البيان العام للمؤتمر السابع لاتحاد كتاب المغرب:
الدفاع عن الوحدة الترابية لا يتم إلا في اطار تعبئة شاملة على كل المستويات
1 – الديمقراطية ليست واجهة للاستهلاك الخارجي
رافع اتحاد كتاب المغرب، منذ تأسيسيه،عن أوضاع الكتاب، وعن حرية الرأي والتعبير وعن حرية الكتابة والوضع الاعتباري للكاتب، مما جعل الاتحاد حاملا تنويريا لمثل هذه القضايا، في التحام مع القوى الحاملة للمشروع الحداثي، مؤمنا بأن من واجب المثقفين والكتاب، ومنظمتهم، أن يلعبوا دورا مركزيا في تقوية التوجه الحداثي في البلاد والترافع عن القضايا الوطنية المركزية.
هذا التوجه المنخرط للاتحاد في أسئلة مرحلته والمنصهر مع تطلعات عموم الشعب المغربي ، يبدو جليا من بيان مؤتمره السابع المنعقد بالدار البيضاء يومي 11 و 12 ابريل 1981 الذي جاء فيه ـنه:
التزاما بمواقفه وقراراته المنبثقة عن مؤتمراته السابقة.
ووعيا بمسؤولية الكتاب المغاربة في الدفاع من أجل إقرار ثقافة تمكن الانسان المغربي من إطلاق إمكاناته وقدراته.
ووقوفه إلى جانب كل من ضحايا حرية الفكر والتعبير في بلادنا وفي البلدان العربية والإفريقية، وبقية أقطار العالم.
واعتباره أن الإبداع الثقافي الحقيقي هو الذي يلتحم بتطلعات الجماهير في التحرر والتعبير عن ذاتياته العميقة، والذي لا يمكن أن يتاح في ظل الهيمنة والتبعية والاستلاب بمختلف أشكاله.
يعتبر:
أ – أن التجربة الديمقراطية الحقيقية إنما هي تلك التي تمكن الإنسان من تحرر شامل على كل المستويات. ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
– إن الديمقراطية كل لا يتجزأ ولا يوقت تطبيقه بأغراض الحاكمين ولا بحساباتهم، إذ ينبغي أن تتحقق تحققا شاملا وحاليا.
– إن الديمقراطية الحقيقية لا تكون واجهة للتزيين ولا الاستهلاك الخارجي، بل هي عقد صريح بين المواطنين ومن اختاروهم لتولي المسؤولية.
– يندد المؤتمر بكل لجوء إلى تزييف الإرادة الشعبية ويدين مختلف أشكال التزوير
– يعتبر أن التفاوت والاستغلال الطبقيين، وتهميش الغالبية، وفقدانها أبسط الشروط الضرورية في العلاج والتعليم والشغل والضمان الاجتماعي خرق سافر للديمقراطية الحقة.
يشجب الممارسات التي تنال من الحق النقابي وكل لجوء إلى الطرد الفردي والجماعي للعمال، وكل ضروب الاستغلال التي تتمثل في غياب الضمانات الأساسية للطبقة العاملة. ويطالب باحترام حق الإضراب الذي هو حق مشروع يلجأ إليه العمال كوسيلة للدفاع عن مطالبهم.
يعتبر أن غياب سياسة حقيقية للتعليم وحرمان العديد من المغاربة من هذا الحق، ونسبة الطرد العالية من المدارس وعدم وجود الشغل للمتخرجين واكتظاظ المؤسسات التعليمية، وعدم توفر الشروط الضروريةفي التجهيز والتأطير، واستمرار تعليم نخبوي وعدم احترام حرمة الجامعة وقمع الحركات النقابية والطلابية، كل هذا يمثل الاسباب العميقة لأزمة التعليم في بلادنا والتي لا تجد حلا لها إلا في تعليم ديمقراطي وبإسهام الطلبة والأساتذة في وضع سياسة تعليمية حقيقية.
