فتح «الملحق الثقافي» لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» كعادته في كل مؤتمر، صفحاته،في عدد 27 نونبر ،1998 للكتاب والمثقفين لإبداء ملاحظاتهم وطرح اقتراحاتهم بخصوص محطة مؤتمر اتحاد كتاب المغرب 14، وهي فرصة ظلت دوما لحظة للوقوف على الهنات ومكامن الضعف، واجتراح البدائل والحلول التي تسمح بانطلاقة أقوى للمنظمة في كل محطة تنظيمية. هنا قراءة من بعض المثقفين والكتاب لوضع الاتحاد وآفاق عمله، وهو على أبواب مؤتمره 14.
ثماني طلقات في رأس الماضي!
عزيز أزغاي
إذا كان أعضاء الاتحاد قد حرصوا على عقد مؤتمراتهم في آجالها القانونية المحددة، على عكس العديد من المنظمات وجمعيات المجتمع المدني، فإنهم حرصوا كذلك على أن تكون محطة المؤتمر فرصة للنقاش والحوار والمحاسبة المسؤولة بعيدا عن منطق المزايدات المجانية، خصوصا في المؤتمرات الاخيرة الماضية، وقبل هذا وذاك للتلاقي وتبادل الرأي والمستجدات لتقليص مأزق الجغرافيا الذي يحول غالبا، في الفترة مابين مؤتمر وآخر، دون فتح هامش للنميمة الثقافية المستحبة وللتداول في ما يسند ظهر منظمتهم ويحافظ على تميزها أمام كافة المتغيرات التي يعرفها المجتمع كل حين.
لكن والحالة هاته، ما الذي يمكن الخوض فيه بعد تجربة المكتب المركزي الحالي، بما لها وما عليها وماذا يمكن القول بصدد التحولات التي عاشتها بلادنا خلال هذه السنة، على الأقل. وعلاقة ذلك بالكتاب والمثقفين المغاربة قاطبة، بل وانعكاسه على منظمتهم بالنظر إلى الثوابت التي تقوم عليها؟
ومعلوم أن اتحاد كتاب المغرب منظمة مستقلة، ولعل أهمية هذه الصفة، بما لها من حمولة أخلاقية ومبدئية هو ما سمح للاتحاد، طوال تاريخه بتبني مواقف كانت في مجملها تصب باتجاه مناهضة كل أشكال التدجين والميوعة واستسهال الفعل الثقافي والإبداعي وفاعليتهما في تخليق الحياة العامة، كما كانت أيضا تنحو منحى تأسيسيا لمبادئ وقيم الحرية والديمقراطية في طرح وجهات النظر وفي الاختلاف، بما يساهم في الرفع من قيمة الفعل الثقافي ومن شأن المواطن المغربي وإشراكه في كافة المحطات التي تعني حاضره ومستقبله، وبما لا يتعارض مع إشراقاته التاريخية وتنوعه الثقافي والمعرفي وغناه الحضاري.
ومعلوم أيضاأن أحزاب المعارضة المغربية السابقة قد أقدمت خلال هذه السنة على تجربة ما سمي ب”التناوب التوافقي” كصيغة جديدة في القاموس السياسي المغربي، وهو ما جعلها مخاطبا مباشرا للاتحاد في العديد من الواجهات التي تعني سيره، بل وتعني سير الشأن الثقافي الوطني على العموم.
من هنا تأتي أهمية انعقاد المؤتمر الرابع عشر الذي يبدو أنه ينعقد في ظروف أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ظروف جديدة على الاتحاد وعلى طبيعة العلاقات التي دشنها في تعامله مع مختلف دواليب المؤسسات الرسمية والأجهزة الحكومية منذ أزيد من ثلاثين سنة خلت.
ترى ما الذي يستطيع الاتحاد إضافته أو تجنبه بالنظر إلى المعطيين السابقين: مكتب مركزي عانى من أزمات عنيفة، وحكومة تضم أغلب رفقاء الأمس؟
إن أهم ما ينتظر أعضاء الاتحاد يوم غد السبت وبعده الأحد هو:
1 - العمل على أن يكون المؤتمر الرابع عشر محطة نوعية وفاء لأولئك الذين وضعوا ذات تاريخ، أولى لبنات مسيرته المشرقة، وهو ما يقتضي بالضرورة استحضار كل القيم النبيلة الكفيلة بشحن الاتحاد بطاقة تأثير وإبداع وخلق مضاعفة في الحياة العامة.
2 – تجاوز كل المشاكل التي تراكمت خلال السنتين الماضيتين على الأقل، عملا بما يؤسس لتجربة مغايرة، سواء بالنظر إلى التجارب السابقة أو الى المستجدات التي طفت على سطح الساحة المغربية، وتغليب النظرة الاستشرافية على الخوض في ما أصبح في أجندة الماضي من تعثرات ساهمت أطراف متعددة من المكتب المركزي ومن خارجه، في اختلاقها.
3 – ترك الخلافات الشخصية الضيقة أمام بوابة المدرسة المحمدية للمهندسين قبل ولوج قاعة المؤتمر، والتسلح عوضها بمبادئ وتاريخ وقيم الاتحاد النبيلة حتى تكون النقاشات خلال يومي المؤتمر ذات جدوى وفعالية.
4 – العمل على أن تكون هذه المحطة فرصة لتجديد دماء الاتحاد بفسح المجال أمام فعاليات شابة أبانت في أكثر من مناسبة، عن مقدرتها على خوض تجربة التسيير مما يطور آليات اشتغال الاتحاد ويضمن انفتاحه على قارات إبداعية بقيت الى وقت قريب مغيبة.
5 – النظر في السبل الكفيلة بتفعيل صفة النفع العام، بما تتيحه القوانين المنظمة لها من مرونة ممكنة، وبما يضيف للاتحاد تراكما نوعيا في مسيرته الثقافية والإشعاعية.
6 – رسم حدود تعامل الاتحاد مع المؤسسات الحكومية والأجهزة الرسمية كلما دعت الضرورة إلى ذلك، بما لا يؤثر على استقلاليته من جهة أو يسجنه داخل شرنقته الخاصة من جهة أخرى.
7 – العمل على تدشين مسلسل لإخراج الاتحاد من دائرة البؤس التي سجن نفسه داخلها، خلال لحظات معلومة من تاريخه، بتوسيع دائرة اهتماماته وانشغالاته بما يضمن له التفاف شرائح متعددة من المجتمع حول مشروعه الاستشرافي.
8 – أخيرا وليس آخرا، المطلوب من المكتب المركزي المرتقب إيلاء جزء أكبر من جهده واهتمامه للجانب المطلبي المسجل بمختلف أدبيات الاتحاد، بما يصون لكافة الأعضاء وضعهم الاعتباري داخل المجتمع، ويضمن لهم بعض الاستقرار المعنوي والمادي معا.
ربما أسعف ذلك أحدهم يوما وهو يستعد لمغادرة جحيم هذا العبور الغامض، ونفسه خالية من بعض ليت.