2024: خاص بأهم الأحداث العالمية

عودة ترامب

 

في 5 نونبر الماضي، وبعد أربع سنوات من مغادرته البيت الأبيض، عاد دونالد ترامب إلى الساحة السياسية بقوة، متوجا رئيسا للولايات المتحدة بصفته الرئيس الـ47
ومرة أخرى، عاكس ترامب مختلف التقديرات واستطلاعات الرأي التي تحدثت عن سباق جد متقارب مع منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، بحصوله على أصوات 312 من كبار الناخبين، مقابل 226 لمنافسته، و77.2 مليون صوت (74.9 مليون لصالح هاريس)، حيث تمكن ترامب من الظفر بأكبر عدد من الأصوات الشعبية في صفوف جميع المرشحين الرئاسيين الجمهوريين.
هذا الزخم الذي حققه ترامب ساهم أيضا في فوز الجمهوريين بمجلسي الكونغرس الأمريكي، في مؤشر على الحرية التي سيتمتع بها الرئيس المقبل من أجل تنفيذ سياساته.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وحتى قبل تسلمه الرئاسة رسميا في 20 يناير 2025، أرخت بظلالها على الساحة الدولية، وأشرت على تغييرات عديدة مقبل عليها العالم، بين التفاؤل والحذر، حيث يظل الترقب سيد الموقف.

 

استمرار الحرب
الروسية – الأوكرانية

 

في عام 2024، تواصلت الحرب الروسية الأوكرانية   حيث شهدت الأشهر الأخيرة تطورات بارزة على الصعيدين العسكري والاقتصادي.
وحسب كييف فإن الهجمات الروسية على الموانئ الأوكرانية منذ يوليو 2023 دمرت 321 من مرافق البنية التحتية، وألحقت أضرارًا بحوالي 20 سفينة تجارية لدول أخرى. وأشار إلى أن صادرات الغذاء الأوكرانية تؤمن غذاء لحوالي 400 مليون شخص في 100 دولة حول العالم، مما يؤثر على أسعار الأغذية في بلدان عدة.
وفي نونبر 2024، أفاد سلاح الجو الأوكراني بأن روسيا أطلقت صاروخا باليستيا عابرا للقارات من منطقة أستراخان، وهو الهجوم الأول من هذا النوع خلال الحرب المستمرة. استهدف الهجوم بنية تحتية حيوية في مدينة دنيبرو، وسط تسارع الأحداث في الصراع الذي دام 33 شهرا.
مقابل ذلك،  أعلن الكرملين عن سيطرة القوات الروسية على قريتي ماكاريفكا وخريخوريفكا في منطقة دونيتسك الأوكرانية. تُعد هذه الخطوة جزءا من تعزيز روسيا لمكاسبها في المناطق الشرقية لأوكرانيا، فيما حذرت موسكو من أن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أمريكية بعيدة المدى لضرب عمق روسيا قد يؤدي إلى تصعيد النزاع واحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة.
ومقابل هذا التصعيد يسود أمل في أن يتمكن الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، من تقريب وجهة النظر بين الطرفين، لإنهاء المواجهة العسكرية، كما وعد في حملته الانتخابية، لكن بحذر شديد، بسبب تعقد الوضع ومواقف كل طرف على حدة.

 

عدوان على لبنان واستهداف قادة حزب الله

مع تصاعد العدوان على غزة، شهدت الأشهر الأخيرة تصعيدا غير مسبوق بين إسرائيل وحزب لله، تخللته سلسلة من الأحداث الدامية التي أسفرت عن مئات القتلى وآلاف الجرحى، وأحدثت تداعيات سياسية وعسكرية كبيرة في المنطقة.
ففي 24 غشت، قامت إسرائيل بسلسلة من الهجمات على مواقع وأهداف حزب لله في جنوب لبنان، وفي هذا الإطار، استهدفت إسرائيل 37 شخصا وأُصيب أكثر من 3,200 آخرين جراء انفجارات أجهزة نداء يستخدمها عناصر من حزب الله في لبنان وسوريا. وتصاعدت المواجهات في 20 شتنبر، حيث قامت إسرائيل بتنفيذ إسرائيل عملية اغتيال استهدفت زعيم حزب لله إبراهيم عقيل وعشرة من كبار قادة الحزب في بيروت. جاء ذلك بعد سلسلة اشتباكات عنيفة أعقبت انفجارات أجهزة النداء.
وفي 23 شتنبر، شهد لبنان يوما مأساويا هو الأكثر دموية في تاريخ الصراع بين إسرائيل وحزب لله، حيث سقط 569 شخصا وأُصيب 1835 آخرون في هجمات إسرائيلية مكثفة على مواقع في لبنان. وبلغ التصعيد ذروته في 27 شتنبر، عندما أعلنت القوات الجوية الإسرائيلية عن تنفيذ عملية اغتيال استهدفت الأمين العام لحزب لله حسن نصر لله في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت ، وردا على اغتيال نصر لله نفذت إيران هجوما صاروخيا موسعًا على إسرائيل، أطلقت عليه اسم «عملية الوعد الصادق 2»، مستخدمة أكثر من 250 صاروخا في 1 أكتوبر، وبعد يومين استهدفت غارة إسرائيلية الضاحية الجنوبية لبيروت، مما أدى إلى مقتل هاشم صفي الدين، الرجل الثاني في حزب لله وخليفة حسن نصر لله.
وبعد أسابيع من التصعيد تم التوصل إلى اتفاق تهدئة بوساطة دولية يهدف إلى احتواء الصراع ومنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة.

