22 أكتوبر 1937 –  22 أكتوبر 2020..  مرور 83 سنة على انتفاضة الخميسات ضد السياسة  الاستعمارية

ما أكثر المعارك التي خاضها  أبناء الخميسات وزمور عامة،  ضد الاستعمار الفرنسي حتى قبل تغلغل هذا اﻷخير في الأراضي المغربية، كما باقي المناطق اﻷخرى، ومن بين هذه المعارك ملحمة 22 أكتوبر 1937  التي  تحل اليوم ذكراها 83 ، هذه المعركة خاضها أبناء زمور كصيغة رفض للسياسة التي نهجها المستعمر في إحدى  القبائل الخاضعة آنذاك للعرف.  اندلاع اﻷحداث  باﻷساس  كان وراءه المراقب الفرنسي المدعو بوسي الذي كان يكن العداء الكبير للإسلام وللمغاربة، فقد كان يرعى حركة التبشير وتركيز نفوذ الكنيسة في قبائل  زمور،  وقام بمنع طلبة ومعلمي الكتاتيب القرآنية فيها من إقامة مهرجانهم القرآني  السنوي، في نفس الوقت سمح للكاتوليك الفرنسيين، قبل ذلك بقليل ، بتنظيم  حج لهم في كنيسة القديسة تيريزا بمدينة الخميسات،  هذه التظاهرة كانت بمثابة تحد لشعور المسلمين المغاربة عامة وزمور خاصة. ومن المعلوم أن اﻹستعمار كان يعتبر الخميسات أحد أكبر المراكز التي كان يهتم بها لتشجيع الحركة التبشيرية مناوئا بذلك الإسلام وشريعته وكتابه حتى يسهل مهمة الغزو المسيحي بالمنطقة.
وهكذا اندلعت اﻷحداث مباشرة بعد الصلاة  بمسجد الخميسات، حيث خرج المصلون في مسيرة حاشدة والتي التحقت بها أعداد كبيرة من المتظاهرين، وكان من بين المشاركين أربعة طلبة من أبناء  الخميسات يدرسون بالقرويين قدموا من فاس، والذين خطبوا في المسجد ضد «السياسة البربرية»، مطالبين بتطبيق  الشرع اﻹسلامي بدل العرف السائد،  وكان أحد هؤلاء  الطلبة يحمل راية كتب عليها «نريد الشريعة،  يحيى اﻹسلام،  يحيى الملك،  يحيى المغرب والحرية»،  واتجه المتظاهرون نحو إدارة  المراقبة المدنية،  وتدخلت القوات العمومية   ووقع اصطدام واشتباكات وتم إطلاق  النار واجهه المتظاهرون بالرشق بالحجارة والسلاح اﻷبيض،  مواجهات خلفت جرحى في صفوف الطرفين  كما سقط بعض الشهداء، وتم إلقاء القبض على العديد من المشاركين في هذه الانتفاضة، كما تم إصدارأحكام بالسجن. وتحسبا لردود فعل السجناء أثناء الليل  ، قامت السلطات الفرنسية بنقلهم  إلى الرباط  تحت الحراسة،  ونظرا لجسامة الحدث ومخلفاته، حل المقيم العام الفرنسي «نوكيس» في اليوم الموالي بالخميسات قصد العمل على تهدئة اﻷوضاع، كما عاين  الجرحى  والتقى بقائد البلدة والمراقب المدني وعقد لقاء بشأن أحداث اليوم السابق.
آثار هذه اﻷحداث تجاوزت المغرب إلى البلدان المغاربية، وهو ما نستنتجه من خطاب الرئيس  التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، الذي ألقاه في حفل تأبين الزعيم  علال الفاسي ومن ضمن ماجاء فيه… «وأود أن أسهم في أربعينية الفقيد بالتذكير بفترتين من نضاله تأكدت  فيهما  الصلة بيني وبينه،  أما الفترة اﻷولى فتعود إلى سنة 1937،  تلك السنة التي كانت حافلة باﻷحداث  والبطولات في كل مدن تونس والمغرب،  أشير إلى وقائع شهر أكتوبر 1937 وبخاصة منها أحداث  الخميسات التي  تسببت في موجة من القمع اجتاحت آنذاك المدن واﻷرياف في هذه الربوع،  وأسفرت عن إيقاف  ثلة من الزعماء في طليعتهم علال الفاسي…».
وهكذا برهنت أحداث الخميسات على تمسك زمور، كغيرها من المناطق المغربية، باﻹسلام وشريعته ومساهمتها الفعالة في مقاومة السياسة اﻹستعمارية الرامية إلى عزل أبناء المنطقة عن الهوية المغربية واقتلاعهم من جذورهم التي  لا يرتضون عنها بديلا.


الكاتب : أورارى علي

  

بتاريخ : 22/10/2020