يعتبر احتكار الرأي الرسمي وسائل الإعلام وأجهزة الثقافة وإبعاد الغالبية من المبدعين و منتجي الثقافة الحقيقية عن وسائل التبليغ العمومية، خرقا سافرا للديمقراطية يمارسه المسؤولون عن هذه الاجهزة بضرب حصار على الإنتاج الثقافي الحقيقي.
يندد بظاهرة الثقافة السياحية التي أصبحت تتعاطاها بعض الفنادق والشركات السياحية وتشجع عليها بعض الجهات الرسمية، والتي تعمل على تشويه الوجه الثقافي لبلادنا، ولا ترى في الانسان المغربي ومحيطه الطبيعي والثقافي سوى موضوع للاستغلال التجاري والتسلية الرخيصة.
2 – الوحدة الوطنية الثابت غير المتحول
إن اتحاد كتاب المغرب لم يعف يوما نفسه من سؤال الديبلوماسية الثقافية، بامتلاكه في عقود سابقة لتصور جدي ومسؤول وأرضية صلبة لديبلوماسية ثقافية تتقاطع فيها المسارات الرسمية مع المسارات المجتمعية والشعبية، وتلتقي في تمنيع الوعي الوطني في ظل الاختراقات الكبرى لدول الجوار الإقليمي والجهوي والقاري، خاصة ما يتعلق بوحدتنا الترابية التي نافح الاتحاد عنها وأكد على التشبث والعمل من أجل الدفاع عنها. وعليه فقد تضمن بيان مؤتمره السابع أنه:
ب – يعتبر المؤتمر أن استرجاع إقليم وادي الذهب الى أرض الوطن ، خطوة إيجابية ولكن استكمال وحدة التراب الوطني لا تتم الا باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية و بقية اجزاء الوطن.
ويندد المؤتمر بكل ما تمارسه السلطات الاسبانية المحتلة ضد المواطنين المغاربة في كل من سبتة ومليلية من أنواع الضغط عليهم وتجريدهم من أوراقهم وطردهم من مساكنهم ومن عملهم وإقفال متاجرهم وإجلائهم بعد تجريدهم من كل ممتلكاتهم ويطالب الحكومة المغربية باتخاذ مواقف حازمة ضد هذه الإجراءات والممارسات القمعية والتدخل لحماية هؤلاء المواطنين.
يحيي المؤتمر بإعجاب وتقدير جيشنا الصامد حامي وحدة التراب الوطني ضد كل الأطماع ويقف إجلالا لتضحياته الكبرى ويترحم على أرواح شهداء الدفاع عن حوزة الوطن.
ويعتبر المؤتمر أن الدفاع عن الوحدة الترابية وتحرير بقية أجزاء الوطن لا يتم إلا بأن يتحمل جميع المواطنين دون ميز أو تفاوت، ما يتطلبه ذلك من تضحية. وأن تحقيق هذا الهدف لا يتم إلا في اطار تعبئة شاملة على كل المستويات، عسكريا ودبلوماسية وإعلاميا، وضمن سياسة اقتصادية تحقق هذا الهدف.
يجدد المؤتمر نداءه الى الاخوان الكتاب والادباء الجزائريين، للعمل من أجل تجاوز الخلافات المفتعلة وإنجاز وحدة المغرب العربي الكبير الذي يظل وحده الاطار الحقيقي لتجنب كل ظروف النزاع والصدام التي لا يدفع ثمنها إلا جماهير بلدان المغرب العربي الكبير.
