فعاليات المؤتمر السابع لاتحاد كتاب المغرب
أسئلة طرحتها الافتتاحية في الثمانينات لا تزال تملك اليوم راهنيتها
شكلت مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب، منذ تأسيسه، حيزا هاما من انشغالات الملحق الثقافي في الثمانينات “المحرر الثقافي”، باعتبارها جزءا من انشغالات ” ملحق المحرر” بأسئلة الواقع الثقافي، وما يطرحه من إشكالات وقضايا فكرية لا تنفصل عن قضايا المغرب العامة.
وبالعودة الى أرشيف “المحرر الثقافي”، تتبدى هذه المتابعة لمسار اتحاد كتاب المغرب وديناميته وخاصة مؤتمراته التي كانت تطرح أنذاك مشاريع ثقافية طليعية تسعى الى بناء أرضية ثقافية تؤسس لاختيارات تسند النضال المجتمعي بكافة واجهاته.
هكذا نقرأ في افتتاحية “المحرر الثقافي” ليوم الاحد 12 أبريل 1981، تحليلا ومتابعة لأشغال المؤتمر السابع لاتحاد كتاب المغرب، الذي انعقد يوم السبت 11 أبريل 1981 بالدار البيضاء، وهي الافتتاحية التي تناولت جملة من القضايا المطروحة على المؤتمر آنذاك، والمنتظر منه تقديم تصوره وبدائله لمعالجتها، وأولها مراجعة مفهوم الثقافة ذاته، وتنوع مصادرها بين الكتابي والشفاهي وما يطرحه تداخل أنماط التفكير والأزمنة من إشكالات وأسئلة على المتابع والدارس للوضع الثقافي في بلادنا. .
الافتتاحية اعتبرت أن عقد المؤتمر السابع لاتحاد كتاب المغرب “حدث ثقافي يشرع الباب للمساءلة حول عدة قضايا تهم الواقع الثقافي بالمغرب مثلما تهم واقع اتحاد كتاب المغرب نفسه.
وبالنسبة لـ”المحرر الثقافي«” الذي شكل واحدا من المنابر الثقافية ببلادنا، فإن الوضعية الثقافية بالمغرب، كما جاء في الافتتاحية” لا يمكن أن ينظر إليها خارج إطار المجتمع، بما يزخر به من صراع موضوعي، وتداخل بين أنماط التفكير، وأزمنة الثقافة. ويكفي الوقوف عند الأعمال التي نشرت مؤخرا لكي يتبين المتابع، أن تنوع الرؤى، وتباين المناهج، واختلاف أساليب المعالجة والتعبير، يستند الى مرتكزات اجتماعية في الوقت ذاته الذي يتبطن أسسا ثقافية، بمعنى أن التنوع والاختلاف والتباين لا يتكئ على خلفية ثقافية وحدها، بل قد يكون اتكاؤه بالأساس ، على الخلفية الاجتماعية التى تتميز بشيء من التعددية متمثلة في استمرار وجود بقايا الفيودالية، متعايشة مع شرائح البورز جوازية، وبإزائهما في الطرف الآخر فئات البروليتاريا. فهذه التعددية الاجتماعية إن صح التعبير، منعكسة في الواقع الثقافي المغربي”.
