يكن فقط قائد  أوركسترا، بل هو الأوركسترا نفسها … لقد كان يمثل لوحده فريقا متكاملا».
في إحدى المناسبات ، أهداه النجم العالمي، البرازيلي، بيله قميصا يحمل رقم 10 وميدالية ذهبية بالدار البيضاء، كما قال له مرة، مادمت حيا فأنت هو ملك كرة القدم. وقال عنه أحد أصدقاءه، بموت بنمبارك، مات جيل بكامله.
وبعد هدا المسار الزاخر بالمجد الكروي والعطاء والنجومية  والنبوغ و العبقرية، أسلم العربي بنمبارك الروح لباريها يوم  16 شتنبر  1992، عن سن 75.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.


الكاتب : أورارى علي

  

بتاريخ : 17/09/2022