– يندد المؤتمر بما يتعرض له مواطنونا الذي اضطروا لطلب الشغل بالخارج من ضروب الاستغلال والميز العنصري. كما يدين القوانين والاجراءات التي اتخذت أخيرا للتعجيل بطردهم من مختلف البلدان التي يشتغلون فيها وخاصة منها الاوربية…»
3 – اتحاد كتاب المغرب والديبلوماسية الثقافية
راكم اتحاد كتاب المغرب تاريخا قويا وطويلا من العلاقات مع منظمات الثقافية العربية والأجنبية ، استطاع من خلالها ربط علاقات تأثير وتأثر ثابتة مع القارات، وجعلته في مراحل سابقة من تاريخه يساهم بدور طليعي في تجسير العلاقات بين الكتاب التقدميين في كل الاقطار العربية، ويذوب الخلافات التي يمكن أن تقوض المسار التحرري والحداثي الذي كان يعيش أوج امتداده داخل التنظيمات الثقافية العربية في مقابل الحركات النكوصية التي كان تجاهد في محافظتها، وقد ساهم عبر نهج ديبلوماسية ثقافية واعية برهاناتها وشروطها في محيط إقليمي وجهوي متحول، في الدفاع عن الكتاب وقضايا الكتابة وتأصيل الممارسة الإبداعية خارج الدوائر الرسمية .
اليوم، وبدون الدخول في حيثيات الحالة الراهنة للاتحاد، يمكن القول بأن ما راكمه الاتحاد من تاريخ، مُعرض – في حالة استمر الوضع على ما هو عليه- لحالة جمود وتآكل تفضي إلى غياب مطلق عن الساحة العربية في ظل تجميد وضعية اتحاد كتاب المغرب بأهم الاتحادات العربية: الاتحاد العام للكتاب والادباء بمصر، والاتحاد الكتاب العرب بسوريا.
من صور هذه الدبلوماسية الثقافية الفاعلة للاتحاد، ننشر رسالة الكتاب والفنانين المصريين بتاريخ 3 أبريل 1981 إلى أعضاء مؤتمر اتحاد كتاب المغرب السابع:
«أيها الإخوة يسعدنا أن ننتهز فرصة انعقاد مؤتمركم لنشيد بدوركم في تنمية وتطوير التقارب بين الكتاب. الوطنيين والتقدميين في مشرق الوطن ومغربه، والقيام بدور إيجابي وقيادي في كسر العزلة التي فرضتها القوى الاستعمارية والرجعية على الأشقاء، ومقاومة ألوان الضغوط الرسمية التي تعمل على الساحة العربية من أجل أهداف أنانية معادية للمسيرة الديمقراطية الوحدوية.
ولا يفوتنا بهذه المناسبة أن ننوه بالعمل الذي قام به الأخ محمد برادة خلال فترة رئاسته للاتحاد، ونؤكد مرة أخرى إدانتنا واستنكارنا للافتراءات التي أثيرت من جانب دوائر مشبوهة ومعادية لقيم الثقافة والحرية والوطنية والتقدم، حول زيارته لمصر التي جاءت بمبادرة شخصية نقدرها أكبر التقدير. أجرى خلالها لقاءات مع الكتاب والمثقفين المصريين الوطنيين والتقدميين ساهمت في توطيد العلاقات بين الكتاب الأحرار خارج نطاق المؤسسات الرسمية.
أيها الإخوة، لقد تحققت لاتحادكم في الآونة الأخيرة وضعية بارزة في الساحة العربية، ونحن على ثقة بأن اتحادكم سيواصل القيام بمبادرات جديدة من أجل ترسيخ العلاقات بين الكتاب الوطنيين والتقدميين على مستوى الوطن العربي، بعيدا عن المؤسسات الحكومية، والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، وتأصيل الممارسات الإبداعية.
تحياتنا القلبية لكم أيها الإخوة، وتمنياتنا لمؤتمركم بالنجاح والتوفيق، ولاتحادكم بأن يستمر منبرا حرا فاعلا.».
التوقيعات: محمد عودة، صلاح عيسى، محيي الدين اللباد، أدوارد الخراط، صنع الله ابراهيم، جمال الغيطاني، نبيل السلمى، يوسف القعيد، عز الدين نجيب، عبده جبير، جميل عطية، صبري حافظ، يحيى الطاهر عبد الله، إبراهيم أصلان، سليمان فياض، فريدة النقاش، سمير عبد الباقي، ابراهيم عبد المجيد، أمل دنقل، فاروق عبد القادر، بهاء طاهر، بهجت عثمان، عدلي رزق الله، نبيل تاج، محمد بقشيش، نبيل ناعوم، أحمد فؤاد نجم.