كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في تصريح لوسائل الإعلام عقب اجتماع ترأسه رئيس الحكومة يوم الثلاثاء، عن معطيات صادمة بخصوص ظاهرة الهدر المدرسي، إذ أشار إلى أن حوالي 280 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا، من بينهم 160 ألف تلميذ ينقطعون خلال المرحلة الإعدادية وحدها.
وأكد الوزير أن الوزارة تسعى جاهدة إلى خفض هذا الرقم بنسبة 50% في أفق سنة 2026، وذلك من خلال توجيه عشرات الآلاف من التلاميذ المعرضين لخطر الانقطاع إلى برامج «مدارس الفرصة الثانية»، في محاولة لإنقاذهم من مغادرة المنظومة التربوية بشكل نهائي.
الأرقام التي أوردها الوزير الوصي على القطاع تثير الكثير من القلق والتساؤلات حول واقع المنظومة التربوية ببلادنا الذي يغوص بالإضافة إلى مشكلة الهدر المدرسي في مشاكل كثيرة أبرزها تزايد حالات العنف المدرسي الموجه للأساتذة أو للتلاميذ أنفسهم.
وفي هذا الصدد اعترف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في جلسة بمجلس النواب، يوم الاثنين الماضي، بأن حالات العنف في المدارس المغربية قد تزايدت في الآونة الأخيرة، مما يطرح أسئلة جوهرية حول أسباب هذا التوتر داخل فضاء يفترض فيه أن يكون مهيئا للتربية والتكوين موردا إجراءات تتجلى في الأنشطة الموازية كالمسرح والسينما والرياضة، وتفعيل خلايا اليقظة داخل مؤسسات الريادة، وتتبع الحالات النفسية والاجتماعية للتلاميذ، وتوجيههم نحو الدعم النفسي عند الحاجة، كما تحدث أيضا عن اعتماد كاميرات مراقبة ذكية قادرة على كشف حالات العنف وتنبيه الإدارة تلقائيا، إلى جانب التعاون مع المصالح الأمنية لتأمين محيط المؤسسات .
الحلول التي قدمها الوزير، سواء في ما يتعلق بالهدر المدرسي أو العنف، رغم ما تتسم به من نجاعة على الأوراق، إلا أن تنفيذها يواجه العديد من التحديات، منها ضعف الثقة في المدرسة العمومية، فالفوارق الصارخة بين التعليم العمومي والخصوصي، وتراجع جودة التكوين، وضعف البنيات، تجعل الأسر، خاصة في المناطق المهمشة، ترى في التعليم عبئا أكثر من كونه فرصة لتغيير حالتهم الاجتماعية نحو الأفضل، ناهيك عن غياب توجيه تربوي فعال، دون نسيان هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وغياب الدعم النفسي الحقيقي داخل المؤسسات، مما يضع هذه الجهود في مواجهة مباشرة مع صخرة الواقع المر، فكيف يمكن مواجهة العنف المدرسي بالكاميرات في ظل واقع مدرسي منفر للتلميذ، لا يجذب المتمدرس، ولا ينسج علاقات طبيعية داخله، واقع تتخلله المشاحنات المتعددة سواء بين التلاميذ بعضهم البعض أو بين التلميذ والأساتذة، وصلت في بعض الأحيان إلى القتل أو التسبب في عاهات مستديمة، ووقوف التلاميذ والأساتذة أمام المحاكم وأقسام الشرطة، وهو ما يؤشر على الفشل في إنشاء مدرسة آمنة وعادلة وجاذبة، وإصلاح جوهر العلاقة بين التلميذ والمدرسة. فما يجب التعويل عليه هو ثورة تربوية حقيقية تسهم في إرجاع الدور الأخلاقي والتربوي إلى المدرسة العمومية، وإعادة ثقة المغاربة في تعليم عمومي ناجع، ورغم المجهودات التي تحاول الوزارة بذلها للوقوف في وجه هذه المشاكل بحلول تقنية وبرامج دعم، إلا أن الأسباب الحقيقية لهذه الأعطاب التي تغرق المنظومة التعليمية والاجتماعية أعمق من اختزالها في إجراءات آنية تغض الطرف عن الجذور الفعلية لهذه الأعطاب.
280 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا .. أرقام صادمة تكشف عمق أزمة المدرسة المغربية

الكاتب : خديجة مشتري
بتاريخ : 01/05/2025