* غياب آليات فعالة لتجديد النخب وإدماج الشباب في المؤسسات المنتخبة
* محدودية المقتضيات الداعمة للمناصفة وتعزيز المشاركة النسائية
* الحاجة إلى ضمانات أقوى لتخليق الحياة السياسية وتمويل الحملات الانتخابية
مرر مجلس المستشارين بالأغلبية، أول أمس الثلاثاء، مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، في جلسة تشريعية حضرها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت. وبينما نال كل من مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بمجلس النواب، ومشروع 54.25 الخاص بالأحزاب السياسية، ومشروع 55.25 المرتبط باللوائح الانتخابية وعمليات الاستفتاء واستعمال الإعلام العمومي في الحملات، تأييد 48 مستشارا دون تسجيل معارضة تذكر، شكل امتناع الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية الاستثناء السياسي الأبرز خلال التصويت.
وجاء هذا الموقف عبر مداخلة لإسماعيل العالوي، عضو الفريق الاشتراكي، المعارضة الاتحادية، الذي عرض أمام الجلسة مبررات الامتناع، موضحا أن القرار لا يعكس رفضا لمسار الإصلاح، بل تعبيرا عن عدم الاقتناع بمستوى التجويد الذي كان ينتظره الفريق من هذه النصوص. وشدد العالوي على أن المنظومة الانتخابية، باعتبارها إحدى البوابات الأساسية لبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، تحتاج إلى رؤية أكثر عمقا تضمن شروط الشفافية والنزاهة، وتؤسس لتنافس سياسي يرتكز على الكفاءة لا على الولاءات.
وأشار المستشار الاتحادي إلى أن البلاد مقبلة على استحقاقات 2026 في ظرفية دقيقة تتطلب نصوصا تقدم ضمانات أوضح بشأن تخليق الحياة السياسية، سواء في ما يتعلق بتمويل الحملات أو بتكافؤ الفرص أو بتحصين العملية الانتخابية في كافة مراحلها. واعتبر أن الصيغة الحالية، رغم أهميتها، لم تبلغ مستوى الطموح المنشود في تفعيل مضامين دستور 2011 المرتبطة بالديمقراطية التشاركية والفعالية والمساءلة.
وفي تفسير أوسع لموقف الفريق، شدد العالوي على أن تجديد النخب يظل رهانا مركزيا لم يعالج بالعمق الكافي، وأن إشراك الشباب ينبغي أن يتجاوز المقاربة الرمزية نحو إدماج فعلي يتيح بروز كفاءات جديدة داخل المؤسسات المنتخبة. كما دعا إلى تعزيز دور الأحزاب باعتبارها فضاء للتكوين السياسي ورافعة لمحاربة الشعبوية والارتجال.
وفي ما يتعلق بتمثيلية النساء، أكد عضو الفريق أن تنزيل مبدأ المناصفة يحتاج إلى خطوات أكثر جرأة حتى يرقى إلى مستوى الخطاب الدستوري والمجتمعي الداعي إلى المساواة، مشيرا إلى أن تقوية الحضور النسائي داخل المؤسسات يجب أن يستند إلى قناعة سياسية حقيقية لا إلى توازنات ظرفية.
وبينما ثمن العالوي المقاربة التشاورية التي صاحبت إعداد مشاريع القوانين، اعتبر أن الرهان يتجاوز التعديلات التقنية نحو بناء منظومة انتخابية تعزز الثقة في المؤسسات وترفع جودة المنافسة السياسية. وأبرز أن الامتناع عن التصويت يعكس قناعة الفريق بأن الإصلاح الحقيقي لا يقاس بعدد التغييرات، بل بمدى قدرتها على مواكبة انتظارات المجتمع.
واختتم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية موقفه بالتأكيد على استعداده الدائم للانخراط في كل المبادرات الرامية إلى تطوير الممارسة الديمقراطية، معتبرا أن القوانين المصادق عليها تمثل خطوة ضمن مسار أطول نحو بناء منظومة انتخابية أكثر تحديثا وعمقا، تضع المواطن في صلب الاختيار وتضمن منافسة سياسية نزيهة تعكس بنزاهة الإرادة الشعبية.