وإلى جانب هذه التعددية في الخلفيات الاجتماعية، ركزت الافتتاحية على أن القضية الأهم المطروحة على المؤتمر “تتعدى نتائج ملامسة أولية من هذا النوع، ذلك أن الواقع الثقافي القائم لا يعرف تداخل الأزمنة والأنماط وحده، بل أخذ يقدم ظواهر تحث على مراجعة مفهوم الثقافة ذاته. فهل يحق لدارس الوضع الثقافي في بلادنا أن يقف عند المكتوب ، أم هو مطالب بالإلمام بالمتداول على الألسنة. حيثما بوشرت المشافهة عوض الكتابة؟”
وفي مضمار المساءلة النقدية التي ظل “المحرر الثقافي” حريصا على إثارتها من أجل تجويد الممارسة الثقافية ببلادنا، لفتت الافتتاحية الى أن برامج الأحزاب السياسية باختياراتها لأنواع المجتمع المراد إقامته، وطبيعة العلاقات المعمول على بلورتها في الحياة، قد تشكل مادة تمكن الدارس من التفكير في المشروع الثقافي الذي يتطلع هذا الطرف أو ذاك لإنجازه، رغم أن المؤتمر، ليس في مقدوره أن يوفر مجمل الشروط لتعميق التفكير والنقاش في المسائل التي هي من قبيل المشار إليها أعلاه، لكن هل يحق له أن يوصد أمام صداها جميع الأبواب؟”
إن مسألة المشروع الثقافي المتكامل الذي يتجاوز مناقشة المشاغل الخاصة بالمجال الثقافي إلى التأسيس لمشروع يعالج القضايا الكبرى التي تطرح على الثقافة في مراحل تاريخية معينة من سيرورة المجتمع، طرحتها افتتاحية “المحرر الثقافي” في الثمانينات خلال انعقاد المؤتمر السابع للاتحاد واعتبرتها أنذاك” قضية مهمة، لكن إثارتها تجعل المرء وجها لوجه مع اتحاد الكتاب نفسه. فهذا الأخير لا يستوعب جميع المبدعين، وفي شتى فروع الكتابة والفكر والابداع. وهو مع عدم استيعابه للطاقات المتواجدة والمشاركة في صنع المشروع الثقافي، لم يتمكن بعد من بلورة علاقات موضوعية متميزة بين مختلف أعضائه، ولا علاقات دينامية بين مستويات هيكله التنظيمي؟ فمن أين يأتي هذا التباين بين الواقع والممكن في اتحاد الكتاب؟ وهل في وسع الإلحاح على النزعة الإرادية، أن تجعل اتحاد كتاب المغرب يتجاوز سلبياته، التي تنغرس جذورها في الواقع الذي يعيش فيه أعضاؤه؟
أسئلة طرحتها الافتتاحية في الثمانينات لا تزال تملك اليوم راهنيتها وهو ما عبرت عنه بالقول “إن مانروم الوصول إليه من وراء هذه المسألة يبدو واضحا، وهو أن كل طرح لقضية الكتابة والثقافة، يحمل ملامح هويته، وتنوع الهويات مسألة موضوعية طالما أنها ترداد متميز للواقعي في المجتمع والثقافة. وتأسيسا على هذا الاستنتاج، فاتحاد كتاب المغرب محتوم عليه أن يتسع للواقع في ذات الوقت الذي يعمل فيه أعضاؤه كل من موقعه ورؤياه، على الفعل في هذا الواقع”.
إن تغييب هذه الجدلية المنطقية والواقعية من أي مشروع ثقافي يقوده اتحاد كتاب المغرب لا تعني شيئا آخر غير القصور عن رؤية الواقع ذاته.
واعتبارا لانتظاميته عقد مؤتمراته واحترام المساطر القانونية المحتكمة الى قانونه الداخلي، أنهى المؤتمر السابع لاتحاد كتاب المغرب المنعقد بالدار البيضاء أشغاله بعد يومين من العمل المتواصل، وبعد العرضين الأدبي والمالي من طرف المكتب المركزي السابق، واستقالته وتشكيل رئاسة مؤقتةوتكوين لجان أربع انكبت على دراسة المواضيع المطروحة عليها وهي: لجنة البيان العام، لجنة المطالب، لجنة الأوضاع الثقافية، لجنة القضايا القانونية عرضت نتائج أعمالها على الجمع العام الذي ناقشها قبل المصادقة عليها.
وقد أسفرت عملية انتخاب المكتب المركزي الجديد عن اختيار الإخوان الآتية أسماؤهم:
ربيع مبارك – الميلودي شغموم – إدريس الملياني – أحمد لمسيح – محمد برادة – مصطفى المسناوي- إدريس الناقوري.