 

غزة: عام كامل من الحرب والتقتيل

عام كامل ظلت خلاله غزة تحت القصف، التقتيل والخراب. عام كامل وسكان القطاع يئنون تحت وابل من القنابل والصواريخ، منذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع، قبل نحو شهرين من انقضاء العام الماضي. وفي آخر حصيلة معلنة لهذا العدوان غير المسبوق، سقط 45484 شهيدا و108090 إصابة .
لم تفلح كل التدخلات والضغوط والإدانات في وقف نتنياهو وحكومة الحرب التي يرأسها في ثنيه عن وقف العدوان لتستمر المعاناة، وتتواصل المجازر، في تراجيديا غير مسبوقة، ويسقط الشهداء تباعا، أطفال، نساء وشيوخ، يشيعون إلى مثواهم الأخير وآلاف آخرين ما يزالون تحت الأنقاض، وكأن قدر الغزاويين أن يفروا من الموت …إلى الموت.
عام كامل من الحصار والتجويع، دمرت فيه البيوت، المدارس (تدمير 239 مدرسة حكومية في قطاع غزة، منها 45 مدرسة دمرت بالكامل، بالإضافة إلى الاعتداء على 50 مدرسة تابعة لـ»الأونروا») والمستشفيات (دمر 32 مستشفى، واستشهد 986 من الكوادر الصحية وأصيب المئات)، كما تعطلت كل الخدمات، فلا طعام ولا ماء ولا كهرباء، ولم تعد غزة إلا مقبرة كبيرة وسجنا مفتوحا على الفناء.

 

الاحتباس الحراري يهدد العالم

شهد العالم سنة 2024 سلسلة من الكوارث الطبيعية ذهب ضحيتها الآلاف، وأثرت على حياة الملايين من الناس في مختلف أنحاء المعمور. وهكذا شهدت العديد من المناطق زلازل، فيضانات وحرائق وموجات جفاف، مما ينذر بمستقبل أسود بسبب تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري
وتعرضت العديد من البلدان الأوروبية، مثل إسبانيا ألمانيا وبلجيكا، لفيضانات مفاجئة نتيجة لأمطار غزيرة استمرت لفترات طويلة. هذه الفيضانات دمرت العديد من المنازل والبنية التحتية، مما أدى إلى خسائر مادية فادحة.
وفي جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الهند وبنغلاديش، أدت الأمطار الغزيرة إلى فيضانات مدمرة في العديد من الأجزاء السكنية والزراعية. كما كانت الفيضانات في مناطق أخرى من العالم سببا في دمار الأراضي الزراعية، مما أثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي في بعض الدول.
وشهدت بعض الدول في أفريقيا والشرق الأوسط درجات حرارة غير مسبوقة، مما أدى إلى نقص حاد في المياه وزيادة الضغط على الموارد المائية. كما شهدت المناطق الزراعية في هذه الدول انخفاضا كبيرا في الإنتاج الزراعي، مما أدى إلى تفاقم أزمة الجوع والمجاعة.
من جانب آخر، عانت بعض الدول في أمريكا الشمالية من جفاف طويل الأمد أثر على توفير المياه للطاقة والزراعة، كما أن الحرائق الغابات التي كانت تصاحب الجفاف في بعض الأحيان ساهمت في تعميق الأزمة.
ويرى العلماء أن العديد من هذه الكوارث مرتبطة بشكل وثيق بتغيرات المناخ. وأن هذه التغييرات ستؤدي إلى المزيد من الظواهر الجوية الأضرار الناجمة عنها.

 

سقوط الأسد

 

بعد حكم استمر 24 سنة، وحوالي 54 سنة من حكم عائلة الأسد، انهار النظام السوري بشكل سريع وغير متوقع.
ففي 27 نونبر 2024، شنت الفصائل السورية المسلحة والمعارضة للنظام، عملية عسكرية باسم «ردع العدوان»، التي أسفرت عن إسقاط النظام .
وهكذا وبعد يومين من انطلاق العملية،، دخلت فصائل المعارضة مدينة حلب واستولت عليها بالكامل، لتواصل الزحف نحو مدينة حماة بين 30 نونبر و 5 دجنبرر، ومن ثم مدينة حمص بين 6 إلى 8 دجنبر، ضمن الحملة العسكرية ذاتها. هذه الانتصارات الكبرى ساهمت في تغيير مجرى الحرب لصالح المعارضة السورية بعد سنوات من الصراع المدمر.
وفي 8 دجنبر، دخلت الفصائل المسلحة العاصمة دمشق، معلنة نهاية لعهد بشار الأسد وسقوط نظام آل الأسد الذي حكم سوريا منذ انقلاب 1970 الذي نفذه حافظ الأسد. وفي خطوة مفاجئة، فر بشار الأسد مع عائلته إلى روسيا، حيث قدموا طلب لجوء إنساني، كما أعلنت موسكو. بالموازاة مع ذلك، استغلت إسرائيل الفرصة، وأعلنت عن إطلاق عملية عسكرية لاحتلال المنطقة العازلة في محافظة القنيطرة السورية، مستهدفة تدمير القدرات الاستراتيجية للقوات المسلحة السورية.
كما قامت إسرائيل بشن عشرات الضربات الجوية على مواقع القوات السورية، مما زاد من تعقيد الوضع العسكري في المنطقة.
ويظل مستقبل سوريا موضع ترقب، بسبب الحرب المدمرة التي شهدتها مدة 24 سنة، وانهيار البنية التحتية، وشلل الاقتصاد، والجراح العميقة التي تنخر جسد المجتمع، في الوقت الذي يخشى مزيد من التدخل الخارجي في شؤون البلاد، مع استمرار النزاع في المنطقة ككل.


بتاريخ : 31/12/2024